القاهرة 27 اكتوبر 2014 الساعة 01:56 م
الأسد العجوز يدّعى المرض :
بلغ الأسد مرحلة الشيخوخة ، فأصبح لا يستطيع الخروج إلى الغابة ليصطاد الحيوانات لطعامه. لجأ إلى الحيلة فادّعى المرض.. ودخل أحد الكهوف.. عطفتْ الحيوانات عليه ، وزاره بعضها ، فكان كلما زاره حيوان ينقض عليه ويأكله. وكان الثعلب يراقب ما يحدث فاكتشف الخدعة.. لذلك لم يدخل الكهف.. فدعاه الأسد للدخول.. فسأله الثعلب عن صحته. قال الأسد : حالتى سيئة.. أدخل يا ثعلب وخفــّـف عنى وحدتى.. قال له الثعلب : كنتُ أتمنى الدخول يا أسد.. ولكننى لاحظتُ أنّ كل من يدخل الكهف لزيارتك لا يخرج منه.
000
التعليق : إنّ إدعاء المرض لا يُــفيد ، وعلى الإنسان (مهما بلغ من شيخوخة) لا يجب أنْ يعتمد على الحيلة ، وأنّ التحايل إنْ دام بعض الوقت ، فإنه لا يدوم طوال الوقت .
الأسد والدب والخلاف حول الفريسة :
اصطاد الأسد غزالا صغيرًا.. رآه الدب وهو يُحاول التهامه. قفز الدب ليلتهم الغزال.. منعه الأسد.. دخل الأسد والدب فى صراع عنيف.. أنهكهما الصراع.. سقط كل منهما فاقد الوعى.. حتى كانا على وشك الموت.. شاهد الثعلب ما حدث بينهما.. وتأكد أنهما عاجزيْن عن الحركة. تقدّم بكل ثقة وخطف الغزال وفرّ هاربًا.. نظر الأسد للدب ونظر الدب للأسد وفى عيونهما علامات الحزن والندم لضياع الفريسة. وقال الأسد : يا له من مصير مُحزن لنا.. لقد عانينا كل هذا العذاب ودخلنا فى الصراع لمصلحة الثعلب.
000
التعليق : أى معركة تدور بين شخصيْن لالتهام ونهب حق أى كائن ، لابد وأنْ تنتهى لصالح طرف ثالث ، بعد أنْ تكون المعركة قد أنهكتْ قوى الطرفيْن المُـتصارعيْن . والقارىء لتلك الحكاية (فى عصرنا الحالى) لابد وأنْ يتذكر تجارب التاريخ (سواء على مستوى الأشخاص الطبيعيين أو على مستوى الدول كما حدث فى الحرب بين العراق وإيران) ولمدة ثمانى سنوات وكانت النتيجة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية ولشركات السلاح الأمريكية التى باعتْ السلاح للدولتيْن المُـتحاربتيْن .
شركة تضامن بين الأسد والثعلب والحمار:
تضامن الأسد والثعلب والحمار، واتفقوا على العمل المُـشترك فى اصطياد الحيوانات لطعامهم.. وفى أول تجربة اصطادوا عددًا من الحيوانات.. جلسوا لتقسيم الغنيمة. طلب الأسد من الحمار أنْ يتولى التقسيم.. قسّم الحمار الغنيمة ثلاثة أقسام مُـتساوية. غضب الأسد وقال : كيف تــُساوينى بك وبالثعلب ؟ ثم انقضّ عليه وأكله. وبعد أنْ انتهى من الأكل طلب من الثعلب أنْ يتولى تقسيم الغنيمة. جمع الثعلب معظم الغنيمة وأجودها وقدمها للأسد ولم يحتفظ لنفسه إلاّ بكمية قليلة وتافهة.. قال له الأسد : من علــّمك التقسيم على هذا النحو؟ قال الثعلب : علــّمنى ما حدث للحمار.
000
التعليق : الحمار تصرّف بحسن نية وتجاهل أنّ الأسد هو ملك الغابة. وأنّ الملك (أو أى حاكم مستبد) لا يقبل أنْ يتساوى مع غيره (حتى ولو كان هناك اتفاق وشراكة مُسبقة) وأنّ حُـسن نية الحمار هى درجة عالية من السذاجة التى تتساوى مع الحماقة. وهذا هو الدرس الذى وعاه الثعلب (المشهور عنه فى ميثولوجيا الشعوب المُــكر والدهاء) لذلك فضــّــل أنْ ينجو بنفسه وقدّم معظم الغنيمة للأسد. وبالتالى على الإنسان أنْ يتعظ مما حدث للحمار، ولا يرتكب الخطأ الذى وقع فيه بسبب حُـسن نيته أو بسبب حماقته.
