القاهرة 16 مارس 2016 الساعة 02:35 م
اليوم الثاني والثالث من أجازة صاحبنا كان يشارك في مؤتمر حول " الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني وتداعياته على أمن دول الخليج العربية وعلى الأمن القومي العربي" وهذا المؤتمر الدولي الذي شاركت في تنظيمه جامعة الدول العربية والمجلس المصري للشؤون الخارجية بصفته الرئيس الدوري للمنتدى النووي العربي ، وشارك فيه باحثون ومفكرون ودبلوماسيون من عدة دول عربية ومن المسئولين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحاوروا وتناقشوا بحب ومودة وبحث عن المعرفة للاسترشاد بذلك في عملهم ولتقديم رؤيتهم للأوضاع في الأمة العربية الحائرة أو التائهة في بيداء الأحداث .وكانت مشاركة صاحبنا بصفته الشخصية معبرا عن خبرته ومعرفته ولا يمثل أية دولة وحرص أن يسجل اسمه بهذه الصفة في برنامج المؤتمر..
وقد خلص المؤتمر بعد مناقشات ومداولات استمرت على مدى يومين كاملين إلى عدة نتائج أو هكذا ما توصل إليه صاحبنا من مشاركته في مداولات المؤتمر ، وتتمثل في مجموعة من الافكار يمكن وفقا لرؤيته أن يلخصها في النقاط التالية :
دول في منعطف خطير في تاريخهم ، فقد وصفهم الله كأمة، بقوله "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " آل عمران الاية 110 . وهاهم يعيشون لحظة فارقة وخطيرة في تاريخهم ؛ حيث تتكالب عليهم الشعوب كما تتداعي الأكلة على قصعتها ، فالشرق والغرب يخططان أو هكذا الصورة تبدو في هذه المرحلة - لتدمير هذا العالم العربي والإسلامي ، وهكذا تصور بعض المشاركين أن إيران وتركيا وإسرائيل كل منها تعمل لمصلحتها وضد مصلحة
العرب . فإيران الفارسية الشيفونية الصفوية ، كذلك الأمر بالنسبة لتركيا العثمانية والاردوغانية وللعجب العجاب ،إن محور تلك الأساليب الخادعة- التي رفعت هاتان الدولتان شعاراتها - هو الإسلام والطائفية، وكلاهما برئ من هذه الاساليب المليئة بالطموحات الذاتية والبعيدة عن جوهر الاسلام، وإنما لب التدخل هو السعي للسيطرة وبسط النفوذ وجوهره هو الاستعلاء بالذات والنظرة الدونية للعرب.
أما إسرائيل فهي نفعل نفس الشيء وانما باسم الدين والعرق الذي يمتزج أو امتزج تاريخيا بالدين بالنسبة لأحفاد سيدنا يعقوب الذي تغير اسمه لاحقا الي إسرائيل بناء علي توجيه الله العلي القدير ومن هنا تحدثت الدولة العبرية دائما عبر مصطلحات مثل أرض الميعاد و شعب الله المختار في مرحلة زمنية قديمة، ولكنهم أطلقوا البعد الزمني ليكون عبر العصور وفي نفس الوقت نسوا الله كما نسوا شروط الاختيار .وركزوا على مفهوم التوسع والسيطرة مستعينين بكل قوة دولية صاعدة في كل مرحلة زمنية ؛ حيث قدمت لهم بريطانيا وعد بلفور الذي قال عنه الزعيم جمال عبد الناصر "أعطي من لا يملك وعدا لمن لا يستحق واستطاع من لا يملك ومن لا يستحق بالمكر والخديعة أن يسلبا صاحب الحق حقه أي الفلسطينيين. كما زودتهم فرنسا بأول مفاعل نووي ، وروسيا بهجرة الملايين من اليهود ، وأمريكا بأحدث الأسلحة والأموال الهائلة وبحق الفيتو العجيب الذي يقضي على أية حقوق للآخرين بل ويرفض الاعتراف بها ، ويرفع راية الصلابة في موقفه لمصلحة هذه الدولة المعتدية الساعية ضد ارادة الفلسطينيين في الاستقلال واغتصاب ابسط حقوقهم وقد صور الشاعر العربي هذه الحالة المأساوية وازدواجية المعايير الغربية بقوله :
قتل أمري في غابة جريمة لا تغتفر
وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر
وهكذا تطورت المشكلة الفلسطينية من سلب أرض صغيرة بوعد لوطن قومي لليهود الي اغتصاب شبه كامل للأرض الفلسطينية . واستمر الفلسطينيون كشأن باقي العرب سادرين في نزاعاتهم وخصوماتهم مع بعضهم البعض وصدق عليهم قول الشاعر :
إن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة علي النفس من وقع الحسام المهند
وقد ظلم الفلسطينيون أنفسهم بالاعتماد علي الغير ليحلوا لهم مشكلتهم الوطنية كما إنهم وقعوا في فخ الخديعة ببيع بعض اراضيهم . كما ظلموا من قادتهم وزعمائهم بالحفاظ علي القضية والمتاجرة فيها بلا
رؤية استراتيجية تقوم علي قرءأةوإدراك طبيعة المتغيرات الدولية وتأخذ مواقف واقعية في ظلها بدلا من التمسك بالعنتريات لتقديم تنازلات في كل مرحلة لاحقة عما كانوا يطالبون به في مرحلة سابقة والانكي التنازع فيما بين أنفسهم. وكما ظلمهم أيضا اخوتهم الاشقاء من العرب بالضعف والتخاذل واستقطابهم لمصلحة هذه الدولة.
