القاهرة 02 فبراير 2015 الساعة 03:32 م
كتبت : ميرفت عياد
فى ظل ما آثارته وسائل الأعلام العالمية والمحلية عن حالة قناع الفرعون الذهبى "توت عنخ آمون" الذى يعد واحدا من أهم إن لم يكن أهم القطع الأثرية فى العالم ، لذا انتفض العالم من أجل تلك القطعة الأثرية الفريدة ولاقى ما نشر اهتمام دولى .
ومن هنا أكد د. ممدوح الدماطي وزير الآثار سلامة قناع الملك توت عنخ آمون وكذلك اللحية الخاصة به، بعد اللغط الذي أثير مؤخراً في وسائل الإعلام المختلفة حول سقوط لحية القناع.
موضحا أنه سيتم تشكيل لجنة من الأثاريين والمرممين والفيزيائيين لدراسة المواد التي استخدمت في لصق اللحية منذ أربعينات القرن الماضي وحتي الآن ، مشيرا إلي أنه طلب من د. كريستيان إيكمان الخبير الألماني في مجال ترميم المعادن فحص القناع لإبداء رأيه العلمي في عملية لصق اللحية بالقناع والتي تمت في أغسطس الماضي ، مؤكدا على أنه سيتم محاسبة أي شخص يثبت إهماله في التعامل مع القناع وتحويل المخطئون للتحقيق.
من جانبه أكد د. كريستيان إيكمان أنه قام بفحص القناع واتضح من الفحص المبدئي عدم وجود أي خدوش نتجت عن استخدام أدوات حادة في ترميم القناع مثلما أشيع ، مضيفا أن هناك العديد من الآراء حول مادة الإيبوكسي المستخدمة في لصق اللحية وما إذا كانت تمثل خطورة فعلية علي الأثر أم لا، مؤكدا أنه يمكن إزالة هذه المادة ببعض العمليات الميكانيكية بما لا يشكل أي خطر علي القناع الذي يعد واحدا من أهم مقتنيات الملك توت عنخ آمون بل وواحدا من أهم قطع الآثار بالمتحف المصري عامة.
المجلس الدولى للمتاحف
وأوضح الدكتور محمد سامح عمرو سفير مصر باليونسكو ورئيس المجلس التنفيذى للمنظمة على أنه تلقى عددا من الاتصالات من المؤسسات الدولية المعنية بالشأن الأثرى ، الاستفسار والتساؤل عما أثارته وسائل الأعلام العالمية والمحلية عن حالة قناع توت عنخ أمون، مؤكدا أن هناك متابعة مستمرة من جانب المجلس الدولى للمتاحف.
مشيرا إلى أن هذا القلق له ما يبرره، إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن هذا القناع يعتبر واحد من أهم أن لم يكن أهم القطع الأثرية على الإطلاق فى العالم. وأضاف بأن رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب قد أصدر تكليف مشدد بضرورة العمل فورا مع الهيئات الدولية المعنية لتوفير عدد من الخبراء الدوليين فى أسرع وقت ممكن للحضور لمصر لتقييم حالة القناع.
مضيفا أن خطوط الاتصال مفتوحه بشكل مستمر مع المسئولين عن المجلس الدولى للمتاحف، حيث أكدت له المديره العامة للمجلس أنه نظرا لأهمية هذه القطعة الأثرية فأن المجلس سوف يوفر قائمة بجميع الخبراء على مستوى العالم المتخصصين فى مثل هذا النوع من الترميم، كما وعدت بأن المجلس الدولى للمتاحف سوف يقدم كل سبل الدعم الممكنة للحكومة المصرية نظرا لما يتمتع به القناع من قيمه عالمية.
مؤكدا على أن المجلس الدولي للمتاحف أعرب عن استعداده لإرسال خبراء دوليين من أهم المتاحف على مستوى العالم. وأكدوا أنه أيا ما كان الوضع الحالى فلابد أن يتم التعامل مع هذا الموضوع بالقدر الذى يناسب أهمية هذه القطعة الأثرية وذلك على مرحلتين الأولى تتمثل فى الوقوف على حقيقة الوضع وتقييم حالة القناع بشكل علمى مجرد، والثانية أنه إذا ثبت وجود تلف بالقناع ففى هذه الحالة سيتم إيفاد خبراء متخصصين للقيام بأعمال الترميم المناسبة .
