القاهرة 14 ابريل 2015 الساعة 02:59 م
متحف الإبادة يقع في يريفان بالقرب من النصب التذكاري للضحايا
الأرمن من أوائل الشعوب التي آمنت بالمسيحية منذ القرن الميلادي الأول
كتبت: ميرفت عياد
يُقصد بالإبادة الأرمنية عمليات القتل والتدمير المنظم التي مارستها السلطات العثمانية بحق السكان الأرمن في الإمبراطورية أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى، حيث تعرض الأرمن خلال تلك العمليات إلى مختلف أنواع التعذيب من ترحيل قسري وتجويع وبطش مع نوع من التعليمات التي كانت تهدف إلى القضاء عليهم خلال الترحيل والتي كانت وجهتها النهائية في الصحراء السورية حيث ينتظرهم الموت جوعا وعطشا.
ونحن نحى المئوية الأولى لذكرى شهداء الإبادة الأرمنية والتى تحتفل بها جميع الكنائس بالعالم فى إبريل الجارى ، حيث قامت حكومة لبنان بتخليد الذكرى المئوية الأولى للإبادة الجماعية الأرمنية، بإصدار طوابع تذكارية مع صورة نصب يقع في بلدة بكفيا اللبنانية الأرمنية، التي تعرضت للإبادة الجماعية .
كما نظم المعهد الوطني الأرمني، ومتحف الإبادة الأرمنية في أمريكا، وجمعية أمريكا الأرمنية، وبالتعاون مع كاثوليكوسية اشميادزين الأرمنية الرسولية عرض فيلم وثائقي عن المعرض الأرمني الذى يقع تحت عنوان "الملجأ الأول والدفاع الأخير: الكنيسة الأرمنية والإبادة" ويضم أكثر من 150 صورة تاريخية وثلاث خرائط و12 شهادة لناجين وسلسلة من الوثائق تصف الدور الذي قامت به الكنيسة الأرمنية الرسولية إزاء الإبادة الأرمنية.
ويكشف المعرض الدور الذي أداه رجال الإكليروس الأرمن في تلك الحقبة التاريخية المأساوية، وبخاصة مساعي الكاثوليكوس كيفورك الخامس سورينيانتس الهادفة إلى توعية الضمائر والمسؤولين في الأسرة الدولية بشأن المجازر المرتكبة من قبل الأتراك.
دورهم الحضارى فى الشرق والغرب
وقد أسهم الأرمن ، بفضل موقعهم ودورهم في التجارة الدولية ، في التطور الثقافي والعلمي للشرق والغرب على السواء ، ومع ذلك لا نعرف عنهم الكثير ، لأن المؤرخين يركزون في أبحاثهم عادة على سجل المعتدين ، الذين سيطروا على الأمم الأخرى ، ومن ثمَّ ظل الأرمن يحتلون حيزًا أقل في نصوص التاريخ العام ، مما يحتله المغول أو غيرهم من مدمري الحضارات هذا ما يوضحه كتاب" موجز تاريخ الأرمن .. من العصور القديمة إلى العصر الحديث " الذى صدر عن الدار المصرية اللبنانية ، بالاشتراك مع جمعية القاهرة الخيرية الأرمنية العامة .
ويقع الكتاب في 480 صفحة من القطع الكبير ، وينقسم إلى قسمين كبيرين الأول : بعنوان : من الاستقلال حتى الحكم الأجنبي .. والقسم الثاني : من الحكم الأجنبي إلى الاستقلال (1500 - 2005) . الكتاب من تأليف : جورج بورنوتيان ، وترجمة : سحر توفيق .
ويعتبر الكتاب سياحة في تاريخ أكثر الشعوب محبة للسلام والفنون وصنع الحضارة ، والتعايش الحميم مع كل الحضارات ، حيث برعوا في الزراعة والفنون والحرف والتجارة ،كما شيد الأرمن صروحًا هندسية فريدة ونحتوا تماثيل بديعة ، وكتبوا مخطوطات مستنيرة وأدبًا ، وقدموا عددًا من الأطروحات الفلسفية والقانونية المهمة .
