القاهرة 18 مارس 2015 الساعة 01:29 م
على مدار التاريخ تلطخ ثوب مصر الأبيض بالدماء الذكية فشاهدنا العديد من الاغتيالات السياسية ؟ فالعصور السابقة ودعت مصر العديد من رموزها السياسية والفكرية التى دفعت حياتها ثمنا غاليا لأفكارها ومبادئها ومواقفها الشجاعة
ومن المؤسف أن مصر خلال تاريخها الطويل مرّت بالعديد من عمليات الاغتيال لأبنائها الأبرياء والتي تمت لأسباب عديدة، خاصة القرن العشرين الذى شهد العديد من حوادث الاغتيالات السياسية التي أثارت ضجة وقت حدوثها ونالت من اهتمام العديد من الصحف المحلية والعالمية
اغتيال السياسى أمين عثمان
يعد حادث اغتيال أمين عثمان حادثًا سياسيًا بالدرجة الأولي، فقد ذهب أمين عثمان ضحية معتقداته السياسية التي أفصح عنها أكثر من مرة صراحة ونالت سخط الكثيرين، وقد وطد أمين عثمان علاقته بالإنجليز وساند بقائهم في مصر استفزت علاقة أمين عثمان بالإنجليز شباب الحزب الوطني، بعد الحرب العالمية الثانية ذهب لزيارة إنجلترا ومعه ألف جنيه، قدمها للحكومة البريطانية علي أنها هدية من الشعب المصري لإصلاح ما دمرته الغارات الألمانية علي القرى الإنجليزية.. في نفس الوقت الذي كان فيه المصريون متضررين من سياسات التقشف المالي التي كان يفرضها أمين عثمان أثناء الحرب وبعده، وترددت أنباء حول عزم بريطانيا تعيينه رئيسا للوزراء.. وثار الجميع ضد هذه الأنباء.. وقبيل اغتياله بساعات كان في ضيافة اللورد كيلرن المندوب السامي البريطاني. فقد حاول التوفيق بين حقوق مصر في الاستقلال ومركز انجلترا في الشرق الأوسط، مما أوقعه في خلاف سياسي مع كثير من الزعماء السياسيين في عصره، لذلك اتهمه البعض بالخيانة. في مساء 5 يناير 1946 قام ثلاثة من الشباب بإطلاق النار علي أمين عثمان، وقبض علي القاتل "حسين توفيق"، واعترف علي بعض رفاقه وصدر عليه حكم بالسجن وكان ضمن المتهمين في هذه القضية
الرئيس الراحل "أنور السادات" وهرب حسين توفيق من السجن ولم يعثر له علي أثر فيما بعد.
اغتيال بطرس باشا غالي
في حادث اغتيال بطرس باشا غالي، اعترف إبراهيم الورداني بأنه القاتل وحده دون شريك وعندما سأله رئيس النيابة عن سبب القتل أجاب علي الفور "لأنه خائن للوطن، وجزاء الخائن البتر"، وأحيل الورداني في يوم السبت 2 ابريل 1910 إلي محكمة الجنايات التي قضت بإعدامه ونفذ الحكم في 28 يونيو 1910، وقد شابت علاقة بطرس باشا غالي بالحركة الوطنية خاصة الحزب الوطني شوائب أثرت بالسلب علي صورته منها اضطراره لتوقيع اتفاقية السودان 19 يناير 1899، بالنيابة عن الحكومة المصرية باعتباره وزير خارجيتها، ترأسه لمحكمة دنشواي الخاصة التي انعقدت يوم 23 نوفمبر عام 1906 أعاد العمل بقانون المطبوعات القديم في 25 مارس عام 1909. وقانون النفي الإداري في 4 يوليو من نفس العام، دوره في مشروع مد امتياز قناة السويس. ترتب علي ذلك، أنه في أثناء نظر الجمعية العمومية لمشروع مد امتياز قناة السويس فوجئ الناس بقتل بطرس غالي في 20 فبراير 1910، إذ لم يسبق أن تقدمه اعتداء مثله أو يشبهه، ولم يكن الناس قد عرفوا في مصر حوادث القتل السياسي منذ عهد بعيد. كان قاتله إبراهيم ناصف الورداني، شابًا في الرابعة والعشرين من عمره، وكان من المتحمسين لمبادئ الحزب الوطني. وقد اعترف أنه قصد قتل بطرس باشا غالي منذ زمن.
