بقلم : د. زاهي حواس
عند زيارة الرئيس الأمريكي السابق "بيل كلينتون" لأبي الهول، قصصت عليه حكاية السرداب وما رواه لي الشيخ عبد الموجود عن قصة لعنة السرداب وأبي الهول، فضحك قائلا : اللعنة التي حدثت لي في حياتي كافية وأكثر من لعنة أبي الهول.
عند زيارة "بيل كلينتون" لأبى الهول , قصصت علية حكاية السرداب وما رواه لى الشيخ عبد الموجود عن قصة لعنة السرداب وأبى الهول , فضحك فائلا : اللعنة التى حدثت لى فى حياتى كافية وأكثر من لعنة أبى الهول |
"النبي الأمريكي".. "إدجار كيسي" كان نجارا وعلى معرفة بالطب، ويقال إن علمه بالطب مكنه من تجهيز وصفة طبية ساعدت ابنه على الشفاء من العمى واتجه "كيسي" بعد ذلك لدراسة الماضي . • ادعى كيسي أن اسمه كان "رع كا"، وعاش من قبل في قارة "أطلانتس"، وعاد إلى مصر القديمة عندما دمرت القارة ومعه صندوق بداخله كل التكنولوجيا الخاصة بهذه القارة المفقودة و بهذه التكنولوجيا تمكن مع المصريين أن يبني الأهرامات وتمثال أبي الهول، ومن بعدها دفن هذا الصندوق أسفل أبي الهول تحت القدم اليمنى .
عندما ذهبت هذا الأسبوع لزيارة تمثال أبي الهول جلست أنظر إلى وجهه متأملا، ودار بخاطري كل ما يحمله التمثال من أسرار، متذكرًا كل من وقف أمامه من العظماء، وبالطبع جاءتني ذكريات جميلة عشتها طيلة ثلاثين عاما من العمل الأثري، كان لأبي الهول فيها دور عظيم .
تذكرت عام 1974، عندما عينت مفتشا لمنطقة آثار الأهرامات. كانت قصة تعييني مثيرةحيث حدثت سرقة لمخزن الآثار بالهرم في ذلك العام؛ فقد نقر اللصوص الحائط الشمالي لمخزن الآثار بالمنطقة، وسرقوا صناديق مليئة بالآثار، ووقتها كان الراحل الدكتور جمال مختار رئيسا لهيئة الآثار، فكلف اللواء عودة أحمد عودة بالبحث عن شاب ليعيد للمنطقة الأمان والهدوء، وكنت أعمل في ذلك الوقت مفتشا للآثار بمنطقة "أبو سمبل" وفوجئت بإشارة تليفونية من اللواء عودة يطلب حضوري إلى القاهرة فورا. وفور علمي بالأمر وافقت وشرعت في وضع لتنظيم وإعادة الانضباط للحراسة بالمنطقة. وبدأت أيضا بمرافقة صديقي الدكتور أحمد الصاوي في معاونة البوليس في البحث عن الآثار، وتمكنا من العثور على الصناديق الأثرية بترعة المنصورية المجاورة لقرية نزلة السمان، وكتبت عن هذا الموضوع بالتفصيل في كتابي "أسرار من الرمال" الذي صدر باللغة الإنجليزية، وسوف يصدر قريبا باللغة العربية. أثناء هذه الأحداث المثيرة، قدمت نفسي لأول مرة لأبي الهول؛ وعند أبي الهول تقابلت مع صديقي الدكتور "مارك لينر"، الذي يعمل حتى الآن بالحفائر بالجيزة، وهو أيضا رئيس مدرسة لتعليم الحفائر بشباب الأثريين .
