القاهرة 23 اكتوبر 2014 الساعة 01:44 م
بدات في الأفق مقدمات رياح موسم صحفي ساخن. من المؤكد انه سيكون أكثر سخونة من الموسم الكروي الذي بدأ قبل أكثر من خمسة أسابيع ولعل الجمهور الصحفي جمهور الصحفيين والعاملين في الصحافة بعامة يكون أكثر استعدادا وتأملا من الجمهور الكروي المحروم من حضور المباريات التي فقدت ركناً أساسياً من أركان لعبة كرة القدم وهو "المشجعون" هذا ما توحي به المقدمات التي راحت تلوح في الأفق وذلك منذ تولي السيد المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء القيام بضربة بداية احيطت بقدر من الغموض والكتمان وهذان أمران يجافيان الحياة الصحفية وبسرعة تلقي مجلس نقابة الصحفيين والمجلس الأعلي للصحافة هذه الضربة وصدها كل منهما ببيان قانوني ومهني. فتح البيانان أبواب لقاء بين رئيس الوزراء والزميلين الاستاذين نقيب الصحفيين ورئيس المجلس الأعلي للصحافة. أسفر اللقاء عن تصريح لا يسمن ولا يغني من جوع ولكنه يقول: كل شيء في مكانه الصحيح وصافي يالبن ويا دنيا الصحافة لم يدخلك شر ولن يدخلك!!
بالإضافة إلي هذا كانت للجماعة الصحفية كلمتها وردودها التي شارك فيها عدد من السادة الزملاء المحترمين منهم الاساتذة والدكاترة عبدالقادر شهيب "رئيس مجلس إدارة مؤسسة صحفية قومية سابق" ويحيي قلاش "سكرتير عام سابق لنقابة الصحفيين لعدة دورات" وسليمان جودة "رئيس تحرير سابق" وعبدالمنعم سعيد "رئيس مجلس ادارة مؤسسة قومية سابق ومؤسسة خاصة حاليا" وصلاح عيسي "الأمين العام للمجلس الأعلي للصحافة" وحسن ابوطالب "رئيس مجلس ادارة مؤسسة قومية حاليا" وعبدالمحسن سلامة "نقيب مؤقت سابق" وعبلة الرويني "رئيسة تحرير سابقة".. هؤلاء قرأت مقالاتهم ومن المؤكد ان هناك مقالات أخري في الموضوع ذاته لم أتمكن من قراءتها.
ولو اقتصرنا علي الأسماء المذكورة فإنها في مجموعها عينة ممثلة للوسط الصحفي بل والقيادات الصحفية مع ما قد يكون بينهم من فوارق في الاجتهادات المهنية والنقابية.
تحذير من الوصاية
طرح هؤلاء الزملاء آراء وأفكارا متعددة ومهمة ولعلهم سيواصلون طرح مناقشاتهم وحواراتهم حول قضايا مهنة الصحافة ومشكلاتها والهيئات الوطنية التي نص الدستور علي تشكيلها للإشراف علي الاعلام بعامة وهي ثلاث هيئات مستقلة لا يجوز دستوريا دمجها في هيئة واحدة ذات ثلاثة فروع أو ثلاث شعب.
وأشير هنا اشارة خاطفة إلي بعض ما كتبه السادة الزملاء المحترمون وبداية يستوقفني عنوان مقال الصديق عبدالقادر شهيب في "المصور" وهو "تحذير لنا جميعا: لا تستبدلوا وصاية الحكومة علي الصحافة والاعلام بوصاية رجال أعمال".
وقد فجر الاستاذ شهيب مجموعة من القضايا المهمة وأشار إلي أخطار تتربص بعملية تشكيل الهيئات الثلاثة التي نص عليها الدستور وهي المجلس الأعلي لتنظيم الاعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للاعلام وقد حدد الدستور المهام المنوطة بكل واحدة من هذه الهيئات ومن هنا تأتي أهمية دعوة عبدالقادر شهيب إلي "اشتراك جميع العاملين في الصحافة والاعلام مع الرأي العام كله في صياغة القواعد التي تنظم تشكيل هذه الهيئات" واعتبر ذلك الضمان الأساسي حتي لا نفاجأ بأننا استبدلنا وصاية حكومة علي اعلامنا وصحافتنا بوصاية شخص أو مجموعة أشخاص مهما كان اعتزازنا بهم وبدورهم فيما مضي علي هذا الاعلام وهذه الصحافة" وهذا كلام له خبأ ولن يطول الزمن كي يتم الافصاح عنه بوضع النقاط فوق الحروف ولعل الاستاذ يحيي قلاش قد أشار إلي شيء من هذا في الموضوع الذي نشرته "الأهرام" في يوم الأحد 19 أكتوبر الحالي بالعناوين التالية "الإعلام المصري بعد 25 يناير و30 يونيو: اهتمام المجلس الأعلي للصحافة بالأوضاع المالية المتعثرة للمؤسسات جاء علي حساب مهمته بوضع رؤية لإعلام جديد بعد ثورتين" وكم كان المرء يتمني لو ان المجلس الأعلي للصحافة بتشكيله الحالي والمحسوب علي اليساريين والناصريين "!!" نجح فعلا في الاهتمام بإقالة المؤسسات الصحفية القومية من تردي أوضاعها المالية ولو بتقرير دقيق عن الأسباب التي وضعت هذه المؤسسات في ظروف مالية غير مريحة بل تكاد تهدد بإفلاسها بعد أن أصبحت مدينة بالمليارات من الجنيهات ولعل فيما كتبه الزملاء رؤساء مجلس إدارات هذه المؤسسات ما يغني عن الدخول في اي تفصيلات وما كتبوه هو بعض مما قدموه لأصحاب القرار في هذه البلد وكادوا يصرخون مع يوسف وهبي "يا تلحقونا.. يا ما تلحقوناش" وهذا ما طرقه بوضوح الدكتور حسن ابوطالب رئيس مجلس ادارة مؤسسة قومية محترمة بقوله ان الجهات المعنية عليها دور يتعلق تحديدا بالصحافة القومية بتنوع مستوياتها "وهو حمايتها بكل معني الكلمة ومساندتها للتغلب علي مشكلاتها الهيكلية التي تراكمت بفعل أخطاء النظم السابقة علي مدي أربعة عقود أو أكثر".. "الأهرام في 20 أكتوبر".
