القاهرة 18 ديسمبر 2014 الساعة 02:16 م
• وكانت الإدارة الأمريكية ، ترصد وتراقب تحركات " الحليف الإسلامي " خطوة .. خطوة .. في إطار استراتيجية بناء ومراقبة تنظيم " الحليف الإخواني" ، وتمهيد الساحة أمامهم بهدوء دون استعجال ، ومن هذه الزاوية جاء الجنرال " جون أبو زيد " قائد المنطقة المركزية للقوات الأمريكية السابق ، للقاهرة ، وهو من أصل لبناني ويتحدث العربية جيدا ، وأبلغ الرئيس الأسبق مبارك رسالة تقول : " واضح أن الإخوان كتيار دي
ني موجود في الشارع وأكثر من أي تصور ، من فضلكم أعطوه الفرصة " وكان هذا قبل انتخابات مجلس الشعب عام 2005 !! وفي الدورة الأولى من الانتخابات فاز الإخوان بأكثر من 50 مقعدا ، والدورة الثانية بعدد أكبر 34 مقعدا ، وبين الجولتين جاء إتصال هاتفي من الرئيس الأمريكي " بوش الإبن " للرئيس مبارك ، وقال متسائلا : " حسني ما الذي يحدث عندكم ؟! " فعقب مبارك قائلا : " ما حدث نتيجة لنصائحكم .. ماذا نفعل ؟ " فقال بوش ــ وطبقا للتسجيلات ــ نحن لا نريد التدخل أفعلوا ما تشاءون وكما تريدون " فجاءت المرحلة الثالثة من الانتخابات صادمة للإخوان !!
ويبدو أن الإدارة الأمريكية كانت تتحسب جيدا من " الاستعجال " وسرعة قفز الحليف إلى السلطة التشريعية .. كان المطلوب خطوة .. خطوة !!
• ويؤكد اللواء محمد راشد ، وكيل جهاز المخابرات الأسبق ، أن الاتصال بين جماعة الإخوان وجهاز المخابرات الأمريكية مستمر منذ سنوات ، وأن هذا التعاون تحول من متابعة إلى تعاون ولقاءات بين الجانبين ، بداية من عام 2005 عقب الانتخابات البرلمانية التي فاز فيها الإخوان بـ88 من مقاعد مجلس الشعب .. وأضاف اللواء راشد : هناك اتصالات مباشرة بين المخابرات الأمريكية ، والإخوان ، بدأت عقب انتخابات مجلس الشعب عام 2005 عبر قنوات خلفية ، لأنهم تأكدوا من أن هذا التنظيم سيكون له مستقبل في حكم البلاد ، وهذه الاتصالات كانت مرصودة من قبل المخابرات المصرية ، وأن اللواء عمر سليمان مدير الجهاز السابق ، كانت له علاقات وطيدة مع المخابرات الأمريكية وعرف منهم أن هناك اتصالا مع جماعة الإخوان ، لكنه " طنش " بسبب العلاقة بين مصر وأمريكا ، وأن اتصالات الإخوان بالـ " CIA " زادت بشكل ملحوظ بعد الثورة المصرية ، وظهور الجماعة على الساحة باعتبارهم الفصيل المنظم الأوحد ، وكانت المخابرات الأمريكية تراقب الوضع ، وتحاول أن تحتويه لأن وضع مصر استراتيجي بالنسبة لهم!!
• ولذلك لم تجد الإدارة الأمريكية أفضل من السفيرة " آن باترسون " لتكون العين الرسمية والسحرية للولايات المتحدة في مصر ، فتم استدعاء المرأة الحديدية من باكستان لتأتي إلى القاهرة بعد رحيل السفيرة التقليدية " مارجريت سكوبي " .. وفور دخول " آن باترسون " مقر السفارة قامت بترتيب لقاء بين نائب وزير الخارجية الأمريكي " بيل بيرنز " والدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة في يناير 2011 وكان هذا اللقاء المباشر هو الأعلى في المستوى بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين !! وكانت " باترسون " أنشط سفراء الغرب في متابعة الانتخابات الرئاسية ، وكانت " مكوكا " لا يهدأ بين مختلف الدوائر الانتخابية !!
