القاهرة 02 اغسطس 2015 الساعة 11:51 ص
فيما تستعدّ مصر لافتتاح قناة السويس الجديدة، تعاني قنوات مصرية ضعف التخطيط الاستراتيجي لهذا الحدث الكبير. بعضها يعيد دراما رمضان الأخير، وبعضها الآخر بدأ عرض مسلسلات أقدم مثل «المواطن إكس» و?«ذات»، وثمة من أعاد الأعمال التركية والهندية إلى خرائطه. أما التلفزيون المصري العام فيعرض «قصة مدينة» للكاتب أبو العلا السلاموني والمخرج أحمد خضر، وهو من أعمال التسعينات عن نشأة مدينة بورسعيد عبر تجمعات القادمين للعمل في مشروع قناة السويس الأول.
هذه القنوات لم تفكر في التقدم خطوة في إطار تغطيات أكثر قيمة للخطوط والدوافع التي تحكم الحركة في المجتمع المصري اليوم. هذا المجتمع الذي سارع الكثيرون فيه إلى تمويل مشروع القناة الجديدة من مدخراتهم، هو نفسه الذي ينظر بعين الشك إلى مشاريع أخرى تعرض عليه على شاشات التلفزيون بإلحاح، وهو نفسه الذي تعوّد أن يلجأ الى الإعلام للشكوى من الفساد، لكنه صار في الوقت عينه قليل الثقة في هذا الإعلام، يشكو منه ويتهم بعض أقطابه بأنهم يعملون لأجل مصالحهم، لتصبح القضية أزمة ثقة حادة في الإعلام وفي ما يقدمه، ما دفع بالكثيرين إلى البحث عما يرضيهم خارجه.
قناة «الحرة» تقدم برنامجاً بعنوان «نبض الشارع» يهتم بقضايا الحياة المصرية، معتمداً على فريق عمل مصري من الشباب الذين يحاورون الناس العاديين في القرى والمدن والأحياء الشعبية، وصولاً إلى مناطق الحدود مع «مرسى مطروح»، كما حدث في حلقة ماضية، موضوعها الموسيقى الشعبية. أما قناة «بي بي سي» البريطانية فتقدم برنامجاً عن «السينما البديلة» في مصر، حقق نسبة مشاهدة عالية قبل أن تقدم برنامجاً آخر عن المدن والقرى المصرية البعيدة، حيث يذهب مقدمه لسؤال الناس عن أحوالهم تحت عنوان «دنيانا». وليس صدفة أن ينطلق هذا البرنامج الإنكليزي الناطق بالعربية بعد انطلاق البرنامج الأميركي «نبض الشارع» على قناة «الحرة» وتحقيقه نجاحاً مؤكداً في الوصول إلى أماكن في مصر لم تصل إليها القنوات المصرية بعد.
وثمة برنامج آخر حقق نجاحات مهمة في تجواله من الأردن إلى العراق ومن الكويت حتى موريتانيا، «مع أكرم خزام»، ليصبح السؤال: هل يشعر المشاهد المصري بأن قنواته لا تقدم ما يريده لأنها عاجزة أم لأن لها اهتمامات أخرى؟ وفي إطار تعاظم الشعور بالأزمة يتذكر المشاهد أن بعضاً من أصحاب البرامج المرموقة الآن يتباهى أمام مشاهديه بأنه كان حاضراً للقاء تم مع الرئيس، أو أنه كان مدعواً لزيارة قناة السويس الجديدة قبل انتهاء العمل فيها. ولأن هذه الزيارات لا تترجم إلى برامج تقدم ما يحدث ضمن المشروع ونوعيات البشر الذين قدموا للعمل فيه وأحوالهم، كأن مقدم البرنامج يتباهى بما حققه من نفوذ وهو ما لا يحدث في البرامج التي لا يعرف مقدميها، لهذا يترك المشاهد برنامجاً شهيراً للبحث عن برنامج آخر، قد يرى فيه نفسه، أو يقدمه إعلامي أكثر تواضعاً يهتم بما يقوله الناس. فهل يتنبه الإعلاميون الذين كانت لهم بدايات مبشرة إلى أن جمهورهم يغادرهم. ربما لا.