القاهرة 23 فبراير 2016 الساعة 02:34 م
وصلنا الى نهاية الطريق ، واصبح المسرح جاهزا ، فهناك يقظة عربية تضع اللمسات الاخيرة على المشهد ، لوضع الخاتمة واسدال الستارة ، بعدما انتهت اللعبة ، وبعد الاقرار بفشل المشروع القائم على قرار اعادة ترتيب المنطقة ، وعلى قاعدة تغيير الانظمة والحدود ، وتوزيع «تركة الدولة العربية « والغنائم على جنرالات الطوائف وقيادات الاقليات ، عبر امتدادات غربية في البلاد العربية.
راهنت واشنطن على ادوات عربية واسلامية متطرفة لخلق صراع بديل وحروب مصطنعة في البلاد العربية ، من اجل تكريس واقع عربي جديد يخلط الاوراق ويغير الاولويات في سلم القضايا القومية. ولكن التنظيمات السياسية الاسلامية المتطرفة ارتكبت كل الاخطاء والخطايا والجرائم والفظائع التي افشلت مشروعها وهو في المهد ، وافقدتها البيئة الحاضنة على طول الهلال الممتد من امارة «باكو حرام « في نيجيريا الى دولة «ماكو حرام» في العراق ، ومن قتل العمال المصريين في درنة الى حرق الطيار الشهيد معاذ الكساسبة في الرقة... انها درب طويلة متعثرة غارقة بالدم والفظائع والضربات المرتدة.
امام هذا المشهد ، لايمكن ان يختلف اثنان حول قرب نهاية هذا المشروع القائم على الوهم والدم والترويع. ويعتقد كثيرون ان العد العكسي للنهاية والخاتمة التراجيدية للتنظيمات المتطرفة المتعصبة قد انطلق بتسارع نحو آخر الطريق ، بعدما انفّض من حولها كل الذين آمنوا بها قبل اكتشافهم الحقيقة التي قادت الى الصدمة الجمعية ، وبعدما اصطدمت بالمصالح العليا للدول القطرية العربية ، واصبحت خطرا على هوية القومية للامة على امتداد الوطن العربي الكبير.
هذه التنظيمات نجحت في هدم البنية التحتية ، وتخريب الهيكل الاقتصادي في اكثر من بلد عربي ، كما نجحت في احداث شرخ كبير في نسيج المجتمعات في البلاد العربية المعنية ، كذلك اشغال الجيوش العربية بهدف استنزافها ، خصوصا في دول الطوق ، كما في دول العمق الاستراتيجي ، والتي كان آخرها الجيش المصري ، بهدف اجبار الدول العربية على القبول بالمشروع المشبوه لعدم القدرة على الرفض والمواجهة ، وتحت ضغط الحاجة الاقتصادية والارتهان السياسي.
وعلى سيرة الجيش المصري ، من الواجب ان نشير ونذكّر بان الجيش المصري نجح في القيام بالحركة التصحيحية التي اعادت لمصر هويتها وحضارتها وتاريخها ، واعاد لمصر دورها القيادي المؤثر على الصعيد العربي وفي الساحة الدولية ، وقد تم ذلك في اللحظة التاريخية المناسبة ، لأن مصر كانت ستنجر الى التدخل المباشر في سوريا لدعم التيارات السياسية الاسلامية ، ولا ننسى صرخة الرئيس الاسبق محمد مرسي عندما قال في خطابه امام حشد من انصاره وجماعته: «لبيك يا سوريا»...لذلك اصبحت مصر مستهدفة بعد التغيير.
وليس صدفة ان نستيقظ في ذكرى قيام الوحدة المصرية السورية التي قامت في 22 من شباط - فبراير عام 1958 ، والتي مثلت البداية الحقيقية لتحقيق امال واحلام الامة ، لنرى ان الجيش الاول في سوريا مشغول في حرب داخلية اهلية ، وضد تيارات سياسية مسلحة مدعومة من الخارج ، وفي الوقت ذاته نرى الجيش الثاني والثالث في مصر يخوض حربه على الارهاب في الداخل والخارج ، لافشال مشروع شيطاني استهدف تفكيك الدول العربية وتفتيت مجتمعاتها وطمس هويتها.
وهذه الذكرى ، في هذا الواقع ، تعيدنا الى زمن محمد علي باشا عندما ارسل ابنه القائد ابراهيم الى بلاد الشام وهو على قناعة تامة انه جاء يقاتل في بلاد الشام دفاعا عن مصر وعن وحدة بلاد الشام ومصر ، وهو المشروع الذي احبطته الدولة العثمانية بالتحالف مع دول اوروبية ، لأن الولايات المتحدة لم تكن قد وصلت الى المنطقة في ذلك الزمن.
واليوم ، رغم كل هذه الهجمة الجامحة الجامعة التي يقودها المتطرفون الارهابيون العالقون في التاريخ ، ورغم هذا الحجم من الدعم المالي والعسكري لهم ، لن تنكسر روح الامة ، ولن يمر مشروع التقسيم ولن يتم توزيع الغنائم على الطامعين في الداخل والخارج.