• وكانت الإدارة الأمريكية ، بعد الأسبوع الأول من ثورة 25 يناير 2011 قد وجدت أن الفرصة سانحة أمام " الإخوان " وبعد أن وجدوا أن " مبارك " لم يكن يستطيع الاستمرار ، وهو كان يقاوم ويعاند ــ وكما يقول الأستاذ هيكل ــ فإن ضمن أسباب رضوخ مبارك للتخلي عن السلطة ، هي مع الأسف الشديد الضغوط الأمريكية ، أو ما اعتبره " مبارك " خيانة من " أوباما " في ظهره ، وكلمة مكالمة استمرت نصف ساعة ، وتقريبا " تشاتما " في المكالمة ، وأن الجنرال مولن ، رئيس أركان حرب الجيش الأمريكي ، قال لمن التفاهم من العسكريين المصريين في واشنطن في ذلك الوقت : " مبارك ما بقاش ينفع .. يخرج بره " !! وكان الحل الذي تمت دراسته في واشنطن ، هو إجراء الانتخابات التشريعية قبل الدستور ( رغم المطالب الشعبية بالدستور أولا ) ولما قيل له إن الانتخابات ممكن تأتي بعناصر من الإخوان ، قال لهم الجنرال مولن :" مش مهم .. الإخوان تيار موجود وقوي ، وهو يقدر يمشي الأمور بلا مشاكل " !!
ومما سبق من صفحات سجل العلاقة " الأمريكية ـ الإخوانية " يضعنا أمام إجابة واضحة وشافية عن التساؤل : لماذا تقف أمريكا ضد ثورة 30 يونيو 2013 ورحيل نظام الإخوان !!!
الجماعة فوق الوطن !!
صفحات من تاريخ " العنف والدم "
هذه بعض صفحات من تاريخ " العنف والدم " .. وهي تتكرر ، وربما بأدق تفاصيل سطورها ، بعد اليوم المشهود 30 يونيو 2013 والخروج الكبير غير المسبوق عالميا ، يعلن زحف الملايين من الشعب المصري تطالب بعزل الرئيس الإخواني " محمد مرسى " وسقوط حكم المرشد ، وحل جماعة الإخوان المسلمين ، ثم تداعت الأحداث بعد التفويض الشعبي للجيش بمواجهة الإرهاب ، في السادس والعشرين من يوليو ، وحين التحمت الملايين من الشعب المصري مرة أخرى داخل الشوارع والميادين العامة ، وتم فض إعتصامي " جماعة الإخوان وانصارها من التيار الإسلامي " في
ميداني النهضة بالجيزة ، ورابعة العدوية في مدينة نصر .. ثم انفجرت أعمال العنف ، تهدد بالمزيد من الدماء !!
وما حدث كان متوقعا بالطبع .. ولكن ما لم يكن متوقعا ، هو تكرار نفس الصفحات ، من نفس القصة ، وحتى تشابه الأحداث والوقائع تقريبا ، نفس مشاهد الدماء والاغتيالات وحتى الصفقات ، نفس المطامع ، لم يتغير شيئ ، ومنذ أن تم تأسيس جماعة الإخوان المسلمين على يد مدرس للغة العربية في مدينة الإسماعيلية " الأستاذ حسن البنا " عام 1928 .. وفي 23 مارس من نفس العام ، كما يعترف البنا في كتابة " مذكرات الدعوة والداعية " يتلقى دعما ماليا وقدره ( 500 جنيه ) من ضابط المخابرات البريطانية بعدما ذهب للجلوس معه في الفرقة ( m 6 ) دعما لتأسيس جماعة الإخوان المسلمين !! والمبلغ يعادل ملايين الجنيهات في الزمن الراهن ، وبهذا الدعم تنقل الجماعة نشاطها إلى القاهرة ، ويجتمع المؤسسون السبعة ، ويعلنوا إنشاء الجماعة واختيار "البنا " رئيسا لها ، واتفقوا فيما بينهم على أسس التكوين من ثلاثة أجيال :
• جيل التكوين .. وهو الجيل الذي يسمع ، وليست الطاعة واجبة عليه ، فيجب نشر الفكرة وتحبيب الناس فيها دون فرض قيود الطاعة والولاء حتى لا تفشل الفكرة ..
• جيل الجهاد .. وهو الأداة التي ستصبح وسيلة تحقيق الغاية نحو هدف البنا الأساسي
( الخلافة وإستاذية العالم ) ومفروض عليه السمع والطاعة ..
• جيل الانتصار .. وهو الذي سيتولى أمر المسلمين بعد تحقيق الهدف ..
