القاهرة 18 فبراير 2015 الساعة 02:37 م
بدعوة من أكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية، ووكالة الأنباء الصينية، ومجموعة النشر الدولية الصينية وأكاديمية فوجيان للعلوم الاجتماعية عقد المؤتمر الدولي لطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين في الفترة من 11-12 فبراير 2015وتلاه جولة ثقافية لمعرفة حضارة وآثار مدينة شوانجو " مدينة الزيتون" كما أسماها ابن بطوطة الرحالة العربي المغربي الذي زار المنطقة وعاش فيها في أوائل القرن الرابع عشرة قبل وصول الرحالة الإيطالي ماركو بولو بعدة سنوات، وترك آثار الحضارة العربية في المنطقة وبها متحف بالغ الروعة عن الحضارة العربية وتفاعلها مع الحضارة الصينية فضلا عن المدافن العديدة لكبار الشخصيات العربية الذين تولوا مناصب عليا في تلك المدينة وفي الإقليم وأخذت شواهد الدفن لتوضع في المتحف العربي في المدينة التي كانت من أهم مدن الصين في ذلك العصر، ومنفذها البحري ، مثل بكين وشنغهاي في هذه المرحلة، ولكنها بالمقاييس الصينية مدينة متوسطة الحجم، أما بالمستوى الحضاري والثقافي العربي والتقدم الصناعي والتراث والمتاحف فهي لا تقل عن مدن كبرى عريقة في المنطقة العربية، إن لم تتفوق على معظمها من ناحية البنية الأساسية والتقدم الصناعي.
شارك في المؤتمر حوالي 300 شخصية صينية وأجنبية وكانت المشاركة العربية تتمثل في عضو مجلس الشورى العماني الدكتورة فوزية ناصر الفارسي، ومن السعودية الدكتور صالح الصقيري والدكتور حمود النجيدي من جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية، والدكتور إبراهيم البوعينين رئيس ارامكوا السعودية الأسيوية، والدكتور محمد نعمان جلال من مصر والمستشار السياسي بوزارة خارجية مملكة البحرين، والسفير أحمد حجاج رئيس الجمعية الإفريقية في مصر والمهندس وسامح الشحات مصري مقيم في لندن ويعمل مستشار اقتصاديا في الصين
ولقد كانت مساهمة المشاركين من سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية ومصر مساهمات ملموسة في المدخلات والأطروحات التي قدموها و التواجد في العديد من اللجان بل وفي المناسبات الاجتماعية مما يعكس التقدم الفكري والحضاري الذي تعيشه سلطنة عمان وخاصة بروز دور المرأة العمانية المثقفة والناشطة السياسية ودور جامعة الإمام محمد بن سعود في نشر الوعي العلمي وبالطبع دور مصر كمركز حضاري عربي وإسلامي معروف والخبراء والباحثين منها موضع تقدير وهذا ما لمسناه خلال فترة المؤتمر .
كما كانت المشاركة من الدول الإسلامية كبيرة وخاصة إن معظم تلك الدول تقع في إطار طريق الحرير البحري فقد حضر الأستاذ على بن عياض مستشار أول السفارة الإيرانية في الصين، ومن تركيا الدكتور إبراهيم اوزترك أستاذ الاقتصاد بجامعة اسطنبول، كما حضر الدكتور سوفير رئيس مجلس إدارة مؤسسة مرمرة للأعمال الخيرية وخبراء من الهند وبنجلادش وباكستان وماليزيا واندونيسيا والفلبين واليابان واستراليا والولايات المتحدة وتايلاند وفيتنام وميانمار والاتحاد الأوروبي ونيبال وسرى لانكا واسبانيا وايطاليا وبنجلادش وكندا وغيرها.
أما الصينيون فقد كانوا ينتمون لمختلف جامعات الصين ومن مراكز الأبحاث والفكر فيها، وكثير من مؤسساتها الصناعية ذات الصلة بالتصدير وأيضا عدد من كبار المسئولين وفي مقدمتهم كبار شخصيات الحزب الشيوعي الصيني حيث تم الافتتاح الرسمي للمؤتمر من قبل ليو تشى باو Liu Qibao عضو المكتب السياسي والمسئول الإعلامي في اللجنة المركزية للحزب والسيد جيانج جيانجوا مسئول الدعاية وعضو اللجنة المركزية للحزب، ورؤساء الجهات المنظمة وهم أمين عام الحزب في فوجيان ورئيس الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ورئيس أكاديمية فوجيان ورئيس المؤسسة الصينية للنشر ورئيس دائرة الإعلام باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني .
