القاهرة 21 مايو 2015 الساعة 02:28 م
مازال الناس يبلعون الزلط من الحكومة من أجل عيون الرئيس "عبد الفتاح السيسى" ، لكن يبدو أن حكومتنا الرشيدة بكبار مسئوليها وصغارها لم يتعلموا بعد من رأس الذئب الطائر ..
والحكاية لمن لا يعرفها أن الأسد والذئب والثعلب خرجوا يوما ما للصيد فى الغابة.. و فى نهاية اليوم كانت حصيلة الصيد غزالاً وحملاً وأرنباً.. وطلب الأسد من الذئب أن يقسم الصيد بينهم ً....فقال الذئب: الغزال لك يا مولاى، والحمل لى، والأرنب للثعلب.. فكشر الأسد عن أنيابه، وفجأة أطاح برأس الذئب ففصله عن جسمه، ثم التفت إلى الثعلب المذعور وسأله أن يقسم الصيد، فقال الثعلب بخبث: الغزال لإفطارك والحمل لغدائك والأرنب لعشائك.. فضحك الأسد بشدة وسأل الثعلب: من أين تعلمت كل هذه الحكمة ؟ فقال الثعلب: من رأس الذئب الطائر
الأسد هنا هو الشعب الذى لن يرضى أن تكون قرارات وأفعال الحكومة فى وادٍ وأحلامه وما يسمعه فى وادٍ آخر..ورأس الذئب الطائر هو الوزير أو المسئول الذى لايقترب من هموم الناس
والحكاية التى سأستعرضها اليوم وأطلب من المهندس "إبراهيم محلب" رئيس الوزراء أو وزير الصحة أو وزير التعليم العالى أو أى وزير تتبعه مستشفيات يدفع المواطن الغلبان من ضرائبه ميزانية ومرتبات العاملين فيها فضلا عن تكلفة بناء وتجهيز هذه المستشفيات بمئات المليارات من الجنيهات ، وحينما يحتاجها المواطن وقت الخطر تدير له ظهرها لإنها ببساطة أخذت فلوسه كى تكون مكانا للأغنياء أو لمن يستطيع أن يدفع ...
وفصول المأساة عشتها عن قرب فى أكثر من حالة ،
سواء لأقارب
أو معارف
أو دفعتنى الظروف لمشاهدة أبطالها الذين لا أعرفهم بالصدفة البحتة ...
إحدى مسارح هذه الجريمة كانت فى القصر العينى الفرنساوى التابع لجامعة القاهرة
ومستشفى الهلال الأحمر ..
الرفض المستمر لاستقبال أى حالات حوادث أو طوارىء...
أقول للمهندس محلب جرب مرة أن تذهب متخفيا مع أى مريض أصيب فى حادث أو يعانى من ألم مفاجىء وإذهب به إلى القصر الفرنساوى أو مستشفى الهلال الأحمر أو عين شمس التخصصى .. الخ ،
ولن أقول مستشفيات خاصة أو استثمارية لأن الجواب بيبان من عنوانه ...
فإذا كانت المستشفيات التى بنيت ويقبض العاملون بها من أموال دافعى الضرائب يحدث بها ذلك فلا إثم على المستشفيات الخاصة...
أنا مثلا ورغم اشتراكى فى مشروع علاج تابع لنقابة الصحفيين فضلا عن خدمة علاجية من جريدتى تعرضت فى الليل لحادث طارىء لعينى ورغم الألم وشعورى بأننى داخل فى انفصال شبكى بعد شعورى بأن غمامة سكنت أمام عينى ووجود دوائر من ألوان الطيف كلما نظرت إلى أى مصباح .
..المهم وضعتنى الظروف والليل أن أكون مواطنا عاريا من أى تأمين صحى أو مشروعات علاجية
قلت فى نفسى : عش التجربة بتفاصيلها !!.
ذهبت إلى مستشفى المنيرة العام،
نصحتنى طبيبة الاستقبال الشابة بسرعة التوجه إلى القصر العينى الفرنساوى أو حتى العادى لإنه لا يوجد طبيب عيون فى الاستقبال أو فى النوبتجية !!.
..ذهبت إلى" الفرنساوى" ودخلت الاستقبال
قابلتنى ممرضة وقامت باستخراج استمارة من دفتر أمامها وبدأت تسأل عن سنى وعنوانى وأنا أقول لها من فضلك أريد أى طبيب يفحص عينى بسرعة وبعد كده اسألى اللى إنت عايزاه وأخرجت لها الرقم القومى كى تأخذ البيانات التى تريدها بعد أن تسلمنى لطبيب ...
بكل هدوء قالت : أنا بس ح اقيس الضغط أولا ...
قلت لها : أشعر أن ضغط عينى عالى من سرعة النبض فى جفنى والوجع بها وشرحت لها ما أشعر به حتى تستدعى لى الطبيب بسرعة ..
هى فى وادٍ وأنا فى وادٍ ...!!
همها استكمال الاستمارة
وفوجئت بها تعطينى الاستمارة قائلة: أذهب للخزينة أولا وبعد كده نشوف الدكتور ...
قلت لها: يعنى لن يفحصنى الطبيب قبل الدفع ...
قالت : نعم ..
قلت فى نفسى : يمكن مش فاهمة ..