وأسس حسن البنا النظام الهرمي للجماعة ، وبشكل أقرب إلى النظام العسكري ، بدءا من الأسر، والشعب ، والمناطق ، فالمحافظات ، حتى تصل إلى مكتب الإرشاد ، وكل أسرة ( كتيبة لدى العسكر ) مكونة من بضعة أفراد يتحكم فيها قائد ، وكل مجموعة من الأسر تشكل شعبة ( لواء لدى العسكر ) وكل مجموعة من الشعب تمثل منطقة فمحافظة ( جيش لدى العسكر ) وكل فرد مطالب بطاعة الذي يعلوه دون رد ، فالأمر قد جاءهم من مكتب شورى الإخوان الذي لا يخطئ أبدا ، وإن تجرأت بالسؤال فأنت معرض للتحويل إلى مجلس تأديب ( تحويل للمكتب لدى الجيش) !! وبدأ حسن البنا في العام 1938 ينتقل بجماعته للجيل الثاني ، وهو الجيل المحارب أو جيل الجهاد .. وبالفعل بدأ في تحويل جزء من الجماعة من العمل المدني الدعوي للعمل العسكري .. فأنشأ فرق للرحلات ، تطورت لجواله بلباس عسكري ، تطورت إلى كتائب ، تطورت إلى أسر ، تطورت بطبيعة الحال لتنظيم مسلح .. عرف هذا التنظيم بإسم الجهاز الخاص أو التنظيم السري .. وشروط الإنضمام إليه بالغة الصعوبة ، لأن عناصره يتم اختيارهم بدقة بالغة .. شعارهم الموت في سبيل الله والتضحية بكل ما هو غالي ونفيس .. وقانون هذا التنظيم يعرف بـ " قانون التكوين " أي أنه يتم تكوين التنظيم من مجموعات ، وكل مجموعة ينبثق عنها مجموعات أخرى ، ينبثق عن كل منها مجموعات أخرى ، بحيث لا يكون هناك رابط بين المجموعات وبعضها لتأمين أنفسهم !!
وبعد 7 سنوات من تأسيس " الجهاز الخاص " بدأت فصول العنف الدموي والإرهاب :
• في عام 1945 قام محمود العيسوي باغتيال رئيس وزراء مصر أحمد باشا ماهر ، وقد أقر الشيخ أحمد حسن الباقوري ، والشيخ سيد سابق المنتميان لجماعة الإخوان في مذكراتهما بالواقعة .. ويقول " الباقوري " في مذكراته : ( ومن سوء حظ الدعوة أن هذا النظام الخاص رأى أن ينتقم لإسقاط المرشد في الانتخابات بدائرة الإسماعيلية ، وكان من أشد المتحمسين لفكرة الانتقام هذه محام شاب يتمرن على المحاماة في مكتب الأستاذ عبد المقصود متولي ، وهو المحامي الشاب محمود العيسوي ، فيما أعلنت حكومة الدكتور أحمد ماهر باشا الحرب على دول المحور لكي تتمكن مصر ـ بهذا الإعلان ـ من أن تمثل في مؤتمر الصلح إذا انتصرت الديمقراطية على النازية والفاشية ) ويذهب الباقوري إلى القول : ( رأي النظام الخاص أن هذه الفرصة سنحت للانتقام من رئيس الحكومة ، ووجه محمود العيسوي إلى الاعتداء على المرحوم أحمد ماهر باشا ، فاعتدى عليه في البرلمان بطلقات سلبته حياته التي وهبها لمصر منذ عرف الوطنية ، رحمه الله رحمة واسعة ) .. وداخل هذا الفصل من رواية " إخوان العنف والدم " نجد أن الدكتور أحمد ماهر ، قد أجرى الانتخابات البرلمانية في يناير سنة 1945 ، ونتج عنها عدم فوز حزب الوفد بالأغلبية ، وكان حسن البنا قد تقدم لخوض الانتخابات في مدينة الإسماعيلية ولم يفز ، فاعتبر أنصاره أن عدم نجاحه متعمد من رئيس الوزراء ، رغم أنه لم يثبت أن هناك تزويرا تم في هذه الدوائر ، كما أن منافس حسن البنا كان معروفا في مدينة الإسماعيلية ومقيما بها ، بينما البنا كان قد غادرها إلى القاهرة ، منذ سنة 1932 ولا ننسى أنه ليس من أبناء الإسماعيلية أصلا ، وقد ترك الإسماعيلية وخلفه عدد من المشكلات وغضب بين فريق من الإخوان تحدث هو عنه في مذكراته .. وتقول تفاصيل المشهد الدموي : بينما كان الدكتورأحمد ماهر باشا داخل الجلسة السرية لمجلس الوزراء ، جلس أربعة شبان في البهو لساعات طويلة ينتظرون ، وما إن تهيأ للخروج حتى تقدم أحدهم منه ليصافحه ، لكنه بدلا من ذلك أخرج مسدسا وأطلق عليه رصاصة واحدة أصابته في قلبه ، وهدد القاتل المحيطين برئيس الوزراء ، حتى لا يتمكنوا من الإمساك به ، لكن في النهاية تم القبض عليه ، وهرب الثلاثة الآخرون !!