افتتح المؤتمر في اليوم الأول أمين عام الحزب الشيوعي في إقليم فوجيان، ورئيس وكالة أبناء الصين، ورئيس أكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية، ورئيس مجموعة النشر الدولية الصينية، ورئيس أكاديمية فوجيان للعلوم الاجتماعية، ورئيس دائرة الإعلام باللجنة المركزية للحزب الشيوعي. أما اليوم الثاني فكان الافتتاح الرسمي والأهم للمؤتمر حيث تحدث فيه بالكلمة الرئيسة ليو تشى باو Liu Qibao عضو المكتب السياسي وأمين اللجنة المركزية للحزب ورئيس دائرة الإعلام والدعاية بالحزب، وهو من الشخصيات ال 25 الرفيعة المستوى في الحزب الشيوعي الصيني، ثم نائب رئيس لجنة الإصلاح والتنمية ، ونائبة وزير التجارة ورئيس مؤسسة كون Kuhn للإعلام ( أمريكي الجنسية) والسفير الدكتور محمد نعمان جلال السفير المصري الأسبق لدى الصين ثم رئيس مؤسسة الدبلوماسية العامة بالصين ورئيس مركز أبحاث التنمية بمجلس الوزراء، ورئيس اتحاد الأعمال السنغافوري، ورئيس مؤسسة مرمرة التركية، وهي مؤسسة خيرية خاصة كبرى، ونائب رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية في ميانمار.
انقسم المؤتمر بعد الجلسة العامة في اليوم الأول وأيضا في اليوم الثاني إلى ثلاث لجان عمل أو طاولات مستديرة، كما أطلق عليها هذه التسمية، وترأس كل طاولة شخصية صينية وشخصية من الدول المشاركة، وقد ترأس الدكتور السفير محمد نعمان جلال طاولة على مدى يومين متتالين حيث كان الافتتاح الرسمي للمؤتمر فضلا عن إلقاء كلمة رئيسة في اليوم الثاني بحضور الشخصية الحزبية الرئيسة في المؤتمر وهو السيد ليو تشي باوLiu Qibao .
دارت مناقشات المؤتمر حول ثلاثة محاور:
المحورالأول: القيم والمغزى لطريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين ، وترأس المحور الدكتور محمد نعمان جلال على مدى يومين مع نائب رئيس أكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية.
الحور الثاني : العمل للتنمية المشتركة والازدهار وترأس أعمال المحور البروفسور أكان سوفير رئيس مؤسسة مرمرة من تركيا ، مع نائب رئيس مجموعة النشر الصينية الدولية.
المحور الثالث : البحث عن فرص جديدة للتنمية وآفاق جديدة للتعاون وترأسها البروفسور الكسندر لوكين من روسيا،مع رئيس أكاديمية فوجيان.
وبالنظر لكثرة المناقشات والمداخلات فلا يتسع المقام للتعرض لها تفصيليا ونكتفي بأن
نسوق عدداً من الملاحظات التي تتعلق بالمؤتمر وأعماله وفي مقدمتها:
الأولى: إن المؤتمر ضم خبراء ومتخصصين في قضايا الصين والتنمية، وفي قضايا طريق الحرير وعلاقات الصين مع العالم الخارجي، وكثير منهم متفهم لضرورة إحياء طريق الحرير البحري كأداة من أدوات التطور العالمي، في عالم تتقارب أطرافه، وتتداخل مصالحه في إطار من الاعتماد المتبادل.. بينما قلة من المشاركين لأسباب تاريخية أو التنافس السياسي في آسيا أثاروا بعض الشكوك والمخاوف من صعود الصين كقوة عظمى تبتلع الدول الصغرى حولها - كما حدث في التاريخ الاستعماري العالمي، وآخرون شعروا بأن صعود الصين سيؤثر عليهم وعلى مكانتهم ودورهم في العالم وكان من أبرز من تحدث في هذا الصدد خبراء من فيتنام والهند.بوجه خاص
الثانية: إن بعض المفكرين الهنود تحدثوا عن ضرورة الأخذ في الاعتبار لمصالح الولايات المتحدة في آسيا والمحيط الهادي، وأنه لا ينبغي إطلاق العمل في طريق الحرير البحري دون تشاور مكثف مع كافة الأطراف لأن هذا الطريق ليس للصين بمفردها بل سيمر عبر العديد من الدول والمناطق كما سوف تتأثر به العديد من الدول ممن لا تنتمي إلي المنطقة ولكن لها مصالحها في هذه المنطقة مثل الولايات المتحدة ومن المفارقة أن الذي أثار ذلك هو أحد الباحثين الهنود .
الثالثة: أكد بعض المسئولين الصينيين وبعض الباحثين والخبراء بأن الصين تسعى للتعاون مع العالم، وإنها لم تكن دولة استعمارية في الماضي، ولن تكون كذلك في المستقبل لذلك بالاختراعات الصينية القديمة مثل اختراع الصين للورق والبارود والحرير والطباعة،ومع ذلك فإن اهتماماتها كانت منصبة علي التجارة مع العالم دون أن تستعمره بل ودون أن تصدر أسلحة لتدمير العالم وإنما صدرت السلع لإثراء العالم وأقامت سور الصين العظيم لحماية بلادها من البرابرة كما كان يطلق على بعض دول الجوار في العصور القديمة.
الرابعة: حاول الصينيون تهدئة مخاوف بعض الخبراء من دول الهند الصينية وخاصة والهند وطمأنتهم على أنها تعمل في إطار المشاركة والتشاور مع كل الأطراف المعنية وأن هدفها التجارة والكسب للجميع وليس للصين فقط، وإنها سوف تستمر في نهج التشاور وتطوير الأفكار للمصلحة ) والمنفعةالمشتركة. وتسعي لإزالة أي غموض في المصطلحات التي أشار إليها بعض الباحثين في مداخلاتهم ( يتبع)