اغتيال رئيس الوزراء النقراشى باشا
كان حكم النقراشي بمثابة "المحنة الكبرى" بالنسبة للإخوان ففي وزارته الأولي أمر باعتقال حسن البنا وأحمد السكري وعبد الحكيم عابدين، بناء علي الشك في تورط جماعة الإخوان في مقتل أحمد ماهر، حيث كان القاتل الذي كان ينتمي إلي الحزب الوطني مواليًا لهذه الجماعة. بلغت المواجهة بين حكومة النقراشي والإخوان المسلمين ذروتها عندما أصدر النقراشي بصفته حاكمًا عسكرياً في 8 ديسمبر عام 1948 أمرًا عسكريًا رقم 63 بحل جماعة الإخوان المسلمين وفي 28 ديسمبر 1948 قام شاب يدعي عبد المجيد حسن ينتمي إلي الإخوان المسلمين، وكان يرتدي زيا عسكريا، بإطلاق الرصاص علي النقراشي باشا رئيس الوزراء عند وصوله إلي مبني وزارة الداخلية وحكم علي الجاني بالإعدام، ونفذ الحكم.
اغتيال حاكم السودان السير لي ستاك
كان اغتيال السير لي ستاك سردار الجيش المصري وحاكم عام السودان في 17 نوفمبر 1924، بمثابة بداية عصر الانتكاسات الوطنية، مما يوحي بأن عملية اغتيال السردار قد جرى استثمارها لصالح الاستعمار البريطاني، ووصف البعض اغتياله بأنه "اغتيال لسعد زغلول وحلمه"، وفي ذلك يقول سعد بعد وقوع الحادثة: "إن جريمة اغتيال السردار قد أصابت مصر وأصابتني شخصيًا". لقد اعتقد سعد أن الحادثة تعني نهايته السياسية، وقال: "إن الرصاصات التي قتلت السردار.. هي رصاصات في صدري".
اغتيال المفكر المستنير فرج فوده
ولد المفكر الدكتور فرج فوده الذى وُلدَ عام 1945 بدمياط و حصل على ماجستير العلوم الزراعية ودكتوراه الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس و كانت له العديد من الكتابات التي أثارت جدلاً واسعًا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الآراء وتضاربت فقد كان يدعو إلى فصل الدين عن الدولة، ويري أن الدولة المدنية لا شأن لها بالدين.
وقد حاول فرج فوده تأسيس حزب باسم "حزب المستقبل" وكان ينتظر الموافقة من لجنة شئون الأحزاب في نفس الوقت التي كانت جبهة علماء الأزهر تشن هجومًا كبيرًا عليه وأصدرت بيانًا تُكفّر الكاتب المصري فرج فوده ووجوب قتله، ولذلك تم اغتياله في القاهرة في 8 يونيو 1992 حيث أطلق شخصان عليه الرصاص من بندقية آلية أثناء خروجه من مكتبه بمدينة نصر بصحبة ابنه الأصغر وأحد أصدقاءه.
وقد أودت هذه الطلقات بحياة الكاتب والمفكر فرج فوده، إلا أن سائقه الخاص وأحد أمناء الشرطة كان موجود بالمكان فاستطاعوا القبض علي الجناة حيث تبين إن الجريمة جاءت بفتوى من شيوخ جماعة الجهاد و علي رأسهم الشيخ عمر عبد الرحمن.
اغتيال رئيس الوزراء أحمد ماهر باشا
جاء حادث اغتيال أحمد ماهر باشا في أكتوبر 1944 والحرب العالمية الثانية تلفظ أنفاسها الأخيرة، وبعد تولي أحمد ماهر منصب رئيس الوزراء تعرض لهجوم عنيف بعد إعلان دخول مصر الحرب ضد المحور وانحيازه للإنجليز، وقاد الهجوم الملك فاروق وحزب الوفد، وأشيع عنه أنه موال لليهود وتابع للإنجليز. وفي وسط هذا الجو الملبد بالغيوم والفوضى، وبالتحديد في 25 فبراير 1945 اقتحم شاب البهو الفرعوني بمبني البرلمان وأطلق النار علي أحمد ماهر الذي مات متأثرًا بجرحه.
