القاهرة 30 اكتوبر 2014 الساعة 10:39 م
انتظرنى ... ماذا دهاك؟!
شعر مفرح كريم
( 1 )
انْتَظِرْنِى يَا أَبِى
مَاذَا دَهَاكَ ؟!
كِيْفَ لَا نَرْتَاحُ فى الظِّلِّ قَلِيلًا
نَشْرَبُ الماءَ،
وَنُقعِى
تحْتَ أشجارِ الحديقَةِ مثلما كُنَّا
وَنَمْضِى
بعدَ أنْ تمضِى الظَّهِيرَةُ
كَىْ ينامَ القَيْظُ فى جُبِّ المَسَاء.
انتظرنى
هذه الرحلةُ تَبْدُو مُجْهِدَةٌ
وأنتَ تبدو
عن يمينى
عن يسارى
من أمامى
من ورائى
مثلما يبدو الزَّمَانُ
طالِعًا سُورَ الحَدِيَقة
كالنباتاتِ التى
ترنُو
إلىّ
ربِّ السَّمَاء
كَىْ تُغَنِّى
- عندما يأتى مَلِيكُ الضَّوْء -
وِرْدًا
فتهيمُ المُطْلَقَاتُ
فى شِعَابٍ
من تباريحٍ
ومن صمتٍ بليغٍ.
( 2 )
أهِ منْ شَمْسٍ الظَّهِيرَةِ
حَمَّلَتْنِى نَارَهَا
حتى رأتْنِى
فى الطريق
الموحِلِ
الصَّعْبِ
الكئيبِ
يلمَعُ الضَّوْءُ على وجهى
- وأنْتَ الظَّلُّ والضَّوْءُ –
فَدَاَرَتْ
فى شِعَابٍ لا تَرُدُّ الرَّاحلين
فانطلقْنَا فى الطريق
لا ترانى
لا أراكا
إنما نَمْشِى على ضوءٍ خَفِىٍّ
لا يَبِينُ،
دائما يأتى إلىَّ
من دمائى الطَّيِّعَةِ
من جذورى المستطيلة
من غنائى
- عند أشجار الحديقة –
وِرْدَ ألحانٍ
يضوُعُ الفجرُ منها
كلَّمَا
تأتى
وتحْمِينى من الثَّلْجِ الغَرِيبِ.
( 3 )
فجأةً ؟!
تمضِى ؟!
وحيدًا ؟!
دون أن تهْوِى
على القلبِ
بما فى الحُبِّ
من صمْتِ،
وَتَرْوِيهِ،
تَبُوسُ القلْبَ والعَيْنَ
فأزهو فى شعابِ الشَّمس
أرتادُ الزَّمانَ المُرَّ
أرميه بقلبِ المَوْتِ والنِّسْيَانِ،
تمضى مثلما ينسَلُّ ضَوْءُ الشمس
فى عمقٍ
غريبٍ
صامتَا
دونَ وَدَاعٍ
باسما مثل الضياء
غامضًا
مثل الحقيقة.
( 4 )
لم تزلْ بيننا الرِّيحُ
لم تزل بيننا الأمسياتُ
تختفى فى فروعِ الشَّجَر
فنطاردها بالزمانِ الخئون،
ونخرجُ للحقلِ
نزرعُ أشْجَارَهُ
بالشموسِ
التى لا تغيبُ.
بيننا موعدٌ لم يَزَلْ
- عنْدَ حقلِ الذرة –
ناهضًا
مثلَ نافورة ...
فاتَتِ الليلةُ الماضية
وأنا ... أستعيدُ الليالى
التى لا تجئُ
وأمضى إلى كنا اتفقنا
وأرقُدُ مثل الفَرَاعِينِ،
أنتظرُ ...
الموعدَ المستحيلَ...
( 5 )
هكذا ؟ !
نَمْضِى بلا صَوْتٍ...
عَرَايَا ؟!
دون أن يأتى رجالٌ
فى ثيابِ الحُزْنِ
ينسَلُّونَ عَبْرَ الفجرِ
من شُرَّاعَةِ الباب
ويمتصُّونَ من أرواحنا
لونًا خفيضَ الظِّلِّ،
يمتصون ما أبقتْ لنا الأيَّامُ
من نافورةِ الدمع
وأنتَ
الزَّاهِدُ
المشغوفُ بالموت
ألم تسمعْ
أنينَ القلب
فى دوَّامةِ الغُرْبَة؟!
لماذا لا تَرَانى أجْمَعُ الأيَّامَ
كىْ آتى
وأجْثُو عندما يأتى
وأرجُوهُ
لماذا ترْحَلُ الآنَ؟
انتظِرْنِى
لمْ يَعُدْ فى الريحِ ما يُغْرِى
وأنتَ السَّابحُ
لم تَهْرَمْ
ولم تشْكُ
أنتظرنى
إنَّنِى آتٍ إليكَ .