القاهرة 12 ابريل 2015 الساعة 12:19 م
زيارة اردوغان إلى طهران مهمة، فهي تؤكد أن القوى الإقليمية هي التي تدير الحروب العربية، وهي صاحبة القرار في حالة السلم أو الحرب بالمنطقة بوجود الفراغ العربي. وها هي باكستان تدخل على الخط تبحث عن دور في ظل غياب عربي كامل.
هذا هو الواقع المحزن، لأننا عندما نطل من نافذة المشهد العربي لا نرى سوى الصحراء، ولا نحس إلا بعتمة الروح وضيق الأفق ولا نسلك سوى درب التيه. محيطنا ايل للسقوط، بل ينهار من حولنا وكأن الزمن قد توقف عن الحركة والتقدم، أو التاريخ قد انتهى، بعدما نجحت الحركات والأحزاب والتنظيمات المتطرفة الإرهابية العالقة في الماضي بإعادة الأمة إلى قرن للوراء على الأقل.
وهنا نسأل: من هو القادر على وقف هذا التدهور والتهور، والقادر على إعادة التوازن للأمة، وسد الفراغ في ساحة الوطن العربي الكبير.. من هو الأخ الأكبر ؟
الثابت أن هذا الفراغ تعمق وتكرس في الساحة العربية منذ انسحاب مصر، والعمل على تحييدها عن قصد. فمصر، التي في خاطري، بحجمها وقوتها ودورها وحضارتها، هي القادرة على القيام بدور الدولة العربية القائد، شرط أن تخرج من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية، فلا تتركوها وحدهاغارقة في همومها المحلية، كي تستعيد قوة الرد والردع والصد، على الصعيدين السياسي والأمني، وعلى المستوى القومي. أقول ذلك بوضوح لأن هناك من يريد توظيف حاجة مصر للمساعدات الاقتصادية والمالية كوسيلة ضغط تعيق إعادة مصر إلى دورها الفاعل على الصعيدين العربي والدولي، رغم إظهار حسن النوايا !!
الحقيقة أن الحديث عن مصر القوية الآن، يأتي في الوقت المناسب، ونحن بحاجة لدورها اليوم أكثر من أي زمن مضى، ربما في محاولة لوقف التدهور العربي، في موسم تفتيت المجتمعات وتواصل مسلسل تفكيك الدول العربية، وفي ظل هذا الطوفان من الفوضى والعنف والإرهاب والحروب الصطنعة. نريد مصر القوية اليوم قبل الغد، لأننا نعيش أجواء عملية فرز مذهبي تخيم على المنطقة كلها، من كراتشي إلى مراكش. وهذا يعني أن هناك من يحشد ويجند ويحرض على الكراهية بهدف إشعال حرب الهلالين (سني - شيعي) لتخريب كل بلاد العرب والمسلمين.
وفي حال قررنا وأد هذه الفتنة الأكبر والأخطر، أرى أن على مصر أن تتحرك أولا، ليس باتجاه الاستعداد للحرب، بل لدعم حوار فوري بين مرجعيات الأزهر ومرجعيات النجف تحت سقف الإسلام الواحد، وداخل بلاد العرب. والتأكيد على فتح صفحة جديدة على قاعدة احترام المعتقدات ووقف التحريض الطائفي، والعمل على قبول الآخر، ورفض الاقصاء، وقبل كل شيء عدم اقحام الدين في الصراع السياسي، أو تحويل المذهب إلى وسيلة حشد في الصراعات على المناصب والمكاسب. اعتقد أن هذه الخطوة الاستباقية الوقائية ضرورة في الوقت الحاضر، وقبل أن يسبق السيف، ويفوت الأوان.