اغتيال الأديب يوسف السباعي
يوسف السباعي أديب ووزير الثقافة ولد عام 1917 في إحدى البيوت المتواضعة بالدرب الأحمر أحد أحياء القاهرة الشعبية والتحق بالمدرسة ثم بالكلية الحربية في عام 1937 ومنذ ذلك الحين تولي العديد من المناصب منها التدريس في الكلية الحربية. وتدرج في المناصب حتى وصل إلى منصب وزير الثقافة سنة 1973، ورئيس مؤسسة الأهرام ونقيب الصحفيين.
قدم العديد من القصص والروايات، ونال أيضًا العديد من الجوائز، وقد تم اغتياله في قبرص في 18 فبراير 1978 حينما كان يحضر مؤتمرًا أسيويًا أفريقيًا هناك. حيث قتله اثنين من المتطرفين العرب ويبقى السؤال معلقا من قتل يوسف السباعي؟ ولماذا قتلوه
اغتيال الرئيس السادات
جاء حادث اغتيال السادات في 6 أكتوبر 1981، نتيجة تضافر مجموعة من الظروف السياسية المحلية والدولية لتحقيق هذا الاغتيال. لقد كان الاغتيال رمزًا للأزمة التي وصل إليها النظام السياسي المصري، والأزمة لها جوانب عديدة ومتداخلة تتمثل في مجموعة من الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعقائدية التي مهدت الطريق أمام حادث الاغتيال. كما اشتهر عهد السادات بظهور التنظيمات السرية لجماعات العنف والتكفير. غير أن حادث اغتيال السادات تجاوز مجرد الخلاف بين تيار سياسي معارض ونظام سياسي، وكان السادات يدرك تمامًا أن الخطوات التنفيذية لعملية السلام أقلقت الذين يضايقهم السلام وبدأ العد التنازلي لجريمة الاغتيال. وصرح السادات في آخر حديث له أدلي به للفيجارو الفرنسية في 26 سبتمبر 1981 أي قبل اغتياله بعدة أيام: "إنني أثير الكدر والارتباك أن السلام يضايق البعض..إذا تم اغتيالي ابحثوا عن المستفيد من الجريمة".
اغتيال عالم الجغرافيا جمال حمدان
جمال حمدان أحد أعلام الجغرافيا الذي وُلد بإحدى قرى محافظة القليوبية وكان جمال حمدان يمتلك قدرة ثاقبة على استشراف المستقبل متسلحًا في ذلك بفهم عميق لحقائق التاريخ ووعي متميز بوقائع الحاضر، حيث كان له السبق في فضح أكذوبة إن اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، واثبت في كتابه "اليهود أنثروبولوجيًا" الصادر في عام 1967 بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية "الخزر التترية" التي قامت بين بحر قزويين والبحر الأسود.
واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات "آرثر كويستلر" مؤلف كتاب "القبيلة الثالثة عشرة" الذي صدر عام 1976.
ومن المؤسف أن هذا العالم الجليل مات محروقًا في عام 1993 واعتقد الجميع أنه مات متأثرًا بالحروق, ولكن د. يوسف الجندي مفتش الصحة بالجيزة أثبت في تقريره أن الفقيد لم يمت مختنقًا بالغاز, كما أن الحروق ليست سببًا في وفاته, لأنها لم تصل لدرجة أحداث الوفاة، كما اكتشف المقربون من د. حمدان اختفاء مسودات بعض الكتب التي كان بصدد الانتهاء من تأليفها, وعلى رأسها كتابة عن اليهودية والصهيونية بفعل فاعل وحتى هذه اللحظة لم يعلم أحد سبب الوفاة ولا أين اختفت مسودات الكتب التي كانت تتحدث عن اليهود.... ؟
اغتيال السياسى البارز رفعت المحجوب
رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق وعضو الحزب الوطني الديمقراطي الذي ولد في محافظة دمياط ثم حاز علي ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1948 ودكتوراه الدولة في الاقتصاد من جامعة باريس عام 1953، ثم عاد إلي مصر عقب الثورة حيث تدرج في عدة وظائف في جامعة القاهرة ومنها عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1971.