فتح ملفات الماضي
لقد تحدث الدكتور أبو طالب بلغة واضحة ومباشرة عن أخطاء النظم السابقة علي مدي أربعة عقود وأكثر وهي أخطاء كان يجب فتح ملفاتها ملفا ملفا ومراجعة تقارير الهيئات الرقابية عن تلك الفترة خاصة تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الادارية وغيرهما وكان العبد لله قد فجر هذا الموضوع في برنامج تليفزيوني قبل تغيير رؤساء مجالس ادارات المؤسسات الصحفية في 2005 وقال بصوت واضح كلمات محددة ان رؤساء مجالس ادارات الصحف القومية يملكون في مؤسساتهم من السلطات ما لا يملكه رئيس الجمهورية علي العاملين الموظفين في مؤسسات الرئاسة وليلتها دقت الأجراس وما قلته في دقيقة أو دقيقتين استمر الرد عليه 3 ليال متوالية في البرنامج نفسه وشارك في الرد كثيرون وهذه قصة طويلة رويت قبسات منها هنا من قبل وهناك تفصيلات أخري عديدة تحتاج إلي شهادات من آخرين لن أذكرهم وأتمني ألا يكتموا الشهادة. أما العبد لله فقد قال كلمته ولم يمض بل وقف بصدر عار يتلقي السهام وحده دون أدني مساندة من أحد ومنذئذ تم شطب اسمه من الظهور في القنوات التليفزيونية الأساسية المصرية وامتدت المقاطعة إلي مكاتب الفضائيات العربية ومن ثم فقد تكون شهادتي هناك مثلومة أو معيبة ولذلك سألجأ إلي شهادة واحد من داخل دائرة رؤساء ومجالس ادارات المؤسسات القومية وهو الاستاذ محسن محمد رئيس مجلس الادارة الأسبق لدار التحرير وقد كتب هذه الشهادة في صحيفة "الوفد" في 4 حلقات وهي موجودة علي الشبكة العنكبوتية خاصة علي موقع "مصريين" أي "مصر بريس" أو "صحافة مصر" وعلي الرغم من ان هذه المقالات نشرت في أكتوبر 2005 إلا ان ما تضمنته من اشارات إلي أعمال السادة رؤساء مجالس الادارات إلي ذلك التاريخ قد استمرت بدرجة أو أخري وبشكل أو آخر في داخل المؤسسات الصحفية القومية بعد ذلك.. بدليل ان المديونيات تضاعفت والمليار الواحد من الجنيهات اصبح مليارات فلماذا حدث كل هذا؟
مقالات محسن محمد رحمه الله وهو واحد من "عضم الرقبة" كما يقولون تكاد تقطع بأن مديونيات وخسائر المؤسسات الصحفية القومية تكاد تعادل ما تم نهبه والاستيلاء عليه بأساليب مشروعة وغير مشروعة وهنا ملاحظة مهمة وهي ان ليس كل رؤساء مجالس ادارات المؤسسات الصحفية القومية سواء.. اني لا أبرئ أحدا ولا أملك حق الاتهام.
ولكن أحكم علي الناس بالظاهر أما الباطن فيعلمه الله وحده واذا كنت لا أملك اتهام أحد فإني في الوقت نفسه لا أدين أحدا. كل ما أملك أن أطالب به وقد طالبت مرارا هو اعادة فحص ميزانيات جميع المؤسسات الصحفية القومية منذ آلت ملكيتها إلي مجلس الشوري وتكوين المجلس الأعلي للصحافة كما يجب تطبيق مبدأ من أين لك هذا كل علي من تولي منصبا قياديا في هذه المؤسسات.. أليس هذا ما قاله محسن محمد في مقال بعنوان "ليته يتكلم" وكان يتحدث عن صفوت الشريف وزير الاعلام الأسبق والأمين العام للحزب الوطني المنحل: "لماذا نشأت الديون في عهد بعض روساء مجالس الادارات المنحلة وكانت الصحف قبل ذلك خالية من الديون؟ والجواب: ربما كانت المدة الطويلة التي بقي خلالها هؤلاء الرؤساء أو ربما كان احساب هؤلاء أو ثقتهم بأن مجلس الشوري بغض الطرف عن تصرفاتهم وحماية رئيس مجلس الشوري لهم بعد اعتزالهم المناصب هو السبب الذي جعل تصرفاتهم وأعمالهم المالية أو اهمالهم المالي أو لنقل دفعهم لاستغلال أموال المؤسسات".
تري لماذا لم تفتح هذه الملفات إلي الآن؟.. إذن متي تفتح؟ ومتي يسترد العاملون في هذه المؤسسات أموالهم المنهوبة بعد ان كادت تعلن افلاسها إلي متي الصمت؟
قد تكون لنا عودة إلي مقالات محسن محمد وإلي ذلك الحين وفي كل حين. اسلمي يا مصر.