ولصديقي "مارك" قصة طريفة، فعندما قابلته لم يكن بعد دارسا للمصريات وإنما جاء إلى مصر باحثا عن الحقيقة؛ فمارك كان على علم بما كتبه "إدجار كيسي" أو كما يطلق عليه الأمريكيون "النبي الأمريكي" . "إدجار كيسي" هذا كان نجارا وعلى معرفة بالطب، ويقال إن علمه بالطب مكنه من تجهيز وصفة طبية ساعدت ابنه على الشفاء من العمى. اتجه "كيسي" بعد ذلك لدراسة الماضي. كان من بين طقوسه الغريبة خلع رابطة عنقه وغلق عينيه، والشروع بعد ذلك في الحديث عن الماضي وزاد على ذلك بأن ادعى أن اسمه كان "رع كا"، وأنه عاش من قبل في قارة "أطلانتس"، وعاد إلى مصر القديمة عندما دمرت القارة ومعه صندوق بداخله كل التكنولوجيا الخاصة بهذه القارة المفقودة. بهذه التكنولوجيا تمكن مع المصريين أن يبني الأهرامات وتمثال أبي الهول، ومن بعدها دفن هذا الصندوق أسفل أبي الهول تحت القدم اليمنى.وأخذت قصة "كيسي" منحنى آخر، حين حضر ابنه "هيولين كيسي" لزيارة مصر ومعه مئات من أتباع "كيسي"؛ عندها عقدنا معهم مؤتمرا، هم يقدمون كل ما قاله "كيسي"، ونحن نفند ادعاءاتهم ونؤكد لهم أنها كلها خرافات لا أساس لها من الصحة. بدأنا الحفر بجوار أبي الهول، وتأكدنا أن الطبقات الأثرية في منطقة أبي الهول تبدأ بطبقات الدولة القديمة، وفوقها طبقات الدولتين الوسطى والحديثة، والعصر المتأخر، ثم العصر اليوناني الروماني، وهذا في الحقيقة تأكيد على عدم وجود أي دليل أثري أو استنباط لفترة ترجع إلى 10000عام، كما يدعي "كيسي" وأتباعه. بل وواصلنا الحفر حفر التمثال، وأعدنا تنظيف كل السراديب داخل التمثال وأسفله يقع السرداب الأول خلف لوحة الحلم مباشرة وطوله حوالي مترين؛ أما السرداب الثاني فيقع خلف رأس التمثال من أعلى، وعمقه حوالي خمسة أمتار داخل جسم التمثال ذاته. وإلى الناحية الشمالية من التمثال يقع السرداب الثالث ، الذي في الحقيقة لم ندخله ،ولكن لدينا صور لحفائر "مسيو باريس" الفرنسي الذي رمم تمثال أبي الهول. من بين هذه الصور ما يوضح مجموعة من العمال أثناء العمل داخله. إلا أن قصة إعادة اكتشاف آخر هذه السراديب هي بحق طريفة إذ أرشدنا إليه الشيخ محمد عبد الموجود الذي كان من الفنيين العاملين في الجيزة وقد توارث هذه المهنة عن أجداده فقد قال لنا إنه سمع عن وجود سرداب خلف أبي الهول وأن كل من دخله أصابته لعنة أبي الهول؛ إلا أننا لم نعبأ بما ذكره الشيخ محمد عبد الموجود عن لعنة أبي الهول، وحفرنا حتى وجدنا السرداب - بطول 15 م وبداخله حذاء قديم تركه من دخله قبلنا في العصر الحديث. عند زيارة الرئيس الأمريكي السابق "بيل كلينتون" لأبي الهول، قصصت عليه حكاية السرداب وما رواه لي الشيخ عبد الموجود عن قصة لعنة السرداب وأبي الهول، فضحك قائلا : "إن اللعنة التي حدثت له في حياته كافية وأكثر من لعنة أبي الهول". وبعيدا عن لعنة أبي الهول، درسنا هذه السراديب علميا واتضح أن المصريين القدماء حفروها في العصور المتأخرة ربما بحثا عن أسرار أبي الهول الذي كان بالنسبة لهم أثرا غاليا يرمز إلى مجد مصر في عصر الدولة القديمة. فالعصر المتأخر في مصر خاصة العصر الصاوي (القرنين السابع والسادس قبل الميلاد )، كان عصرا شعر فيه المصريون بالحنين إلى أمجاد الحضارة المصرية القديمة، خاصة عصر بناة الأهرام؛ فجابوا البلاد باحثين عن كل التقاليد الحضارية لعصر بناة الأهرام لإحيائها. خلال عملي بمنطقة الأهرامات قابلت ملوكا وملكات وممثلي سينما عالميين، منهم : إليزابيث تايلور، والملكة صوفيا، وسلمى حايك، وكيرت راسل، وجولدي هون، وسوزان ساراندون، وجاكلين بيسيه، وشاكيرا، وجورج لوكاس وأخيرا جاءت بيونسيه وعندما وجدت أن الحارس المرافق لها لم يتبع أصول الضيافة لم أجد أمامي غير أن أطلب منهم مغادرة المكان.