وفي 1984 تولى رئاسة مجلس الشعب حتى تم اغتياله عام 1990 خلال عملية نفذها مسلحون إسلاميون بناء على فتوى عمر عبد الرحمن إمام إحدى المساجد في أعلى كوبري قصر النيل، حيث أطلق علي موكبه أثناء مروره أمام فندق سميراميس وابل من الرصاص نتج عنه مصرعه فورًا، ثم هرب الجناة على دراجات بخارية في الاتجاه المعاكس.
اغتيال عالمة الذرة سميرة موسى
سميرة موسى أول عالمة ذرة مصرية عربية ولهذا لُقبت باسم ميس كوري الشرق، وُلدت في عام 1917، بإحدى قرى محافظة الغربية، حيث تعلمت منذ الصغر القراءة والكتابة، وبعد انتقالها مع والدها إلى القاهرة، التحقت بالمدرسة ،ثم الجامعة وتخرجت من كلية العلوم في عام 1939، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، واعترضت إدارة الجامعة على تعيينها معيدة، حيث لم يكن تقرر بعد تعيين المرأة في هيئة التدريس بالجامعة.
غير أن الدكتور علي مشرفة (أول مصري يتولى عمادة كلية العلوم) أصرَّ على تعيينها وهدد بالاستقالة من الجامعة إذا لم يتم ذلك، فاجتمع مجلس الوزراء وأصدر قرارًا بتعيينها في الجامعة. واستطاعت الحصول على الدكتوراه من بريطانيا في "الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة" وكما درست الذرة وإمكانية استخدامها في الأغراض السلمية والعلاجية.
وفى عام 1951 حصلت على منحة دراسية لدراسة الذرة في الولايات المتحدة بجامعة كاليفورنيا، واستجابت الدكتورة سميرة موسى إلى دعوة للسفر إلى أمريكا وهناك أتيحت لها فرصة إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس بولاية ميسوري الأمريكية. وتلقت عروضًا لكي تبقى في أمريكا لكنها رفضت لحبها في مصر، وقبل عودتها بأيام استجابت لدعوة لزيارة إحدى المعامل النووية في ضواحي كاليفورنيا وفي طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة نقل فجأة لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في وادي عميق واستطاع سائق السيارة القفز واختفى إلى الأبد وأوضحت التحريات أنه كان يحمل اسمًا مستعارًا وأن إدارة المفاعل لم تبعث بأحد لاصطحابها. وبهذا توفيت سميرة موسى أول عالمة ذرة مصرية في حادث سيارة غامض في الولايات المتحدة في 5 أغسطس 1952م وكان عمرها 35 عامًا.
اغتيال عالم الذرة يحيى المشد
يحيى المشد عالم ذرة مصري وأستاذ جامعي ولد في بنها سنة 1932، تخرج من قسم الكهرباء في كلية الهندسة جامعة الإسكندرية سنة 1952، وقد تم اختياره لبعثة الدكتوراه إلى لندن سنة 1956، لكن العدوان الثلاثي على مصر حولها إلى موسكو، حيث سافر وقضى هناك ست سنوات عاد بعدها الدكتور يحيى المشد متخصصًا في هندسة المفاعلات النووية وعند عودته إلى مصر أنضم إلى هيئة الطاقة النووية حيث كان يقوم بعمل العديد من الأبحاث، وفي حرب يونيو 1967 تم تجميد البرنامج النووي المصري، مما أدى إلى إيقاف الأبحاث في المجال النووي، وأصبح الوضع أصعب بالنسبة له بعد حرب 1973 حيث تم تحويل الطاقات المصرية إلى اتجاهات أخرى، وكان لتوقيع صدام حسين في 1975 على اتفاقية التعاون النووي مع فرنسا أثره في جذب العلماء المصريين إلى العراق حيث انتقل للعمل هناك.
وقد قام برفض بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية حيث أعتبرها مخالفة للمواصفات، وبعد هذا أصرت فرنسا على حضوره شخصيًا إلى فرنسا لتنسيق استلام اليورانيوم، وأثناء إقامته بفندق الميريديان بباريس عثر على الدكتور يحيى المشد في يوم 13 يونيه عام 1980 جثة هامدة مهشمة الرأس ودماؤه تغطي سجادة حجرته، ولم تستطيع الشرطة الفرنسية التي قامت بالتحقيق من معرفة الجاني، لأن عادة حوادث الاغتيال تحاط بالتعتيم الإعلامي والسرية والشكوك المتعددة حول أسباب الاغتيال والجهة المسئولة عنه.