غطاء رأس المومياء المكفنة
وشهد قناع توت عنخ آمون هذا على ارتفاع المستوى الفني والحرفي الذي وصل إليه المصريون القدماء في الدولة الحديثة. وقد كان القناع يغطي رأس المومياء المكفنة في تابوتها. وسجل عليه التعويذة الحادية والخمسون بعد المائة من كتاب الموتى تأكيدا لمزيد من الحماية لجسد الملك ، وقد عني الفنان بتمثيل التفاصيل الدقيقة الصادقة حتى تتمكن روح الملك المتوفى من الاهتداء إلى جسده تارة أخرى ومن ثم تعين على بعثه ، ونرى هنا الرأس وقد غطيت بغطاء الرأس الملكي وزينت الجبهة برموز الملكية والحماية المتمثلة في النسرة والكوبرا. وقد تم تشكيل الألواح الذهبية المستخدمة هنا عن طريق التسخين ثم الطرق. واستخدمت أحجار الأوبسيديان والكوارتز في تشكيل العينين واللازورد في تشكيل الحاجبين والجفنين كما زين الصدر بقلادة من الأحجار شبه الكريمة والزجاج الملون والذي ينتهي برؤوس الصقر.
الفرعون الذهبي
ويعود الملك توت عنخ آمون الى الأسرة الثامنة عشر وكان فرعون مصر من 1334 إلى 1325 ق.م. في عصر الدولة الحديثة ، وكان عمره وقتها تسع سنوات، ويعنى اسمه باللغة المصرية القديمة "الصورة الحية للإله أمون"، كبير الآلهة المصرية القديمة. عاش توت عنخ آمون في فترة انتقالية في تاريخ مصر القديمة حيث أتى بعد أخناتون الذي حاول توحيد آلهة مصر القديمة في شكل الإله الواحد، وتم في عهده العودة إلى عبادة آلهة مصر القديمة المتعددة. و يعد الفرعون الذهبي من أشهر الفراعنة، لأسباب لا تتعلق بانجازات حققها أو حروب انتصر فيها، وإنما لأسباب أخرى من أبرزها اكتشاف مقبرته وكنوزه بالكامل دون أي تلف، إضافة إلى اللغز الذي أحاط بظروف وفاته في سن مبكرة وعمره لم يتجاوز العشرون عاماً ، خاصة مع وجود آثار لكسور في عظمي الفخذ والجمجمة إلى جانب زواج وزيره من أرملته وتنصيب نفسه فرعوناً ، الأمر الذي جعل الكثيرون يظنون أنه لم يمت وإنما تم قتله في عملية اغتيال .
اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي
وتم اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي "توت عنخ آمون" عام 1922، من قبل عالم الآثار البريطاني والمتخصص في تاريخ مصر القديمة "هوارد كارتر"، عندما كان يقوم بحفريات عند مدخل النفق المؤدي إلى قبر الملك رمسيس الرابع في وادي الملوك بالبر الغربى بالأقصر، فلاحظ وجود قبو كبير واستمر بالتنقيب الدقيق إلى أن دخل إلى الغرفة التي تضم ضريح توت عنخ أمون، وكانت على جدران الغرفة التي تحوي الضريح رسوم رائعة تحكي على شكل صور قصة رحيل توت عنخ أمون إلى عالم الأموات، وقد أحدث هذا الاكتشاف ضجة إعلامية واسعة النطاق في العالم، نظراً للتوصل إلى مومياء الفرعون الصغير كاملة المحتويات، وبكامل زينتها من قلائد وخواتم والتاج والعصي وكلها من الذهب الخالص والأبنوس.
