القاهرة 30 سبتمبر 2014 الساعة 04:11 م
التنظيم : من ليس معنا فهو ضدنا وكافر ومرتد ويجوز قتله ويحل دمه... والقرضاوى : إعلان داعش الخلافة الإسلامية باطل شرعا (1)
كتبت: عواطف الوصيف
أثبت تنظيم الدولة الإسلامية فى سوريا والعراق والمعروف باسم "داعش" أنه من أكثر التنظيمات دموية وربما أكثر من التنظيم الأم "القاعدة" .
فى مصر المحروسة نناقش المرتكزات الفكرية التى تعتمد عليها "داعش" لتبرير كل ما تقوم به زاعمة أنها من مبادىء الشريعة الإسلامية.مبايعة البغدادى خليفة للمسلمين
تبدأ المرتكزات الفكرية لتنظيم داعش والمنتشرة الآن بين سوريا والعراق أن كل من لم يبايع أبو بكر البغدادى فهو مرتد ووجب قتله وإن لم يكفر من يقرر أن ينفصل عن البغدادى أو يشك فى ايمانه فهو كافر وإن أى عالم من علماء المسلمين لا يؤخذ بقوله إلا بعد أن ينفر للجهاد ويبايع البغدادى وغير ذلك لا يؤخذ برأيه مما يفيد اعتبار تنظيم داعش "أبو بكر البغدادى" هو خليفة للمسلمين وجب له السمع والطاعة حتى من قبل العلماء المسلمين اللذين منهم من هو أفضل وأكثر علما وفهما لأصول وقواعد الدين الأسلامى ولا يفكر فى تحقيق أى مصالح شخصية أو منافع شخصية قد تعود عليه.
ما الخلافة؟
فى البداية عند مناقشة مفهوم الخلافة عندهم علينا أن نستعرض مفهوم الخلافة منذ بداية ظهور الإسلام حتى الآن .
تعريف الخلافة : هى رئاسة عامة للمسلمين جميعاً في الدنيا لإقامة أحكام الشرع الإسلامي، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، وهي عينها الإمامة، فالإمامة والخلافة بمعنى واحد. وقد وردت الأحاديث الصحيحة بهاتين الكلمتين بمعنى واحد، ولم يرد لأي منهما معنى يخالف معنى الأخرى في أي نص شرعي، أي لا في القرآن ولا في السنّة النبوية لأنهما وحدهما النصوص التى تستمد منها المفاهيم والأحكام الشرعية. ولا يجب أن يلتزم هذا اللفظ أي الإمامة أو الخلافة، وإنما يلتزم مدلوله.
كيف بدأت الخلافة بعد رسول الله " صلى الله عليه و سلم "؟
من المعروف أن بعد الإعلان عن وفاة رسول الله " صلى الله عليه و سلم " عم الحزن على الجميع الصحابة و كل مسلمى مكة والمدينة ولكن كان لابد من التفكير فى إيجاد من يخلف رسول الله لتولى شئون المسلمين ورأى الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه أن أبى بكر الصديق هو أحق الناس بتولى الخلافة على الرغم من رغبة الصديق بأن يتولى عمر بن الخطاب هذا الأمر لرؤيته بأنه أقوى منه وهو الأقدر على تولى هذا المنصب واتقانه .
ولكن ما ذكره الفاروق من أسباب توضح رغبته فى أن يتولى أبو بكر هذه المسئولية وبالفعل أيدها الجميع ووجدوا أن ابن الخطاب على حق .
وكان من أهم هذه الأسباب أن أبى بكر هو أول من اعتنق الإسلام من الرجال وكان من المقربين لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إضافة إلى أن الصديق هو من ذكر فى القرآن الكريم مع الرسول الكريم حيث قول الله تعالى (( ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ قال لصاحبه لا تحزن ان الله معنا ))إضافة إلى طلب رسول الله من سيدنا أبى بكر وهو مريض ولم يستطع أن يخرج ليأمم بالمسلمين وقت صلاة العصر راغبا فى أن يتولى الإمامة لأبى بكر وكأنه صلى الله عليه وسلم يرى أن الصديق هو أقدر من يتولى شئون المسلمين من بعده.
ولكن كان للأنصار رأى آخر حيث كانت رغبتهم أن يتولى واحدا منهم الخلافة وهو سقيفة بنى ساعدة وكان حجتهم فى ذلك كما قال سعد بن عبادة "لكم سابقة فى الدين وفضيلة فى الإسلام ليس لأحد من العرب" وبعد أن عرف عمر بن الخطاب أتى مسرعا إلى أبى بكر يحكى له الأمر خوفا منهم على نشوب الفتنة بين المسلمين وكان تعامل أبو بكر الصديق حينها بعد المناقشة بين الطرفين سواء كانوا الأنصار أو صحابة رسول الله" صلى الله عليه وسلم" اللذين يريدون ابو بكر لأنه لن يوافق على تولى أمر الخلافة إلا بعد موافقة جميع الأطراف وكل مسلمى مكة والمدينة على مبايعته وضرورة التأكد من ذلك بالاستماع للجميع لمعرفة ما إذا كان هناك أى اعتراض عليه من أى مسلم مهما كانت مكانته أو قدره وذلك لكى لا يشعر أى مسلم بالحرج أو الضيق أو تنفيذ أى أمر نابع عن الخوف.
الغرض من ذكر هذه القصة وهى قصة معروفة أن من يقرر أن يكون خليفة للمسلمين لابد وأن يكون لديه من الأسباب ما تجعله الأحق بتولى شئون المسلمين ومعروف عنه مواقف تزيد من ثقة مبايعته مثلما كان رفيق الغار" أبى بكر الصديق" .
