القاهرة 23 يونيو 2016 الساعة 11:21 ص
أسئلة كثيرة ومتعددة.. تحمل إجاباتها.. والتعرف علي أبعادها.. الحقائق. والأسباب.. والظروف التي خلقتها.. ووضعتها أمام المجتمع كله.. كمأزق. وعائق.. يحول دون تجاوزها.. والتغلب عليها..
من بين هذه التساؤلات. وأهمها:
û هل يظن أحد.. أن هذا الوضع.. والحالة الصعبة التي تمر بها مصر.. هو نتاج طبيعي. ومباشر.. للسياسة والأوضاع المصرية التي سادت البلاد في العامين الأخيرين؟!!
û وهل الرئيس عبدالفتاح السيسي.. الذي تولي رئاسة البلاد. خلال العامين الأخيرين.. من عام 2014 وحتي عام ..2016 هو الصانع الأول والوحيد.. الذي أخذ مصر إلي هذه الحالة الصعبة والمعقدة؟!!
û وهل كانت البلاد.. بمؤسساتها.. وأجهزتها.. وقواها المختلفة والمتعددة. كانت علي المستوي الأمثل.. وكل شيء يجري علي ما يرام؟!!
û وهل..الثورة الأولي.. التي أسقطت مبارك.. بعد 25 يناير ..2011 قد عالجت. المختل.. ورممت العيوب.. وأصلحت ما فسد. طوال عقود سابقة؟!!
û وهل الثورة الثانية.. والتي "أزاحت" نظام الإخوان. في 3 يوليو 2013. قد عالجت وتصدت للفساد. والفاسدين.. ووضعت الأطر الضرورية والبرامج العملية والفاعلة للقضاء علي الانحرافات والتجاوزات؟!!
û ثم هل شاهدنا.. بحكم الصدفة.. أو من خلال الواقع علي الأرض.. أياً من القوي.. والشخصيات "الثورية"!!.. تلك التي لم ولن تتوقف عن الحديث الأجوف. عن الفساد. وعن الفوضي.. وعن تقصير الحكم والسلطة. في علاج. ما يعكر حياة الناس.. ويقطع طريق التقدم في وجوههم؟!!
û ثم قبل هذا وبعده.. هل يمكن أن يرشدنا. أو يدلنا. أحد من هؤلاء. الثوريين المزيفين.. عن فرد أو مجموعة.. من هذه الجماعات التي لا تتوقف. عن الهجوم.. وعن النقد.. وعن الكلام.. وعن العمل لخدمة المتآمرين من الخارج. ومن الداخل علي السواء؟!!
û هل قال لنا أحدهم.. أو بعضهم.. أن هذه القوي الثورية!!.. ذهبت إلي "سيناء" مثلاً.. لتعرف وتستقصي. عن الدوافع والأسباب التي تدفع بعصابات مسلحة ومنظمة.. إلي هذه المنطقة العزيزة. ..سيناء.. . من أجل محاولة استقطاع هذا الجزء الغالي والعزيز من مصر. وتسليمه للفلسطينيين بديلاًعن الأرض الفلسطينية أصلاً.. لتضمه إلي إسرائيل كجزء أساسي من إسرائيل؟!!
وأغلب الظن.. أن الإجابة.. أو محاولة الإجابة علي هذه التساؤلات.. أو علي جانب منها.. يكفي وأكثر.. للكشف عن حالة التزييف السياسي. التي نعيشها.. وحالة الفساد. التي لم تستطع مصر.. وبعد ثورتين.. وبعد أكثر من خمس سنوات. من علاجها. والقضاء عليها. وذلك رغم الجهود الضخمة. والمضنية. التي تقوم بها السلطة الحاكمة.
* * *
يمكن أن نتفهم ونسلم بالحالة المرضية.. التي سيطرت علي السيد حمدين صباحي ومنذ نشأته. وهي أن هدفه ومقصده الوحيد. أن يكون رئيساً لمصر...
û كيف.. ولماذا.. ومن خلال أي منهج. أو طريق؟!.. لم يقل. ولم يشرح. هل قدم رؤية.. أو منهجاً. أو خطة؟!!