أهمية كنوز الملك توت عنخ آمون
وترجع أهمية مجموعة الملك توت عنخ آمون إلى العديد من الأسباب، أولها ، أن تلك الأمتعة ترجع إلى الأسرة الثامنة عشر، أزهى عصور مصر القديمة، حيث انفتحت البلاد على أقاليم الشرق الأدنى القديم، بفضل الحملات العسكرية والعلاقات التجارية، من تصدير واستيراد للمواد والمنتجات المصنعة، ونشاط أهل الحرف والفنانين . السبب الثاني أن كنز توت عنخ آمون هو أكمل كنز ملكي عُثر عليه، ولا نظير له. إذ يتألف من ثلاثمائة وثمان وخمسين قطعة تشمل القناع الذهبي الرائع، وثلاثة توابيت على هيئة الإنسان، أحدها من الذهب الخالص، والآخران من خشب مذهب. أما السبب الثالث فهو وجود أمتعة الحياة اليومية.كالدمى واللعب، ثم مجموعة من أثاث مكتمل، وأدوات ومعدات حربية، فضلاً عن رموز أخرى وتماثيل للأرباب تتعلق بدفن الملك وما يؤدى له من شعائر. هذا بالاضافة الى السبب الرابع وهو ان هذا الكنزنعلم منه حياة الملك، مثل حبه للصيد وعلاقته السعيدة بزوجته "عنخ آسن آمون" وحاشيته الذين زودوه بالتماثيل التي تقوم بإنجاز الأعمال بالنيابة عن المتوفى في العالم الآخر.
أهم محتويات مقبرة توت عنخ امون
وتعد مجموعة مجوهرات "توت عنخ آمون" من أشهر وأندر مجوهرات ملوك مصر الفرعونية، حيث تضم هذه المجموعة عدداً كبيراً من القلادات والأقراط والتيجان، من بينها القلادة الصدرية المزخرفة والمصنوعة من الذهب والفضة والعقيق الأبيض والأحمر وحجر الكالسيت واللازورد والفيروز وحجر الاوبسيديان والزجاج الأبيض والأسود والأخضر والأحمر والأزرق.والتكوين الزخرفى لهذه القلادة شديد الدقة ، حيث يتكون الجزء السفلى منها من زخارف نباتية وزهرية، فى حين يتكون الجزء الأوسط من شكل زخرفى على صورة صقر مصنوع من الذهب المرصع وباسط جناحيه بالإضافة إلى الرمزين النباتيين "زهرة اللوتس" للوجه البحرى و"نبات السَّعاد" للوجه القبلى.
ومن أهم محتويات المقبرة كرسى العرش الوحيد الذى وصل لنا من حضارة المصريين القدماء والأسرة و العجلات التى تجرها الخيول وأدوات القتال من سيوف وخناجر ،والتابوت الذهبى للملك الذى يزن أكثر من 110 كيلوجرامات، والقناع الذهبى المرصع بالأحجار شبه الكريمة الذى كان يغطى وجه المومياء. كما يوجد تابوتان آخران من الخشب المغطى بالذهب ، وهناك 314 تمثالاً كانت توضع فى المقبرة لكى تقوم بالعمل بدلاً من الملك فى العالم الآخر . كما يوجد 32 تمثالاً للملك وآلهة العالم الآخر من الخشب المذهب.
كما عثر أيضا فى المقبرة على كثير من الصناديق المزخرفة بالمناظر الحربية ومناظر الصيد والترفيه والمقاصير الكبيرة من الخشب المذهب ونقشت عليها مناظر من كتب العالم السفلى تصور علاقة الملك مع الشمس والمعبودات المختلفة. وكذلك مجموعة من 143 قطعة من الحلى الذهبية المرصعة بأحجار شبه كريمة أغلبها يمثل معبود الشمس بأشكاله المختلفة والقمر أيضاً، فهناك الأساور والأقراط والخواتم والصدريات والدلايات، بل هناك درع صنع للملك من الذهب ورصع بالأحجار والزجاج الملون وزخرف بأشكال المعبودات التى تحمى الملك وترعاه فى حياته وبعد وفاته، كما عثر هناك على مجموعة هائلة من الأوانى التى صنعت من الألبستر أهمها بالطبع ذلك الإناء الذى يمثل علامة الوحدة بين شطرى البلاد يربطهما معبود النيل،