أو تلك ولمصلحة هذا الحزب أو ذاك. لقد وصل الخلاف والشقاق بين بعض الفصائل الفلسطينية درجة من العداء مثل وربما يفوق العداء بين الفلسطينيين وإسرائيل. ولذا صدق عليهم قول الله تعالى لَا يُقَاتِلُونَكُمْجَمِيعًاإِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ? بَأْسُهُمبَيْنَهُمْ شَدِيدٌ?تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى?ذَ?لِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ)(14 " سورة الحشر. وعمل هؤلأء عكس ما ورد عن أصحاب رسول الله بقوله " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود " الآية 29 سورة الفتح. إنهم سلكوا وتصرفوا بمفهوم عكسي فبأسهم بينهم شديد وهم أكثر رهبة وخوفا ورعبا من عدوهم ، إنهم يركعون ويسجدون بلا روح ولا روحانية ويقتلون بعضهم بعضا كمايشوه العرب والمسلمون صورة الإسلام الحنيف باسم الإسلام ، وها هي داعش وحالش والقاعدة وأشباههم تعيث في الأرض فسادا ، وها هي كل طائفة لا تذكر أختها الإ بكل سوء، سبحان الله هذا عكس ما أمرهم به الله العلي القدير ، إنهم يساعدون عدوهم على تدميرهم لأنهم يهيئون له كل السبل، لذلك لقد أخفق العرب والمسلمون في ادراك حكمة الله من التعدد والاختلاف في الاشكال والالوان واللغات والعقائد والاديان والملل والنحل وهي حكمة ترتبط بارادة االله العلي القدير في اثبات قدرته وتأكيد ارادته بان التنوع يتطلب التعاون والتكامل ولا ينبغي أن يؤدي إلي الصراع والتخاصم والتنازع وتكفير الاخر او كراهيته وانما هو دعوة للتسامح وادراك الحكمة الالهية وهو ما عجز العرب والمسلمون عن إدراكها.
الخلاصة الثانية من المؤتمر تتماشى مع مقولة المفكر السعودي المبدع عبد الله القصيمي في وصفه للعرب بأنهم ظاهرة صوتية وهي لا تقتصر على الأفراد العاديين وإنما تشمل بصورة أكثر وضوحا خلافات المثقفين التي لا تنتهي ، وخلافات السياسيين فيما بينهم بلا وعي ولا حكمة ، وقرارات المنظمات العربية التي يتم انتهاكها قبل أن يجف مدادها ، وفي مقدمتها قرارات أصحاب الجلالة والفخامة والسمو على مستوى القمة ، وتتساءل عن الحكمة الأزلية في أن العرب يقولون ما لا يفعلون ، وعن قرارات يتخذونها ولا ينفذونها ، إن هذا لعمري لشيء عجيب وعجاب
الخلاصة الثالثة في المؤتمر إنه آن الأوان لصيحة عربية على غرار ما حدث في التاريخ بقول إمرأة " ومعتصماه " عندما اعتدى عليها أحد الأعداء في منطقة حدودية وأدى ذلك لهبة قوية عربية وإسلامية بإرسال جيش الخليفة المعتصم بالله العباسي لنجدتها . بينما صاح لسان حال المثقفين والخبراء العرب في المؤتمر " واعروبتاه" ولكن هيهات هيهات ، فلا مجيب ولا سميع لصيحتهم بل تفرق واختلاف وعدم تروي، و عدم حكمة وتقديم تنازلات عما هو حق لهم بموجب معاهدة منع الانتشار النووي مثل البرامج النووية للإغراض السلمية وحق التخصيب لليورانيوم وعن التوافق وعن العمل المشترك كل على حده منفردا وكأنه يقول للسبع او القوة العظمي أنا رهن يديك فافعلي بي ما تشئين .إنه حالة من صراع مكتوم حينا وعلانية حينا آخر ، والقافلة العالمية تسير والإقليمية تعمل، أما العرب فهم ظاهرة صوتية يتنازعون فيما بينهم كما حدث مع حريق روما القديمة وكان نيرون يشاهدها تحترق ولا يفعل شيئا ، فالعرب ساسة وقادة ومثقفون يتحاورون ويتنازعون وينسون العمل والإنجاز في حين أن أعداءهم سواء من دول الجوار أو من القادمين من بعيد يعملون وينجزون لتقوية بلادهم وأوطانهم وأيضا لتدمير حضارة الشعوب العربية ببث الخلافات بينهم باسم الدين أو الطائفية أو العرق ، وهكذا أصبح بأسهم بينهم شديد واستجابتهم اللاشعورية لنداء الأعداء طيعة وفورية وإصابتهم بصمم فلا يسمعون نداءات شعوبهم ومطالبها تكاد تكون ظاهرة للعيان بل تكاد تناديهم بلسان عربي فصيح لا يفقهونه لما أصابهم من عجز وتخلف ثقافي وسياسي واقتصادي وتكنولوجي وعلمي.
الخلاصة الرابعة : هل هناك ضوء في نهاية النفق ؟أم أن النفق مسدود ؟ إنه عالم مجنون مجنون يا ولدي ويا شعبي ويا قادتي ،هكذا يصيح المواطن العربي العادي الذي تحول إلى كم مهمل أو إلى جياع يشعر بأنه مثل اللئام علي مائدة الكرام ، أو أنه لقمة سائغة للسباع البشرية ( يتبع)