سألتها أين الطبيب.. ؟
ردّت : فى الدور التاسع..
قلت :لا ينزل إلى الاستقبال ...؟
قالت: لا.. المرضى يطلعون له ...؟
ابتسمت وبدأت أشعر أن مغامرة الصحافة أكبر من الألم ..!!
صعدت للدور التاسع قابلتنى ممرضة وعندما شرحت لها حالتى.. قالت:
انتظر فى الاستراحة ..
توقعت أنها تستدعى الطبيب وفوجئت بعد حوالى 8 دقائق بممرضة تخرج من غرفة مجاورة وهى تتثائب وتنفض عن عيونها النعاس والنوم وسألتنى :
فين إيصال الخزينة ؟
قلت: فين الدكتور؟
ردّت هو فى العمليات انتظره لما يخلص ..
سألتها ألا يوجد سوى طبيب واحد للرمد فى القصر الفرنساوى وكمان فى غرفة العمليات .. ؟
قالت : نعم ..فين الإيصال.. ؟
قلت : الدفع مقدما وكمان لحالات الطوارىء...
قالت: نعم ..
قلت : عايز أكلم المدير النوبتجى ...
طلبته ... ثم قالت إنزل له فى الاستقبال ..
ذهبت إليه ... شاب فى نهاية العشرينات..
قلت له: هو حالات الطوارىء أو الحوادث لازم تدفع قبل م تدخل المستشفى أو يتم فحصك ..
قال: نعم ..
قلت : هناك قرار لرئيس الوزارة بعلاج حالات الطوارئ بالمجان لمدة 48 ساعة...
ابتسم وقال :لابد من الدفع أولا
قلت : يعنى الدفع أولا فى كل الحالات ...
قال: نعم...
قلت :متأكد ...
قال : أنا المسئول الإدارى...
توجهت إلى نقطة الشرطة الموجودة بمدخل الاستقبال لتحرير محضر بالواقعة
ردّ الموجودون من أمناء الشرطة أن تحرير المحاضر فى قسم السيدة زينب فقط لأن مهمتهم هى الحراسة فقط ...!!
قلت : كمل المغامرة توجهت إلى بوابة القصر العينى القديم القريب ... طلبوا منى لف السور لأن الدخول من البوابة الرئيسية ممنوع.. مشينا مع السور أكثر من 25 دقيقة وجدت مدخلا.. دخلت...
قال لى " رجل الأمن عندما سألته عن الاستقبال : ده يا أستاذ مستشفى خاص مش عام..
قلت له: اليافطة بتقول مستشفى المنيل الجامعى...
ردّ على بهدوء: أكمل اليافطة يا أستاذ ..
قلت :التخصصى!! ..
ردّ: نعم ..
قلت : يعنى إيه..؟
قال : يعنى بفلوس ...
قلت : والمجانى؟ ..
ردّ البوابة الجاية ..
شكرته وأكملت المشوار ودخلت .. هرج ومرج .. ومدخل مغطى بالرخام لكن تنقصه النظافة ..
سألت عن قسم الرمد أشاروا إلى غرفة .. دخلت .. وجدت طبيب امتياز وزميله له .. بدأ الطبيب يكشف عن عينى بسرعة.. ارتحت له ومن لهجته عرفت أنه عربى
سألته عن بلده .. ردّ : سورى
وبدأ الكشف.. ظهرت مهارته المبكرة رغم عصبيته.. طلب منى الذهاب إلى قسم الرمد لاستكمال الكشف حيث الأجهزة الأحدث وهناك كشف عل قاع العين .. وفى نهاية الكشف قال :
ضغط العين مرتفع .. لكن لا توجد خطورة ويمكن أن تتابع بكره فى العيادة الخارجية ..
وعندما شكرته اعتذر عن عصبيته مبررا عدم نومه منذ 30 ساعة فى النوبتجيات والعمل... !!
نفس المشهد لكن بمأساوية أكثر فى مكان آخر.. رفض مستشفى الهلال الأحمر برمسيس دخول شاب أصيب فى حادث إلا بعد دفع تأمين ألفي جنيه قبل أن يتم الكشف عليه أو حتى إجراء أى أشعة وإلا الباب يفوت جمل.. !!
والأمرمتكرر فى كل المستشفيات ..
وتكون الكارثة فى غرف العناية المركزة ..
- لا توجد أماكن ..
جملة تسمعها غالبا ..
تبحث عن واسطة مع توسلات ..
والمدهش عندما تدخل تجد السراير خالية ... !!
الدفع مقدما هو الشعار المرفوع دائما ولا عزاء للفقراء ...
والسؤال : أين يذهب الغلابة فى بلدى من أجل العلاج ؟
نعم أنا أعرف أن الأزمة المالية طاحنة لكن لا بد من سرعة إيجاد مظلة صحية تظلل كل المواطنين لتلقى خدمة علاجية متميزة للجميع وتبقى الأجنحة الخمس نجوم أو الغرف المنفصلة لمن يدفع ،
لكن الجراحة والعلاج والدواء لا بد أن يكون للجميع وبنفس المستوى والجودة ..
لأن كل شىء يمكن الصبر عليه ومحايلته أو حتى التوهم بأنك تضحك عليه وتخدعه
إلا المرض !!
yousrielsaid@gmail.com