û وهل طاف بأرض مصر. حيث المشاكل. والأزمات.. وحيث الفساد. يعُم وينتشر.. وأظنه لم يفعل ولن يفعل؟!!
فلم يتقدم الرجل خطوة واحدة. في اتجاه سيناء.. حيث الإرهاب والقتل والتخريب. لا يتوقف بالرغم من الجهود المضنية التي يمارسها الجيش والشرطة. من أجل المحافظة علي سلامة الأرض المصرية ووحدتها.
وإذا تركت "الصباحي".. وذهبت. إلي خالد علي. وغيره. من فلاسفة السياسة والحكم.. سواء من يقدم نفسه علي أنه العليم ببواطن الأمور.. وأنه المدرك للخبايا والأسرار. والأسباب التي أخذتنا إلي ما نحن فيه.. إذا أخذتك الأوضاع في هذا الاتجاه.. ونحو هذا النوع من الزعماء!!.. لن تجد غير تلاعب "فج". ومفضوح من الكلمات. والتفسيرات. والفلسفات الجوفاء.. التي لا تعالج مشكلة.. ولا تتعامل بجدية مع حالة اجتماعية وسياسية. حالة وخطيرة..
صحيح أن العمل السياسي. والممارسة السياسية. مفتوحة. ومتاحة للجميع.. الجاد منهم.. وغير المخلص. أو الجاد.
وصحيح أن السياسة بطبيعتها. تتناول. وتتعامل:
ــ مع الطيب.. ومع الخبيث. لما تواجهه المجتمعات والشعوب.. لكن من الخطر الشديد. أن نقبل بهذه الحقيقة.. علي علاتها.. وتناقضاتها.
وبحيث يستوي أصحاب التوجهات. والمشروعات. المشبوهة والحقيرة. والمعادية للشعب والدولة.
مع أصحاب الأهداف النبيلة.. والمشروعات الإنتاجية.. ومخططات التنوير والبناء والإصلاح.
فمن يود العمل والمساهمة في إقامة دولة حديثة.. خالية من التواكل ومن الفساد والرشوة.. ومن التسليم والقبول المؤثم للواقع الصعب والمختل..
عليه أن يقدم بالفعل. وعلي أرض الواقع..
ــ مساهمة مادية. ورؤية إيجابية.. وتصوراً جديداً. من شأنه أن يزيل من طريق العمل. كل أسباب الفوضي.. وعوامل الإحباط.. وفرص الفساد والإفساد.
ــ وأن يحمل. مع غيره الرؤية. والمنهج التي تأخذ شعب مصر.. بجميع فصائله وأطرافه وأفراده.. إلي السكة التي تقضي علي الوقائع والحالات الخطأ. وتغيرها.. مع تقديم بديل فاعل ومؤثر.
* * *
لا أحد يستطيع أن ينكر.. أو يستبعد. حقيقة أن ما يعاني منه اليوم شعب مصر.. هو محصلة عقود من الحكم الفاسد. امتدت لأكثر من أربعة عقود. وأن كل نظام. تولي إدارة مصر بعد حرب أكتوبر ..1973 ترك بصمة سيئة وقبيحة علي العباد والبلاد.. وأن حركة هذه الأنظمة وممارساتها كانت تتم وتجري لتحقيق هدف مركزي وأساسي.. هو تفكيك الدولة المصرية.. وهو وقف التنمية المطلوبة بعد نصر أكتوبر.
بل وتهجير وطرد. هذه القوي التي صنعت النصر.. بشبابها.. وشيوخها.. بنسائها. ورجالها. إلي خارج مصر.. بحثاً عن عمل.
