القاهرة 18 سبتمبر 2014 الساعة 02:21 م
حوار : ايمن رشدي
يقال حولنا في العالم.. أن مصر بها أكثر من 60% من آثار العالم.. والأقصر.. هي أكبر متحف مفتوح في التاريخ.
لكن هذه الثروة الإنسانية والتراثية الكبري.. تبدو مثل كنز مفتوح.. ومتاح للصوص من جميع أنحاء العالم.. من يصدق أن مافيا التجارة في آثار مصر الفرعونية.. تحقق مكاسب سنوية كبري في هذه التجارة السرية التي يزيد حجمها علي 20 مليار دولار وهو مبلغ كبير.. يعادل ضعف دخل مصر من السياحة.
في الماضي كنا نتصور أن إسرائيل دولة احتلال فقط.. لكنها أكبر لصوص الآثار والتراث في العالم.. بل هي فعلاً تقوم بسرقة حضارة المصريين.. وخلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي لسيناء تفرغ الجنرال موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق للبحث عن الآثار بنفسه.. حتي أصبح أكبر لصوص الآثار في العالم.. حتي تحول منزله في تل أبيب إلي متحف لآثار مصر المسروقة ولتراث أجدادنا.. وفي النهاية لم نسترد من هذه الآثار المنهوبة سوي 6 قطع فقط.. عن طريق ابنته يائيل وانتشرت آثارنا المنهوبة في متاحف العالم.. بين لندن وباريس وأمريكا وروما وبرلين.. في النهاية لا تعرض هذه المتاحف سوي 10% فقط من آثارنا الضائعة من كل العصور.. وليس العصر الفرعوني وحده.
رأس نفرتيتي
في البداية تحدثنا مع نورالدين عبدالصمد عن موضوع رأس نفرتيتي.. فقال بدأت قصة نهب الرأس في بداية القرن ال 20 وبالتحديد عام 1906 عندما قام المهندس لودفيج يوخارت بعمل بعض الحفائر الضخمة منها في تل العمارنة مقر "اخناتون" وسقارة وتمكن من استخراج الكثير من الآثار المنقولة والمعمارية ومنها رأس نفرتيتي وتمكن من تهريبها بطريقة غير شرعية نظراً لجهل المسئولين بالمطارات بعد احاطتها بغلاف من الجبس وفي المطار اعتبروها تحفة مقلدة وخرجت ولم تعد البعثات الألمانية العاملة في مصر نهائياً ومن المعروف أن مصر بها حوالي 250 بعثة أجنبية تعمل في التنقيب عن الآثار دون مقابل رغم أن الوزارة مفلسة والقانون يوجب قسمة الآثار الناتجة عن اي بعثة أجنبية حتي عام 1983!!.
التهريب
يقول نورالدين أن ما هو معروض داخل متاحف الاتحاد الأوروبي وامريكا وكندا وروسيا لا يمثل إلا 10% من الآثار المصرية المنهوبة لأن معظمها في متاحف خاصة يملكها سفراء ورجال أعمال كبار وهي تحتوي علي ملايين القطع الأثرية منذ القرن التاسع.
آثار مصر في إسرائيل
هل بالفعل يوجد اثار في منزل موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق خلال احتلال شبه جزيرة سيناء؟! استطاعت اسرائيل الحفر بصفة رسمية طبقاً لسجلات جامعة بن جوريون في 720 موقعاً بسيناء بالاضافة إلي المواقع التي تم الحفر فيها خلسة من قبل جنود الاحتلال أيام موشيه دايان وكل نتائج الحفر التي عثر عليها الجيش الإسرائيلي تم الاستيلاء عليها وتعرض حالياً في متحف تديره ابنة موشيه دايان.. يائيل.
1700 صندوق للآثار
والكلام مازال علي لسان مدير عام التوثيق الأثري بقطاع المتاحف بوزارة الاثار طبقاً لاتفاقية جنيف الرابعة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والتي نصت صراحة علي حتمية اعادة الممتلكات الثقافية التي تم الاستيلاء عليها اثناء وبعد الحرب لبلدها الأصل وبالفعل طالبات مصر السلطات الإسرائيلية بهذا الأمر واستطاعت اعادة بعض من هذه الاثار التي استولت عليها اسرائيل إبان فترة الاحتلال ولكنها لا تمثل اكثر من 2% وتم احضار عدد 2 كتالوج بالإنجليزية والعبرية وسلمت نسخة منه للخارجية المصرية واخري لوزارة الآثار تتحدث عن قصة ال 1700 صندوق وبعد فحص هذه الصناديق والملفات تبين أنها تحوي علي بعض عينات من الأتربة والصخور التي جمعها الاسرائيليون من سيناء اضافة إلي احذية الجنود الذين استشهدوا في حروب 1956. 1967 كنوع من التهكم علي المصريين ومازلت الآثار المصرية تعرض في بيت موشيه دايان علنا!!.
