القاهرة 26 اكتوبر 2014 الساعة 01:09 م
عندما تبشر بأداء فريضة الحج ينتابك شعور لا تستطيع وصفه, خاصة أن القدر قد يدفعك دفعا لزيارة البيت الحرام وقبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام , والتمتع بجميع المشاعر التى يهفو إليها أى مسلم منذ ولادته , وبعد فترة تبدأ فى التفكير فى كيفية الاستفادة بكل لحظة من لحظات تلك الرحلة المقدسة , وتسأل نفسك هل تستطيع ؟
وعندما تصل إلى الأرض الطيبة تجد شيئا آخر , الأمور كلها تجرى وفق مقادير ربانية لا دخل للإنسان فيها رغم الحرص المسبق على التخطيط والتنظيم , لتدور فى فلك عباد الله الذين تجمعوا من كافة أرجاء المعمورة على هدف واحد هو رضا المولى عز وجل والعودة أفضل مما كانوا .
والحقيقة التى لا ينكرها إلا جاحد , أن السلطات السعودية بذلت جهودا جبارة فى إنجاح موسم الحج خاصة فى ظل الأعداد الرهيبة التى تدفقت على المشاعر المقدسة بجميع ما تملك من إمكانيات , ولكن الكمال لله وحده فهناك بعض الهنات التى نتمنى زوالها فى الأعوام القادمة إن شاء الله , منها ماحدث فى( مخيم 171 فرادى مصر ) والذى صار مضرب المثل فى ضياع الحقوق , والاستهتار بخدمات الحجاج , وسلوك القائم عليه فى تعامله مع زوار بيت الله الحرام والذى يطلق عليه لقب مطوف .
وهو الشخص الذى يستقبلك ثم يودعك وما بين ذلك يساعدك على أداء الشعيرة مقابل مبلغ من المال يدفع مسبقا فى القاهرة .
فهو المسئول عن حجاجه أمام مختلف أجهزة الدولة , وهو من يمثل الجهات الحكومية أما حجاجه , بمعنى حلقة وصل
وهو من يتولى الإشراف على السكن والتنقلات والإعاشة , وأداء حجاجه لجميع أركان وواجبات الحج , والتأكد بأن الحجاج لا ينقصهم شيء
كانوا في السابق يتعاقدون مع الحجاج ويكون المطوف هو الذي يتولى شؤونهم خلال موسم الحج, من تطويف حول الكعبة وتأمين السكن والهدي والإعاشة وكل شيء يريدون, - لأن أغلب الحجاج غرباء عن مكة ولا يعرفون طبيعة البلد
والحقيقة أنك لا تعرف اسم المطوف إلا عند الوصول إلى المملكة , وكان من نصيبنا نحن ( الفرادى ) الذين لا يتبعون شركة أو هيئة مطوف – سامحه الله- لم يراع فينا إلا ولا ذمة , ضيع حقوقنا , ونغص علينا حياتنا وتركنا نعانى توفير سبل الحياة فضلا عن أداء الشعيرة , لدرجة أننا لم نجد حافلات تنقلنا من عرفة إلى منى , بالرغم من تفويج جميع الحجاج , وأصبحنا مهددين بعدم إتمام الحجة لأن منى من المناسك الأساسية فى الحج , وعلى طريقة المصريين اضطررنا إلى الوقوف أمام الحافلات الأخرى ومنعها من المرور , وانتهى الموقف بعدها بعد أن عكر صفو الوقوف بعرفات والرحمة المنتظرة لكل حاج
وعن الإقامة بمنى حدث ولا حرج , المخيمات لا تصلح للاستخدام الآدمى , المياة فى أوانى قذرة , والنوم على الأرض , فضلا عن وجودنا فى أبعد مسافة عن رمى الجمرات , وحدث نفس ما حدث فى رحلة عرفات عندما عدنا من منى إلى مكة, مكثنا فى الحافلات المكدسة بالبشر أكثر من 5 ساعات , ووصلنا إلى مكة وقوفا
وإذا كان حجاج القرعة ( البعثة الرسمية المصرية ) قد أكدوا أن رحلة المعاناة بدأت مع تصعيدهم إلى جبل عرفات ففور وصولهم إلى مخيماتهم بعرفات، اكتشفوا انقطاع التيار الكهربائي والمياه عن المخيمات، وذلك في ظل ارتفاع كبير في درجات الحرارة جاوز ال40 درجة مئوية، مشيرين إلى أن ذلك الانقطاع استمر لساعات في عدد كبير من المخيمات، بينما شهدت مخيمات أخرى انقطاع التيار الكهربائي وعودته بصورة غير مستقرة، مما تسبب في إصابة بعض الحجاج بنزلات برد بسبب عمل وتعطل أجهزة التكييف بين الحين والآخر.
وأعرب آخرين عن شكواهم من تأخر بعضهم في الوصول إلى مشعر منى يوم النفرة من عرفات إلي المزدلفة، إلى حد وصول بعض الحافلات مساء اليوم الأول من أيام التشريق، فضلا عن تخلى عدد من الحافلات عن الحجاج عند وصولهم إلى المزدلفة لعدم وجود ضباط أو أفراد من البعثة بصحبتهم بالحافلات، وهو ما تسبب في فقدان عدد كبير من الحقائب الخاصة بالحجاج، وكذلك الإبلاغ عن أكثر من 35 حاجا تائها خلال النفرة .
وأعرب آخرين عن استيائهم الشديد من سوء الخدمات المقدمة لهم بمشعر منى؛ حيث أشاروا إلى أن عددا منهم لم يجد له مكانا داخل الخيام، بينما أعرب البعض الآخر عن سوء البنية التحتية للخيام، وعدم تمكنهم من آداء الصلاة بها بسبب المياه الناجمة عن الصرف الصحي الخاص بدورات المياه داخل الطرقات, فما بالنا بالفرادى الذين لا يتبعون أحدا .
بقى أن نقول إن هناك بعض المطوفين يراعون الله فى أعمالهم , ويعتبرون خدمة الحاج شرف وكرامة وواجب
نرجو الاهتمام بأى حاج مصرى فى السنوات القادمة , لأن كرامة المصرى لا تقدر بثمن .