• وفي العام 1946 إندلعت في مصر مظاهرات عديدة .. كان للإخوان فيها حظا كبيرا .. ثم قام التنظيم السري للجماعة بتفجير عدد من أقسام الشرطة ( والوقائع تتكرر الآن ) !! ومع بداية عام 1948 وهو عام الكوارث على الإخوان المسلمين .. وبالتحديد في السابع والعشرين من فبراير ، وقع انقلاب على نظام الحكم في اليمن ، واغتيل فيه الإمام يحيى حميد
الدين حاكم اليمن على يد المعارضة بزعامة عبد الله الوزيري .. وكان لحسن البنا وللجماعة الدور الأكبر في هذا الإنقلاب بالتعاون مع البدر حفيد الإمام يحيى لإعداد اليمن لتكون أولى دول الخلافة .. ولكن الإنقلاب لم يدم لأكثر من ستة وعشرون يوما فقط .. فكان ذلك بداية التوتر بين ملك مصر وحكومتها من جانب، وجماعة الإخوان المسلمين ورجلها الأول حسن البنا من جانب آخر ( هل هناك تشابه مع ما يحدث في سوريا الآن ) !!
• في الثاني والعشرين من مارس من نفس العام 1948 .. قام التنظيم السري باغتيال قاضي مدني وهو القاضي أحمد بك الخازندار، وهو يعبر الطريق ، على يد عضوي الجماعة ، حسين عبد الحافظ ، ومحمود زينهم ، اللذان عوقبا بالأشغال الشاقة المؤبدة لكلاهما .. وقد تم إغتيال القاضي بعدما حكم في قضية كان أحد أطرافها عضوا في جماعة الإخوان المسلمين !! ويقول أحد قيادات النظام الخاص لجماعة الإخوان " أحمد عادل كمال " ، عن بداية واقعة الاغتيال والترتيب لها : " لأول مرة أقول هذا ، جرى نقل " الخازندار " إلى القاهرة من الإسكندرية ، ولم يكن أحد يعرف مكانه ، وكان " السندي " مسؤول التنظيم الخاص ، لا يريد قتله في المحكمة ، حينها كنت أعمل في بنك القاهرة ، وفوجئت بأن " الخازندار " فتح له حسابا عندنا ، فأخذت معلومات عنه ، منها عنوانه ، وأبلغتها لقياداتي في النظام ، وكنت أعلم بأن هناك تخطيطا لقتله " ..
• وفي الخامس عشر من نوفمبر 1948 أمسكت الشرطة سيارة جيب بها مستندات تخص جماعة الإخوان المسلمين .. عبارة عن مخططات تفجير واغتيالات .. ومستندات كل عمليات التفجير التي تمت في الآونة الأخيرة ، فضلا عن بعض القنابل والمتفجرات .. والأهم من ذلك القبض على ثلاثة من رجال الإخوان كان أهمهم " مصطفى مشهور" أحد الخمسة المؤسسين والمسؤولين عن التنظيم السري " التنظيم الخاص " وأحمد عادل كمال ، وآخر
!!
• في الرابع من ديسمبر من نفس العام 1948 جرت مظاهرة بكلية الطب بجامعة فؤاد ( القاهرة ) فقاد اللواء سليم زكي ــ حكيمدار شرطة القاهرة ــ قوات الأمن لفض المظاهرة .. وإذا بطالب ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين يلقي عليه بقنبلة من الطابق الرابع فسقطت أمامه فمات على الفور !!
