القاهرة 23 يونيو 2016 الساعة 12:30 م
كتب " خالد السرجاني "- رحمه الله - في أول توليه صفحة الكتب في الاهرام؛ وقد كان من الزملاء الذين أطيح بهم في موجات متعاقبة لم تنل منه وانما نالت ممن اصدروا قرارات ابعادهم
كتب :" كان جلال السيدهو اول من حرر صفحة متخصصة في الكتب بالصحف اليومية المصرية؛ وعندما اقول متخصصة فلا اقصد انهاتعني بعروض الكتب فهذه موجودة منذ تاسيس الصحف المصرية؛ ولكني اتمني ان تتابع حركة النشر واخبار الكتب واحيانا القضايا المرتبطة بها مثل سرقة الكتب بين المؤلفين
" كانت زاويته " جولة الكتب " في العدد الاسبوعي لجريدة الجمهورية منبرا مهما لأي ناشر او مؤلف يريد ان يعرف القراء بان كتابا صدر ؛ وكان احيانا يشتري الكتب ولا ينتظر ان يرسلها له الناشر؛ ولا يطلبها من أحد
" إتذكره كل عام في كل معرض كتاب .. وأعده بأن تسير هذه الصفحة في الاهرام علي النهج الذي حاول ان يرسيه في الجمهورية
نذر " جلال السيد " نفسه للقضية الفلسطينية ؛ وقال عنه الناقد السينيمائي الكبير " سمير فريد " انه ينتسب الي سلالة عشاق الوطن ؛ ووصفه الدكتور " احمد المنزلاوي " بانه كان نظيف اليد والقلب والقلم يتحري الدقة والموضوعية والجدية فيما يقول ويكتب
وكتبت المخرجةالسينمائية " هالة جلال " ما أحببت ان يعرفه كل انسان عن انسانية وشجاعة ابيها جلال السيد : خبط عنيف علي الباب في الثالثة فجرا .. صحونا جميعا في وقت واحد .. فزع وارتباك اعاد لنا ذكريات كنا قد تصورنا انها اختفت من ذاكرتنا .. فتح ابي الباب .. ضابط بوليس يسأل : سيادتك عندك عربية بيضاء 128؟ اجابه : ايوه . الضابط : اتسرقت واحنا جبناها ؛ تعالي معانا .. بابا : اشرح أول الحكاية .. شرح الضابط ملابسات القبض علي مراهق سارق السيارة عند مشارف القاهرة واوقفه كمين ؛ قال انكو مديينه العربية ثم اتضح انه ابن صاحب الجراج وخدنا ابوه علي القسم والواد معاه وعايزين نقفل المحضر والعربية تحت البيت .. كانت عربية ماما البيضة اللي بنروح بيها المدرسة واقفة واتنين بيعجنوا في الشاب من الضرب .. تجهم ابي وقال للضابط ليه بتضربوه .. احابه حرامي يعملوا فيه إيه ؟!
بابا : انا جاي معاكم استلم العربية بس مش حاتهمه بالسرقة عشان ضربتوه وما ينفعش يتحاسب مرتين علي نفس الغلطة
تضايق الضابط ولكنه سكت ثم قال بس حضرتك بتعمل حاجة ضد القانون .. رد ابي : بعض ما عندكم !
الشاب ما اتحبسش بس انضرب هو واهله كام يوم .. ولت اسرته كلها تحبنا طول العمر
كم نفتقد " جلال السيد "
// ومات " خالد السرجاني " وحزن من اجله كل من احبوه ومن لم يعرفوه . كان واعدا صادقا مثقفا واختاره الله الي جواره في يوم زفافه
"كتب عنه " حمدي عبد الرحيم " صاحب كتاب " فيصل - تحرير - ايام الديسك والميكروباص " :
في مطلع التسعينياتعرفت قدماي الطريق الي مقهي " الندوة الثقافية " بوسط البلد ؛ اتوجه اليه عصر كل يوم ؛ ايامها كنت اشعر بسعادة غامرةلو توفر كوب شاي ورواية جيدة.. علي مقربة مني كان يجلس شاب يميل الي الشقرة يمضغ علكة ؛ ويتحدث عن الجزائر ؛ كنت اتركه يتحدث واتفرغ لالتهام الرواية التي تقع بين يدي .. عصر احد الايام مر بنا بائع كتب قديمة ؛ كان يحمل نسخة فريدة من كتاب " البداية والنهاية " للامام ابن كثير ؛ حاولت شراء الكتاب منه ؛ لكنه غالي كثيرا في ثمنه؛ جلست متحسرا علي فرصة ضاعت ؛ وعدت لاكمال قراءة الرواية
... عصر اليوم الثاني جاءني الجرسون بشنطة بلاستيكية ؛ وقال ان الاستاذ خالد السرجاني تركها لي ؛ فتحتها فوجدت اربعةمجلدات هي النص الكامل لكتاب " البداية والنهاية " .. سالت الجرسون : من يكون خالد السرجاني ؟
راح الجرسون يصفه لي حتي تاكدت انه نفس الشخص الاميل الي الشقرة .. تعجبت من الهدية وصاحبها الذي يهدي كتابا نفيسا لواحد لا يعرف اسمه
ظللت انتظر مجيئ خالد ؛ وعندما جاء شكرته فضحك قائلا : " انك لم تر علامات الحسرة علي وجهك بعد ان غالي البائع في ثمن الكتاب "
كم نفتقد خالد السرجاني