المتاحف القومية
ويقول نورالدين من أكبر متاحف الآثار المصرية في العالم موجودة في اللوفر ويضم عدداً كبيراً جداً من الآثار ولكنها تحظي بعناية فائقة وكانت مديرة قسم الترميم سمحت لي بالدخول إلي أحد المواقع داخل اللوفر وهو يحتاج إلي 20 يوماً لمشاهدة كل الآثار الموجودة بداخله وهي زيارة لم تتح لمسئول من قبل وطبعاً خرجت في ذهول.
وقصة التهريب بدأت منذ عهد عصر محمد علي وكانت تمنح كهدايا للسفراء والقناصل بالاضافة إلي السماح بالاتجار فيها حتي عام 1983 وتبلغ تجارة الآثار في مصر سنوياً حوالي 20 مليار دولار تقوم بها عصابات أو مافيا الأثار.
تأمين الآثار
ومن هنا اصبح الأمر ملزماً للحكومة المصرية بضرورة مراقبة الأراضي المصرية بالقمر الصناعي واستعادة الأن في المناطق الأثرية ويتطلب امكانيات لوجيستيه للشرطية ودعمها بسيارات الدفع الرباعي وطائرات مروحية وتفعيل دور الأمن داخل وزارة الاثار بدلاً من تواجدهم دون عمل وخاصة وأن كنوز مصر الأثرية غير معلومة!!.
لا يعقل أن يكون عدد العاملين بالوزارة من 35 40 ألف موظف وميزانية الأجور والمرتبات الشهرية تبلغ حوالي 50 مليون جنيه رغم أنك تجد بعض المفتشين الأثريين بدون عمل!!.
رصيد مصر الأثري
اضاف عبدالصمد في حديثه ل "الجمهورية الأسبوعي" أن جميع آثار مصر المنقولة والثابتة موجودة في مخازن وهناك بعض الآثار داخل المخازن لم يتم تسجيلها وهي مستخرجة من عقود ولا يوجد لها "شهادة ميلاد أو بيانات" وهذه الآثار يمكن خروجها بسهولة جداً وتباع علنياً دون أي تدخل من الدولة وحوالي 20% من الآثار المنقولة في مصر مسجلة في المخازن التي أنشائتها حديثاً القوات المسلحة وأثار العالم تسجل بطريقة إلكترونية إلا مصر تسجل ورقياً واحيانا ً تتهالك السجلات ونبدأ من جديد في عمل سجلات اخري ورقية ايضا وفي الطريق خرج ما يخرج دون رقابة أو علم أحد!!.
جرد المقشات والجرادل
ويؤكد نورالدين أنه عار علي مصر عدم علمها بعدد القطع الأثرية الموجودة في مخازنها لأنه في نهاية كل عام يحدث جرد لجميع العهد وكان في عهدتي 27 ألف قطعة استمرت لمدة أكثر من 10 سنوات لم يسألني أحد في يوم من الأيام عنها وكنت أري بعيني كل عام لجان الجرد تجرد المهمات الموجودة بها من أدوات والحفائر والاقلام والجرادل والمقشات واذا وجد أي نقص يحول أمين العهدة إلي النيابة العامة فوراً ولا ينظر مطلقاً لأي مخزن للآثار وهي لا تقدر بثمن وعندما طالبت الأجهزة الرقابية بتطبيق القانون قال لي بالحرف الواحد "لا تلعب مع الكبار"!!.
هرم زوسر
هناك كلام كثير حول هرم زوسر بسقارة فما هو الموضوع.. قال هرم زوسر يختلف عن كل اهرمات مصر التي يصل عددها لأكثر من 100 هرم لانه يحتوي علي العديد من الغرف ولا يمكن حصرها بسبب عدم اكتمال الحفائر والانهيارات الموجودة داخل الهرم واكثر من 30 ممراً لن يستكمل حفرهم بسبب خطورة الاسقف الداخلية والجدران باتباع اسلوب غير سليم كان من المفروض البدء من الداخل أولاً مما جعل الشركة تلجأ إلي عمل شدات معدنية داخل الهرم لرفع ال 6 درجات التي يبلغ ارتفاعها حوالي 62 متراً واستعانوا بشركة غير متخصصة في ترميم الآثار فقامت بتركيب مخدات هوائية كمسكن وهذا لم يحدث في تاريخ ترميم الآثار من قبل!!.