• في السادس من ديسمبر 1948 أي بعد يومين من الحادث ، صدر الأمر بإغلاق صحيفة الإخوان .. وفي نفس اليوم خرجت جريدة الأساس .. جريدة الحزب الحاكم بعنوان .. أخبار سارة ستذاع قريبا .. فساد التوتر تصرفات الجماعة ، وحاول حسن البنا فعل أي شيء لإنقاذ الموقف بعدما شعر بخطورته .. ولكن دون فائدة .. وتجمع قادة الجماعة ومعظم المنتمين لها بالمقر العام بالدرب الأحمر ــ وسط القاهرة ــ والتفوا جميعا حول الراديو ، في إنتظار الأخبار التي سيذيعها الراديو .. وفي الساعة الحادية عشر من مساء يوم الثامن من ديسمبر عام 1948 أذاع راديو القاهرة أمر الحاكم العسكري العام رقم 63 لسنة 1948 بحل جماعة الإخوان المسلمين بكل فروعها في البلاد ، ومصادرة أموالها وممتلكاتها ..
وقد سبق قرار حل جمعية الإخوان المسلمين ، تقريرا تضمنته مذكرة قدمها عبد الرحمن بك ، وكيل وزارة الداخلية إلى النقراشي باشا ، جاء فيها :
" كشف القائمون على أمر " جماعة الإخوان المسلمين " عن أغراضهم الحقيقية ، وهي أغراض سياسية ترمي إلى وصولهم إلى الحكم ، وقل
ب النظم المقررة في البلاد ، وقد اتخذت الجماعة في سبيل الوصول إلى أغراضها طرقا شتى يسودها طابع العنف ، فدربت أفرادا من الشباب أطلقت عليهم إسم الجوالة ، وأنشأت مراكز رياضية تقوم بتدريبات عسكرية مستترة وراء الرياضة .. وأخذت الجماعة تجمع الأسلحة والقنابل والمفرقعات ، وتخزنها لتستعملها في الوقت المناسب ، وساعدها على ذلك ما كانت تقوم به بعض الهيئات من جمع الأسلحة والعتاد بمناسبة قضية فلسطين .. وأنشأت مجلات أسبوعية وجريدة سياسية يومية تنطق باسمها ، سرعان ما إنغمست في تيار النضال السياسي متغافلة عن الأغراض الدينية والاجتماعية التي أعلنت الجماعة أنها قامت لتحقيقها .. وبفحص المكتبات والمقترحات الأخرى ، اتضح من الاطلاع على التقرير المرسل من بعض أعضاء الجمعية في طنطا ، أنهم يعيبون على الجمعية سياستها الحالية التي تصطبغ بصبغة دينية بحتة ، وأن الجمعية ليست جمعية دينية بالمعنى الذي يفهمه الجمهور ، وإنما هي جمعية سياسية دينية اجتماعية ، تنادي بتغيير القوانين وأساليب الحكم الحالية ، والخطب الدينية لا تفيد في توجيه الجمهور إلى تفهم غرضها الحقيقي ، وأن الوسيلة لبلوغ هذا هو إثارة الجمهور بطريقة طرق مشاعره وحساسيته وليس عقله وتقديره .. وكتب حسن البنا ، مؤسس الجماعة ، بخط يده على هذا التقرير ، " أنه مؤمن بما ورد فيه ، موافق على ما تضمنه من مقترحات " !! واستمر قادة الجماعة ورؤساؤها يعالجون الأمور السياسية في خطبهم وأحاديثهم ونشراتهم جهرة ، متابعين الأحداث السياسية ، منتهزين كل فرصة تسنح لهم للوصول إلى أغراضهم .. "
وتضيف مذكرة عبد الرحمن بك وكيل وزارة الداخلية : " لقد أوضحت تحقيقات الجناية العسكرية العليا ، رقم 883 سنة 1942 قسم الجمرك ، حقيقة أغراض هذه الجماعة ، وأنها تهدف إلى النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية ، متخذة في ذلك طرقا إرهابية ، بواسطة فريق من أعضائها دربوا تدريبا عسكريا وأطلق عليهم إسم " فريق الجوالة " .. وفيما يلي أمثلة قليلة لهذا النشاط الإجرامي :