العلاقات الدبلوماسية المصرية الأرمنية
وتعد مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال أرمينيا عن الإتحاد السوفييتي وتم التوقيع على اتفاقية إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1992، وافتتحت السفارة المصرية في يريفان في مايو 1993 بينما افتتحت السفارة الأرمينية في القاهرة عام 1992 كما استضافة مصر للأرمن الفارين من المذابح التي تمت ضدهم وقامت بدمجهم في المجتمع المصري ، حيث عاش الأرمن وأقاموا مشاريعهم الخاصة ومدارسهم وكنائسهم وكان أشهر الشخصيات الأرمنية هو نوبار باشا أول رئيس وزراء لمصر
وللأرمن في مصر تاريخ مشرف، يبدأ بالصناعات الدقيقة، ومن أهمها المجوهرات، مرورا بالعديد من المهن المهمة، وحتى الوصول إلى أعلى المناصب السياسية، وكان لعدد كبير منهم أدوار مهمة في معاركنا الوطنية من أجل الاستقلال، عندما كانت مصر ترزح تحت نير الاحتلال، وفى المقابل مصر كانت من أكثر الدول دعما للأرمن عندما تعرضوا لموجات من الوحشية العثمانية، واستقبلت بورسعيد آلافا من أبناء الشعب الأرميني الهاربين من جحيم السلطان العثمانى
نوح والطوفان
نشأ الأرمن من القبائل المستوطنة في أسيا الصغرى والمنتشرة حول بحيرة (فان)، وهم من أقدم الأمم التي وجدت بعد الطوفان وينسبون إلى هايكوس بن توجومه بن جوهر بن يافث بن نوح. ومنذ القرن السادس قبل الميلاد ( فترة حكم الفرس للأرمن) كانت هناك صلات قوية بين الأرمن والمصريين، حيث قصد الأرمن مصر للتجارة والبعض منهم أستقر بها، ولكن كانت علاقاتهم مع المصريين مقتصره دائماً على التعاملات الاقتصادية والتجارية، بينما حرصوا على أن ينغلقوا على أنفسهم في مجال الزواج والمصاهرة حتى يضمنوا نقاء الجنس الأرمني على الدوام.
ظهور المسيحية
وبعد ظهور المسيحية، كان الأرمن من أوائل الشعوب التي أمنت بها منذ القرن الميلادي الأول، غير أن الظروف السياسية غير المستقرة للشعب الأرمني جعلته في شبه عزلة من الاشتراك مع المجتمع المسيحي في المجامع المسكونية ، ولكن بعد هذه العزلة، وفي أوائل القرن السادس، ابتدأوا يهتمون بالمشاحنات القائمة بسبب بدعة نسطو وشجبوا تلك البدعة ، وقرروا أنهم على إيمان مجمع أفسس المسكوني وعلى إيمان بابا الإسكندرية القديس كيرلس عمود الدين البطريرك الرابع والعشرون.
الفكر اللاهوتي الأرمني
وبفضل الترجمة, تمكن القراء الأرمن من الإطلاع على منجزات علم اللاهوت الإسكندري, بالإضافة إلى الفلسفة الأفلاطونية، حيث كانت لهذه المجموعة من الأعمال المترجمة مساهمة في توجيه مؤلفات الأرمن في أدبيات اللاهوت المسيحي, والتى كانت من أهمها ترجمات الكتابات العقائدية من تأليف بابوي الإسكندرية القديس كيرلس (412-444), والقديس أثناسيوس الرسولي (+ 373م). وكان لآراء هذين العالمين البارزين من علماء اللاهوت السكندريين تأثير عظيم على تشكيل الفكر اللاهوتي الأرمني, وقد استخدمت بتوسع في النضال ضد مؤيدي قرارت مجمع خلقيدونيه.
وبالتالي صاروا ضمن مجموعة الكنائس الشرقية الرافضة لقرارات المجمع الخلقيدوني، مع إخوتهم الأقباط والسريان والإثيوبين، وبالتالي صارت لهم مع الأقباط علاقات خاصة تجمعهم.
فعرف الأقباط بعض قديسي الكنيسة الأرمنية وأكراموهم وأضافوا أسماءهم في كتبهم الطقسية مثل الخولاجي والسنكسار. ويأتي على رأسهم القديس غريغوريوس الأرمني الذي يُذكر اسمه في مجمع القديسين بالقداس الإلهي حسب الطقس القبطي. كما تُعيد له الكنيسة القبطية مرتين بالسنة، الأولى يوم 19 توت تذكاراً لخروجه من الجب، والمرة الثانية يوم 15 كيهك تذكاراً لنياحته.