ولكن أبو بكر البغدادى الذى نصًب نفسه رئيسا لتنظيم يراه العديد من المسلمين أنفسهم تنظيما إرهابيا ويريد أن يكون خليفة للمسلمين بالقوة ودون موافقة من يريد أن يكون خليفة عليهم غير معروف عنه صفات تجعله أهلا لذلك وبالتالى لا يصح تكفير من لم يبايعه أو يعترف به... لماذا ؟
الخلافة وأوضاع بلاد المسلمين الآن
إن حال البلاد الإسلامية الآن ليس كالسابق سواء فى عهد رسول الله أو عهد من خلفوه من الصحابة أو بعد ذلك فالأمر مختلف تماما حيث لم يعد من المنطقى أن يجلس جماعة ما أيا كان عددهم ويقرروا تنصيب "فلان " خليفة للمسلمين فذلك يتنافى مع مبدأ الديمقراطية وأخذ رأى عامة الشعب الذى يعد ضرورة خاصة وأن من سيكون خليفة لهم ليتولى شئونهم لابد وأن يتمتع بالموافقة الجماعية منهم وهو ما يسمى الآن بحق الانتخاب والدليل على ذلك أن من يحاول أو يقرر أن ينصًب نفسه ولى لأمور المواطنين الآن سواء كانوا مسلمين أو مسيحين يقدم برنامجه الانتخابى للناس لقراءته ودراسته ومعرفته جيدا حتى يقرروا ما إذا كانوا سيختارونه أم لا.
القرضاوى: بطلان خلافة داعش
يرى الشيخ يوسف القرضاوى أن إعلان تنظيم “الدولة الإسلامية” “داعش” إقامة “الخلافة”، هو “باطل شرعاً” ولا يخدم المشروع الإسلامي.
ويرى القرضاوى أن إعلان الخلافة وتعيين “أبو بكر البغدادي” خليفة للمسلمين “لا يلبي شروطاً شرعية عدة”، خصوصاً مبدأ كون الخليفة ” نائبا عن الأمة الإسلامية” بأسرها، ومبدأ “الشورى”، فضلاً عن أن “ربط مفهوم الخلافة بتنظيم بعينه اشتهر بين الناس بالتشدد والصورة الذهنية عنه سلبية حتى بين أبناء الأمة الإسلامية أنفسهم”، ما يؤدي الى إلحاق ضرر بمشروع الخلافة و”لا يخدم المشروع الإسلامي أبداً”.
ووفقا لشرح الشيخ يوسف القرضاوى فإن الخلافة من الناحية الشرعية والفقهية تعني الإنابة ، فالخليفة – لغة وشرعاً – هو نائب عن الأمة الإسلامية ، ووكيل عنها من خلال البيعة التي منحت للخليفة ، وهذه النيابة لا تثبت شرعاً وعقلاً وعرفاً إلا بأن تقوم الأمة جميعها بمنحها للخليفة ، أو من خلال ممثليها الذين سموا في السابق بأهل الحل والعقد وأولي الأمر، من العلماء والأكفاء والمسؤولين وأصحاب القرار، والجماعات الإسلامية .”
مؤيدون للبغدادى
على الرغم من وجود من يخالفون داعش فى فرض رأيها حول تنصيب أبو بكر البغدادى خليفة للإسلام والمسلمين وعلى الرغم من الأراء السابق ذكرها ممن استندوا لنصوص دينية سليمة تؤكد رؤية تنظيم داعش حول الخلافة ومخالفة هذه الرؤية للشريعة الإسلامية إلا أن هناك من يؤيد البغدادى ويرى أن إتباع الخلافة فى تنظيم داعش أمر ضرورى.
الشيخ الريمى يطالب القاعدة بتأييد داعش لإعادة الخلافة
طالب الشيخ عبد المجيد الهتارى الريمى وهو رجل دين و داعية وهابى يحمل الجنسية اليمنية تنظيم القاعدة بتأييد داعش لإعادة نظام الخلافة الإسلامية قائلا عبر حسابه الشخصى على موقع الفيس بوك "رغم حبي لشباب الإسلام الجهادي القاعدي قيادة وقاعدة وتقديري لتضحياته وجهاده فإن هناك أسئلة فرضها واقع إعلان الدولة الإسلامية والخلافة لا بد من المدارسة الشرعية للإجابة عليها شرعيا وليس حزبيا وتنظيميا وهي أسئلة مشروعة لمن لم يناصر دولة الخلافة من منسوبي القاعدة"
و يسأل أنصار القاعدة
واستطرد الريمي بسؤال أنصار تنظيم القاعدة عن رفضهم البيعة للبغدادي بذريعة بيعتهم لزعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، متسائلا ما إذا كانت بيعة الثاني هي بيعة خلافة، كما انتقد رفضهم استخدام مصطلح الخلافة قائلا: "يا أنصار القاعدة لماذا تختارون مصطلح الإمارة دون الخلافة هل هو من أجل اعتبارات واقعية جغرافية لا تستطيعون تجاوزها رغم أهمية بيان الموقف الشرعي منها فما رأيكم فيمن ملك الشجاعة وأعلنها خلافة رافضا التقسيمات الجغرافية التي صنعها المستعمر؟ أفليس هو الأولى بالطاعة والمناصرة.
كانت هذه أولى المرتكزات الفكرية لتنظيم الدولة الإسلامية فى سوريا والعراق والمعروف بداعش والمتعلقة بالخلافة الإسلامية وتنصيب البغدادى خليفة يتناول شئون الإسلام والمسلمين ومعرفة مختلف الآراء بين مؤيد ومعارض وفقا للشريعة الإسلامية.