الأكثر من هذا.. أن الخطة استهدفت أيضاً.. ما أطلقوا عليه "الخصخصة".. والخصخصة التي استهدفوها ونفذوها.. لم تكن غير سلب مصر ملكية المشروعات والصناعات المصرية. التي أسهمت بشكل عملي واضح في بقاء مصر قوية. وقادرة علي استمرار رفضها للعدوان الإسرائيلي.. وقادرة علي مواصلة الحرب لتحرير الأرض المصرية.. وتحرير كل شبر من الأرض.. وهو ما تم إنجازه في أكتوبر .1973
وبالتالي.. كان علي العدوان الجديد.. صاحب قرار لا حياد عنه.. وهو:
ــ حرمان مصر.. من شبابها.. ومن نُخبها.. ومن رجالها ونسائها.. بالتهجير.. وحرمان مصر من عناصر وأسباب استمرارها وقدراتها بتصفية كل عناصر العمل والإنتاج.. بشراً. ومقومات. وأدوات.. سواء بإغلاق مؤسسات الإنتاج ومصانعه. أو ببيعها للخارج.
وكان البديل الجاهز. والمعد والمتفق عليه.. هو القضاء علي الإنتاج المحلي.. والاعتماد الكامل علي المستورد. وهو ما تطلب القضاء علي زراعة القطن. وغلق المحالج. والمغازل. ومصانع النسيج.
* * *
هذه الخطة التي تم فرضها. وتنفيذها.. وفي أعقاب حرب أكتوبر 1973. هي التي أخذت مصر.. والشعب المصري إلي ما وصلنا إليه. وهي التي رسخت في عقول ونفوس الشعب المصري. الاقتناع بوجوب وضرورة إسقاط نظام مبارك.. ومن بعده حكم المجلس العسكري.. ومن بعده تمكين الجماعة وعملائها. عملاء الخارج. من تولي السلطة.. وخروج الشعب كله في 30 يونيه 2013 .ليسقط كل هذه "الفلول".. ليبدأ مرحلة. جديدة. ونظيفة.. خالية من العملاء والخونة والمأجورين.
ثم جاءت المفاجأة الكبري.. وهي أن المجموعة. التي ورثت ثورة يوليو 2013 لم تكن للأسف "مجموعة وطنية".
فقد تولت سلطة ومسئولية. لا ينافسها عليها أحد.
لكن اتضح أن المخطط والمدبر "الخارجي".. لم يكن موافقاً ولا مقتنعاً بهذا الانتقال بالسلطة.. من جماعة الإخوان وحلفائهم.
إلي جماعة أخري. علي رأسها شخصيات. لها رصيد شعبي.. بصرف النظر. عما إذا كان لهذه الشخصيات برنامج وطني.. أم أنها مجموعة من الورثة لا رؤية لها.. إلا ما يفرضه عليها الخارج.
وبالفعل.. وبأوامر من الخارج.. رأينا أقطاب المجموعة.. صاحبة الحكم والسلطة. وبلا منازع.. تتسرب إلي خارج البلاد.. وتترك فراغاً.. ظنوا ومَن يحركهم.. أن هذا الفراغ هو الذي سيأخذ مصر إلي الفوضي.
انسحب "البرادعي".. وانسحب بعده حلفاؤه.. وتركوا البلاد.. تتنازعها. قوي وجماعات. وشخصيات.. همها الصعود إلي قمة السلطة.. ولم يتقدم أحد من هؤلاء الباحثين عن الرئاسة بموقف أو رؤية.. تساعد علي الحركة بالمجتمع.. في الاتجاه الصحيح.
واستطاع الجيش والأمن والشعب معاً أن يمسكوا بالوضع.. وأن يحولوا دون الانهيار.
وعلي امتداد العامين الأخيرين.. تمكن الرئيس السيسي ومن معه أن يعيدوا البناء.. دستور دائم.. رئيس منتخب.. وبرلمان شعبي.
لكن الحصار لمصر. وشعب مصر.. تضاعف.. وتعددت أشكاله. وأساليبه.
حصار اقتصادي.. وسياسي.. واجتماعي.
الغريب.. وبعد أن تكشفت كل الأهداف الدنيئة.. وبعد أن تصاعدت الأزمات.. لم يعلن العملاء التوبة.. ولم يحاول البعض ممن يعتبرون أنفسهم أهل الرأي والخبرة والوطنية أن يراجع نفسه.. وينضم إلي صفوف الناس.. ويأخذهم إلي مجالات العمل المشترك.. ومن جانب الكل.. لتغيير الواقع الصعب والبناء من أجل مصر والمصريين.