• بتاريخ 6 يوليو 1942 وقع صدام في مدينة بور سعيد بين أعضاء هذه الجماعة وخصوم لهم ، استعملت فيه القنابل والأسلحة ، واسفرت الاشتباكات عبر مقتل أحد خصومهم وإصابة آخرين ، وضبطت لذلك واقعة جناية رقم 679 سنة 1942 قسم ثان بور سعيد .. وفي 10 ديسمبر سنة 1946 ضبط بعض أفراد الجماعة بمدينة الإسماعيلية يقومون بتجارب لصنع القنابل والمفرقعات .. ووقعت بتاريخ 24 ديسمبر سنة 1946 حوادث إلقاء القنابل ، إذ إنفجرت 5 منها في عدة أماكن بمدينة القاهرة وضبط من مرتكبيها إثنان من الجماعة قدما لمحكمة الجنايات ، التي قضت بإدانة أحداهما " الجناية رقم 767 سنة 1946 قسم عابدين ـ 177 سنة 1946 كلي " .. ولم تقف مواقف الجماعة ، عند هذا الحد بل عمدت إلى إفساد النشء فبذرت بذور الإجرام وسط الطلبة والتلاميذ بمعاهد التعليم ، التي تحولت إلى مسارح للشغب والإخلال بالأمن وميدانا للمعارك والجرائم ، وشهد بندر دمنهور ، في يوم 25 مايو سنة 1947 بالمدرسة الصناعية ، اعتداء تلاميذ من الإخوان المسسلمين على أحد المخالفين لهم في الرأي وشرعوا في قتله بطعنة بالسكين ، وسجلت الواقعة بالجناية رقم 1248 سنة 1947 بندر دمهور .. وفي 3 فبراير سنة 1948 ، حرض بعض التلاميذ من أعضاء هذه الجماعة زملاءهم تلاميذ مدرسة الزقازيق الثانوية على الإضراب ، وألقى أحدهم قنبلة يدوية انفجرت وأصابت بعض رجال البوليس ، كما ضبط مع آخرين منهم قنبلة يدوية ، قبل أن يتمكن من استخدامها في الاعتداء !! وصدر قرار حل الجماعة :
نص قرار حل جمعية الإخوان المسلمين
القاهرة في 8 ديسمبر سنة 1948
وكيل الداخلية
عبد الرحمن عمار
أمر رقم 63
بحل جمعية
نحن محمود فهمي النقراشي باشا :
بعد الاطلاع على المرسوم الصادر في 13 مايو سنة 1948 بإعلان الأحكام العرفية ، وعلى المادة الثالثة " بند 8 " من القانون رقم 15 لسنة 1923 الخاص بنظام الأحكام العرفية والقوانين المعدلة لها ، وبمقتضى السلطات المخولة لنا بناء على المرسوم المتقدم ذكره ، نقرر ما هو آت :
مادة 1 : تحل فورا الجمعية المعروفة باسم جماعة الإخوان المسلمين ، وكذلك شعبها أينما وجدت ، وتغلق الأمكنة المخصصة لنشاطها ، وتضبط جميع الأوراق والوثائق والسجلات والمطبوعات والمبالغ والأموال ، وعلى العموم جميع الأشياء المملوكة للجمعية .
مادة 2 : يحظر على أعضاء مجلس إدارة الجمعية المذكورة وشعبها المذكورة ومديريها وأعضائها والمنتمين إليها بأي صفة كانت ، مواصلة نشاط الجمعية ، وبوجه خاص عقد اجتماعات لها أو لإحدى شعبها ، أو تنظيم مثل هذه الاجتماعات ، أو الدعوة إليها ، أو جميع الإعانات أو الاشتراكات أو الشروع في شيء من ذلك .
مادة 3 : تعد الاجتماعات المحظورة في تطبيق هذا الحكم هي اجتماع خمسة فأكثر من الأشخاص الذين كانوا أعضاء بالجمعية المذكورة ، التي أمعنت في شرورها ، كما يحظرعلى كل شخص طبيعي أو معنوي السماح باستعمال أي مكان تابع لعقد مثل هذه الاجتماعات أو تقديم أي مساعدة مادية أو أدبية أخرى .
مادة 4 : يعين بقرار من وزير الداخلية مندوب خاص تكون مهمته تسلم أموال الجمعية المنحلة وتصفية ما يرى تصفيته منها ، ويخصص الناتج من التصفية للأعمال الخيرية أو الاجتماعية التي يحددها وزير الشئون الاجتماعية بقرار منه .
القاهرة 8 ديسمبر 1948
محمود فهمي النقراشي باشا
......