القاهرة 24 مايو 2015 الساعة 01:46 م
• في محاولة من صانعي الفيلم لإضفاء أهمية على العمل أهدروا مساحة كبيرة في قضايا فرعية ساذجة !
بطل هذا الفيلم ليس تاجر مخدرات أو «ديلر»،كما اعتادت السينما المصرية تقديمه،بل يمكن أن نُطلق عليه «خبير مُثمن» يملك قدرة فائقة على التفريق بين المخدرات الأصلية والمضروبة،وتقدير الثمن الحقيقي الذي تستحقه،ومن ثم فهو صاحب قرار إتمام الصفقة أو إلغائها.
شخصية جديدة تماماً على الدراما المصرية،وليس لها مثيل من قبل على الشاشة العربية؛كونها تكشف مهنة مجهولة،وتضع أيدينا على تفاصيل جديدة في عالم المخدرات الذي استهلكته السينما المصرية حتى الإدمان !
هكذا رأينا «كرم الكينج»،الذي رسم ملامحه وتفاصيله ياسر عبد الباسط،في أول تجربة يكتب فيها للسينما،وأزعم أنها التفصيلة الوحيدة الطازجة في الفيلم الذي شارك في كتابة السيناريو والحوار له مصطفى سالم؛فالمخرج حازم فودة الفيلم الذي شارك في كتابة السيناريو والحوار له مصطفى سالم،وأخرجه حازم فودة؛الذي قيل إنه شارك في إخراج فيلم «بوشكاش»،لكن المنتج اكتفى بكتابة اسم أحمد يسري فقط على نسخة الفيلم،
بدد الفرصة،وتجاوز الجدة، واختار أن يصنع فيلماً تقليدياً بمعنى الكلمة؛فباستثناء المشهد الوحيد الذي مارس فيه «كرم الكينج» - محمود عبد المغني - وظيفته في فرز صفقة المخدرات المتفق على بيعها للتاجر «مجدي المناعي» - منذر رياحنة – وتقاضى أجره،وقعنا في براثن صراع مكرر، ومستهلك،بين «كرم» و«مجدي» للفوز بفتاة الحارة «نورا» - ريهام حجاج – التي تحب «كرم» لكن أمها – عفاف رشاد – تنحاز للغريم الثري،الذي يبذل قصارى جهده لتشويه صورة منافسه،الذي لا يحتاج – بالمناسبة – للتشويه؛فالفتى الذي يهرول في بداية الفيلم للمشاركة في تشييع جنازة أحد أبناء الحارة،ويُصر على حمل التابوت،وبعدها يتنازل عن القسط المُستحق على «أم عبير»،ويتعهد بتحمل نفقات عُرس ابنتها،تنفيذاً لوصية المرحومة أمه،ويُصر على أن يعيش بقية حياته مرفوع الرأس،ينقلب،فجأة ومن دون مبرر، على مبادئ المروءة والشهامة والجدعنة،وكراهية الحرام،ويجهل الفارق بين «الهالووين» و«الهيروين»،لا يكتفي بالعمل كسايس يغسل السيارات أمام الملهى الليلي،الذي يملكه «الأنصاري» - أحمد صيام - تاجر المخدرات الشهير،وإنما يُغدق في منح لفائف المخدرات لأحد زبائن الملهى – شريف باهر - ولا يتردد في الموافقة على العمل لحساب تاجر المخدرات،وتقع راقصة الملهى – شمس - في غرامه، وتحرضه على ابتزاز «عماد» - أحمد حافظ - الذي ضيع ملفاً مهماً يدين شخصيات كبيرة في الدولة !
مساحة ليست قليلة أهدرها الفيلم في قضايا فرعية،في محاولة من صانعيه،لإضفاء أهمية على العمل،قبل أن يتذكر العودة إلى الطرف الآخر في الصراع،ورأينا «مجدي» يعود إلى المشهد ليواصل الثأر من «كرم»،والكيد له؛فالادعاء بأن الجميع غارق في الحرام حتى أذنيه،وأن الأغنياء ينظرون إلى من عداهم نظرة دونية،محض ادعاءات فارغة وأباطيل؛خصوصاً أن هذه الرسائل التحتية تم تقديمها بشكل لا يخلو من عبث وهزل وغياب للمنطق والمبرر،والازدراء الواضح للعقل؛فالخلطة السبكية بدت وكأنها نموذج يُحتذى من قبل المنتجون الجدد؛بدليل ما فعله «عمر وأحمد عمران» في فيلم «كرم الكينج» من تشويه واضح للفكرة،وانحراف بالشخصية عن مسارها،واستعانة بمطربين – محمد رشاد وأحمد باتشان – وراقصة – شمس – وصراع ممجوج ومستفز،وهو ما لاقى ارتياحاً،في ما يبدو،من جانب المؤلف والمخرج؛فالصراع في الفيلم،ولأول مرة،بين الشر والشر،والتعاطف مع أية شخصية مفقود،أما الشخصيات الزائدة ( محمد متولي،عفاف رشاد،فحدث ولا حرج،و«الكليشيهات» ثابتة،بينما تعامل المخرج مع التجربة بشيء من اللامبالاة،وغياب الحرفية؛فالدقة غائبة، ومشاهد الحركة ركيكة التنفيذ،والشرير «يبان من عينيه»،والمونتاج (محمد عيد) عاجز عن ضبط الإيقاع، والميكساج (إسلام جودة) رديء للغاية،والأداء التمثيلي في أسوأ حالاته؛بعد أن فقد محمود عبد المغني بوصلة الاختيار،وفشل في تحديد اتجاه وشكل الأداء،وراح يكرر نفس الانفعالات بحيث لا تجد فارقاً بين «النبطشي» و«كرم الكينج»،وكأنه يبرهن من تجربة إلى أخرى أن البطولة الجماعية هي الأنسب والأفضل له،بينما بدا أن منذر رياحنة ضل طريقه مذ تجربته في مسلسل «خطوط حمراء»،وصارت اللهجة تمثل حائلاً قوياً بينه والمتلقي،ولهذا السبب حاول السيناريو الإيحاء بأنه ينتمي إلى قبيلة «المناعي» ليبرر لهجته الخشنة لكن اجتمعت عوامل كثيرة،كالانفعالات الزائدة، والمبالغات الصارخة،لتجهض تجربته الجديدة ويكرر فشل «العقرب» و«هز وسط البلد». أما الوجوه الجديدة : محمد علي رزق،رانيا مسعد،أحمد عبد الله محمود،سميرة المقرون وأحمد حافظ فلم يترك أحدهم البصمة التي تجعل المرء يتوقف عنده أو يتنبأ له بمستقبل أفضل،وانضمت إليهم ريهام حجاج !
عانى فيلم «كرم الكينج» من المقولات الفجة التي سعت إلى تكريس مأثور مغاير ينقلب على القديم ويحاول سك آخر جديد؛ كما في «الجرح اللي مايموتش يقوي» و«الهروب من المشاكل نص الجدعنة» لكن السطحية كانت الغالبة،بينما جاء مشهد النهاية المفتوحة، الذي واجه فيه «كرم الكينج» غريمه «مجدي المناعي»،وفزع له الطير في السماء،غاية في المباشرة،ولي ذراع الدراما،بالقول إن الفيلم يدعو إلى الوحدة ونفض السلبية،والتأكيد على أن «صاحب الحق قوي» !