القاهرة 17 مارس 2015 الساعة 02:11 م
كتبت - رحاب محسن :
بدأت صباح الأحد 15 مارس فعالياتالملتقى الدولي السادس للإبداع الروائي العربي تحت عنوان «تحولات وجماليات الشكل الروائي-دورة فتحي غانم» ، بالمسرح الصغير بدار الأوبرا. وتتواصل الفعاليات عقب الافتتاح علىمدار أربعة أيام بمقر المجلس الأعلى للثقافة حتى 18يوم مارس.
ويصاحب الملتقى معرض للكتاب «مع خصم50% على إصدارات المجلس» منذ اليوم الأول. و قد أعلن الدكتور/ محمد عفيفي أمين عامالمجلس الأعلى للثقافة مضاعفة القيمة المادية للجائزة التي تمنح في نهاية فعاليات الملتقىلتصل إلى مائتي ألف جنيه لأول مرة منذ انعقاد الملتقى منذ عام 1998. وقررت اللجنة المعدةللملتقى أن تهدى أعمال الدورة الحالية إلى اسم الكاتب الراحل / فتحي غانم تقديرا لماقدمه من أعمال روائية أثرت الحياة الأدبية.
فى البداية توجه الناقد صلاح فضل إلى الحاضرينبكلمة اللجنة العلمية للملتقى، مؤكدا أن هذه الدورة تدعو الجميع لإقامة خارطة طريقفي الإبداع والأدب ،مضيفا أن المثقفين المصريين قاموا بدور بارز ليستردوا مصر مرة أخرىممن استولوا عليها (في إشارة إلى حكم جماعة الإخوان المسلمين الذي انتهى في الثالثمن يوليو 2013).
وألقى كلمة الروائيين والنقاد العرب الكاتبالمغربي الدكتور محمد برادة، فقال إن « الرواية العربية تظل مشدودة دائما إلى الحاضر،فرغم بحث الكاتب زمنيا في الماضي والتاريخ، فإنه يبحث زمنيا عما يفسر الحاضر»، مضيفاأن «الحاضر العربي الدموي يأبى إلا أن يفرض نفسه على الرواية العربية».
والملتقى الدولي للإبداع الروائي العربيواحدً من الملتقيات العلمية المتخصصة في مجال الرواية العربية، على مستوى الوطن العربي،وقد عقدت أخر دورة له عام 2010 تحت عنوان« الرواية العربية إلى أين؟»
و يدور الملتقى هذا العام حول عشرة محاورهي : (الرواية وحدود النوع ،اللغة في الرواية ،تطور التقنيات الروائية، الفانتازياوالغرائبية ،الرواية والتراث، الرواية والفنون ،شعرية السرد ،القمع والحرية ، تقنياتالشكل الروائي ، الرواية ووسائط التواصل الحديثة) بالإضافة إلى خمس موائد مستديرة تتناولكل واحدة منها قضية من القضايا الإشكالية، وهي: (الرواية والخصوصية الثقافية ، الروايةالرائجة،الظواهر الجديدة في الرواية العربية ، الرواية والدراما، جماليات الواقع الفانتازي)بمشاركة مائتين وخمسين ناقدًا وروائيًا ممثلين لعديد من الدول. ومنهم : حياة الرايس/ شكري المبخوت ، من تونس بنسالم حميش / محمد برادة من المغرب بشير مفتي/ سمير قسيميمن الجزائر ، حمور زيادة/ امير تاج السرمن السودان عبده خال/ يحيي إمقاسم/ إبراهيمالخضير من السعودية سعود السنعوسي/ فاطمة يوسف العلي / ليلى العثمان من الكويت سليمانالمعمري من سلطنة عمان- محمد شاهين.
من الأردن غسان نجم عبدالله من العراق عباسبيضون/ عبده وازن من لبنان أحمد مرزوق زين ، بالإضافة إلى عدد كبير من الروائيين والنقادالمصريين.