ونظراً لأن مصر كانت مهد الرهبنة المسيحية، فقد قصد برية الإسقيط وصحراء نيتريا (وادي النطرون حالياً) بالذات عدد غير قليل من الرهبان الأجانبوخاصة الرهبان الأرمن، فقد قصد عدد منهم البراري المصرية للتعبد، وللتعلم من آباء الرهبنة الأقباط. وقد سجلت لنا المراجع التاريخة ذلك، وخصوصاً خلال القرنين الرابع والخامس الميلاديين
البابا شنودة الثالث
ولأول مرة في التاريخ يشترك كاثوليكوس أرمني في حفل تنصيب بابا قبطي، كان ذلك في يوم الأحد الموافق 14/11/1971م حينما حضر قداسة الكاثوليكوس خورين الأول بارويان (1963- 1983م) بطريرك الأرمن بكرسي كليكية بلبنان على رأس وفد أرمني رفيع المستوى حفل تنصيب قداسة البابا شنودة الثالث ، وأشترك هذا الوفد بجزء من صلوات التتويج بحسب الطقس الأرمني وباللغة الأرمنية.
وفي عام 1972م قام قداسة البابا شنودة الثالث على رأس وفد قبطي كبير بزيارة هى الأولى من نوعها لكرسي البطريركية الأرمنية بأرمينيا حيث ألتقى بقداسة المتنيح الكاثوليكوس فاسكين الأول ، وقد كانت زيارة للكنيسة والدولة أيضاً، وفى صباح اليوم التالى قام قداسته أيضاً بزيارة لغبطة الكاثوليكوس خورين الأول بمقر بطريركيته بأنطلياس بلبنان ، كما أشترك قداسته ايضاً في حفل تنصيب قداسة الكاثوليكوس آرام الأول كشيشيان كاثوليكوس كيليكية بلبنان 1995م على رأس وفد قبطي كبير مكون من أصحاب النيافة الأحبار الأجلاء : الأنبا أبراهام مطران القدس والشرق الأدنى والأنبا بيشوي مطران دمياط وكفر الشيخ وسكرتير المجمع المقدس والأنبا سرابيون أسقف الخدمات
ووفقاً للإتفاقيات المبرمة بين الجانبين القبطي والأرمني في مجلس بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، أوفدت الكنيسة القبطية أ. جرجس صالح لتدريس مادة العهد القديم في المعهد الإكليريكي بأنطلياس بلبنان، وذلك لعدة مرات منذ سنة 1999م. كما أرسلت كاثوليكية الأرمن الأرثوذكس بأنطلياس مجموعة من الطلبة والكهنة لإكمال دراساتهم اللاهوتية العليا بمصر
متحف الإبادة
يقع متحف الإبادة الأرمينية في يريفان وعلى مسافة أمتار من النصب التذكاري لضحايا الابادة والذي تتوسطه شعلة مضاءة على مدار العام ويبلغ طول النصب نحو 44 مترا ويرمز الى النهضة الوطنية للأرمن، وفي 24 ابريل من كل عام يأتي إلى المتحف مئات الآلاف من الأرمن والسائحين ويتم وضع الزهور حول الشعلة ، ويضم المتحف العديد من الوثائق والصور التي تؤرخ للمذابح والكثير من القصص الانسانية والمآسي منها، وكيف أن بعض الملوك والحكام العرب ساعدوا في إيواء وإانقاذ بعض من نجوا منها.
أرمينيا بلد الجمال
أرمينيا بلد جبلي غير ساحلي وكانت قبل عقود سابقة قليلة إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي، استقلت في الثالث والعشرين من اغسطس عام 1991 وهو العام الذي انهار فيه الاتحاد السوفييتي، وكانت من أول جمهورية خارج البلطيق تعلن الانفصال واتخذت من يريفان عاصمة لها، من خلال سياسة واضحة المعالم حصلت على الدولة رقم 31 من الدول الأكثر حرية اقتصادية في العالم
وتتميز ارمينيا بالجمال والطبيعة الخلابة فيوجد «جبل أرارات» الموجود ضمن الشعار الوطني الأرميني، وهو أعلى جبل هناك ويعد جزءا رئيسيا ومهما في تاريخ أرمينيا ويقع حاليا داخل الأراضي التركية ويمكن رؤيته بوضوح من ارمينيا ، أما ساحة الجمهورية والتي يقام فيها الاحتفال السنوي بمناسبة عيد الاستقلال فتعد جوهرة وقلب المدينة حيث أحيطت بالأبنية الحكومية .