الثعلب يبيع الحمار للأسد :
اتفق الثعلب والحمار على الخروج معًا لاصطياد بعض الحيوانات.. وهما فى الطريق ظهر الأسد.. خاف الثعلب من الأسد.. جرى نحوه وقال له : أنا أقدّم الحمار لك تأكله بالهناء والشفاء.. وطلب منه أنْ يضمن له حياته ويكون فى حمايته. وافق الأسد ووعده بأنه سيُخلى سبيله بعد الانتهاء من مُساعدته فى تقييد الحمار ووضعه فى الشرك المُعد لذلك.. وافق الثعلب وساعد الأسد ونفــّذ ما طلبه منه. وعندما تأكــّـد الأسد أنّ الحمار لن يتمكــّن من الهرب.. انقضّ على الثعلب والتهمه. وكانت حكمة الأسد أنْ يأكل الثعلب أولا.. وبعد ذلك يأكل الحمار.
000
التعليق : الثعلب فى هذه الحكاية نقض العهد الذى كان بينه وبين الحمار. وباع صديقه الحمار ليكسب ود وثقة الأسد.. ولكنه لقى نفس مصير الحمار، بسبب أنانيته وخداعه وعدم التزامه بالاتفاق الذى قطعه على نفسه مع الحمار. وهذا درس لكل الأفاقين من البشر الذين يفعلون كما فعل الثعلب مع الحمار.
القراد يمص دم الثعلب :
هذه حكاية داخل حكاية.. لأنّ إيسوب بدأها بالكلام عن نفسه.. وقال إنه مرّ على جمهور محتشد فى جزيرة ساموس وسمعهم يتحدثون عن ضرورة قتل الحاكم الطاغى.. فوقف إيسوب بينهم وطلب منهم أنْ يستمعوا له وقال سأحكى لكم حكاية. وبعد أنْ هدأ الجمهور قال إيسوب : كان ثعلب يعبر النهر فسقط فى أخدود عميق.. حاول أنْ يخرج فلم يفلح.. باءتْ كل محاولاته بالفشل.. وكان يُـعذبه سرب من القراد ، وهو مشهور عنه أنه (مصاص دماء) فكان يشعر بالألم الشديد.. كان القراد يلتصق بجسد الثعلب ويمص دمه. مرّ قنفذ وتعاطف مع الثعلب وتألم لألمه وقال له : هل توافق على أنْ ألتقط القراد من على جسدك ؟ رفض الثعلب أنْ يقوم القنفذ بتلك المهمة ويُـنقذه من هجوم سرب القراد الذى يمص دمه. اندهش القنفذ فسأل الثعلب : لماذا ترفض أنّ أنقذك من مص دمك ؟ قال له الثعلب : لأنّ القراد نالتْ وجبتها وشبعتْ من مص دمى.. ولا تــُريد المزيد.. ولو أنك أبعدتها عن جسدى.. فسوف يأتى سرب آخر جائع ويمتص ما تبقى فى جسدى من دماء.
وبعد أنْ حكى إيسوب تلك الحكاية قال لشعب ساموس : الحاكم الذى تنوون قتله لن يضركم أكثر مما فعله معكم.. لقد أصبح غنيًا ولا يحتاج إلى المزيد من سرقة أموالكم.. ولو قتلتموه فسوف يأتى حاكم آخر يطمع فى أموالكم.. ويظل يسرق ويغرف من خزائنكم حتى ينهبها كلها.
000
التعليق : قد تبدو حكاية الثعلب مع القراد الذى يمص الدم ، ورفضه نصيحة القنفذ ليخلصه من القراد ، باعتقاد أنّ القراد شبع وقد يأتى سرب آخر يمص ما تبقى من دمه.. قد تبدو هذه الحكاية ضد مقاومة أى حاكم طاغى (يمص دم شعبه) ولكن هل قتل الحاكم الطاغى سيحل المشكلة ؟ أم أنه قد يأتى حاكم آخر ويسرق مال الشعب كما فعل الحاكم السابق ؟ هذا احتمال وارد ، ولكن ليس معنى ذلك أنْ يكف الشعب عن مقاومة الطغيان بشتى الأساليب (السلمية) مع الرفض القاطع لكل أشكال العنف والتصفية الجسدية.. وهذا رأيى الشخصى من خلال الوعى بتجارب الشعوب وأنهار الدماء التى سالت وتلال الجماحم البشرية (نتيجة الحروب والثورات الدموية) والحكمة الصائبة التى ينكرها المتعصبون ((العنف يُولــّـد المزيد من العنف))
***