ثم بدأت فعاليات الملتقى بجلسته الأولىالتي أدارها الدكتور صلاح فضل تحت عنوان «صعوبة الارتباط بين التحولات الشكلية و الجماليةللرواية» . فقدم إبراهيم فتحي بحثه حول «تطور التقنيات الروائية في مصر» متحدثا عنالرواية كنوع أدبي حديث نشأ مع الطبقة البرجوازية ومعياره الإخلاص للذات الفردية بدلامن التقليد الجمعي. و هي تحتفي بالراهن و الجزئي. و في الستينيات أعيد النظر في التقنياتوكثر وصف الواقعية بالتقليدية ورأى الروائي الواقع بعينه لا بعيني الإيديولوجية الرسمية.و قد ظلت الرواية المصرية متنفسا لتقنيات متعددة حتى الرومانسية عند إحسان عبد القدوسو يوسف السباعي.وفي التسعينيات اعتبر التاريخ قائما على أوهام الذاكرة و الوجود متاهةعند مصطفى ذكري ومنتصر القفاش.أما فى العقدين الأول والثاني من القرن الحادي والعشرينانصهرت الرؤية و التقنية على نحو مغاير.
ثم عرض دكتور لطيف زيتوني بحثا بعنوان«أطراف السرد والفوضى الخلاقة» موضحا أن هناك طرفين لا خلاف على تسميتهما :الراوي والمروي له. ولا فرق في ذلك إن كان المروي له هو عين الراوي ( كأن يتصدع الراوي إلىنصفين) أو مستمعا آخر. فبعد إرهاصات كثيرة امتدت لسنوات تمكن جيرار جينيت من تنظيمهذه الأفكار في سلسلة تمتد من المؤلف إلى الراوي إلى النص إلى المروي له إلى القارئ.وهناك من أدخل مصطلح القارئ الضمني ليعبر عن الصورة التي يرسمها الكاتب لقارئ نصه خلالالتأليف مثل لفغانغ أيرز. و أخرين مثل آن بنفيلد الذي أنكر وجود الراوي في السرد وجوزيه ساراماغو الذي أعلن أنه أمضى حياته وهو ينادي بأن الراوي لا وجود له.
ثم تحدث محمد برادة عن العلاقة الإشكاليةبين الشكل و الدلالة في الرواية مؤكدا أن هذه العلاقة تلعب دورا مهما في تعميق الكتابة.ويمكن افتراض أن من حق الروائي أن يختار أي تركيب فني من دون أن يكون له وعي بخلفيةتاريخ الشكل و التركيبات الفنية الملائمة له. من هنا نجد أن تحولات الشكل الروائي فيالتراث الأوروبي و العالمي على امتداد أربعة قرون، خضعت لهذه العلاقة الجدلية و تأثيرهافي وعي الروائيين و النقاد. و ينبئنا تاريخ الرواية الفرنسية أن تحولها عن المسار الكلاسيكيالتقليدي اقترن بتجربة فلوبير ثم من جاءوا من بعده في مطلع القرن العشرين. و هو منطلقيعيد النظر في الشكل المُحاكى و في تقنيات السرد المنتظم و الموضوعية المزعومة. و بالنسبةلمسار الرواية العربية الحديثة نلاحظ أن تحولات الشكل و التقنيات الفنية لم يكن مصحوبابجهود موازية في التنظير الروائي و مُساءلة التراث الروائي العالمي و العربي. بعبارةثانية غالبا ما كانت تحولات الرواية العربية و انتقالاتها الشكلية خاضعة للتأثر باتجاهاتو تحولات الرواية العالمية دون أن يكون الروائي العربي واعيا لخلفياتها الفلسفية..
ثم اختتمت الجلسة ببحث للدكتورة منى طلبةبعنوان»إعادة بناء التراث:قراءة في روايات معاصرة». يقوم البحث على أساس أن كل استدعاءللتراث في العمل الفني هو بالضرورة اقتطاع للقديم من سياقه الذي ورد فيه, هذا السياقالذي لا يستطيع كاتبه الأصلي التحكم فيه وفي معناه أصلا و إيراد المكتوب القديم فيسياق مخالف يعتمد على نوع من القراءة الخاصة بالروائي المعاصر للنص القديم وفق الشروطالتداولية لعصره أي وفقا للواقع الاجتماعي و الحالة النفسية و الثقافية.....إلخ. وهذاما تحقق بامتياز في روايتي:«شوق الدراويش» ل حمور زيادة، و «رحلة الضباع» لـ سهير المصادفة.