قمنا أيضا بالحفائر بمنطقة أخرى تقع إلى الشمال من أبي الهول بمسافة 15 م أسفل الجبانة الشرقية لهرم "خوفو"، وعثرنا على بقايا مدينة سكنية من العصر الروماني كان يطلق عليها اسم "بوزيريس"، بالإضافة إلى مقبرة تقع على عمق 20م تحت الأرض ترجع للدولة القديمة، لكن أهم ما استطعنا أنا و"مارك لينر" تقديمه هو دراسة : تمثال أبي الهول ومعرفة تاريخه ووظيفته. لقد أثير حول تأريخ تمثال أبي الهول الكثير من الجدل في العقدين الأخيرين، حيث خرجت بعض الأبحاث الأثرية مؤكدة أن التمثال يعود إلى عصر الملك "خوفو" وليس الملك "خفرع". ونحن نشارك في هذا الجدل العلمي مقدرين أهمية النقاش العلمي في مجال علم المصرياتومشاركين فيه بما استنتجناه من حفائرنا. كان تمثال أبي الهول جزءا من المجموعة الهرمية للملك "خفرع" وما يؤكد ذلك هو وجود قناة تصريف مياه تقع إلى الجانب الشمالي للطريق الصاعد الخاص بهرم الملك "خفرع"، تصب داخل المنطقة التي نحت فيها التمثال إلا أنها قد ردمت تماما بواسطة عمال الملك، ربما أثناء أو بعد الانتهاء من نحت تمثال أبي الهول؛ لضمان عدم وصول المياه إلى منطقة التمثال مرة أخرى. من بين مباني المجموعة الهرمية للملك "خفرع" معبد خاص لأبي الهول إلى جوار معبد الوادي، وهذا التجاور بين المعبدين يستشف منه أن من شيدهما معا هو مهندس الملك "خفرع". أهم من الناحية الفنية فتمثال أبي الهول لا يتفق مع تمثال "خوفو" الصغير الموجود بالمتحف المصري، بل هو شديد الاتفاق والاتساق مع كافة تماثيل "خفرع". وواقع الأمر أن تمثال أبي الهول يصعب تكهن وظيفته ضمن مجموعة "خوفو" الهرميةإذا ما افترضنا جدلا أنه نحت خلال عصر "خوفو". وعلى العكس تماما فوجوده ضمن مجموعة "خفرع" دعت إليه العقيدة الملكية الجديدة التي بدأها الملك "خوفو" ذاته؛ ف"خوفو" كان تجسيدا لإله الشمس "رع" وعليه فإن تمثال أبي الهول يمثل "خفرع" الابن في هيئة "حورس" مقدما القرابين لأبيه "خوفو" أو "رع" الموجود داخل معبد أبي الهول؛ فهذا المعبد هو معبد للشمس به 24عمودًا يمثلون ساعات الليل والنهار ومقصورة شرقية خاصة بطقوس شروق الشمس وأخرى غربية خاصة بطقوس غروب الشمس . من الحقائق الأخرى التي تبينت لنا عن تمثال أبي الهول، هو أن الجسم الصخري للتمثال منثلاث طبقات : الطبقتان الأولى والثانية، من أسفل جزء من التكوين الجيولوجي الذي يعرف باسم "هضبة المقطم" وهما طبقتان تركيبهما الجيولوج