لكنى لست وحيدة
فالعالم منزلنا
ولنا عدد فاق جميع الأعدادْ
ولذلك أصبح عشك أضيق بكثير
ليس يناسبنى
*******************
كشجرة كرز تتفتح
كما شجر الكرْز هذى الحياة
إذا لبست زهر السرور
تمر السنون، بوقع سريعْ
تحلق من حولنا ثم تمضى
فدعنا نحاول ألا تضيعْ
ولكن نسايرها فى الحياة
فأيامنا كغناء الطيورْ
وبيضاء أيامنا مثل أشجار كرز
كما شجر الكرز هذى الحياة
إذا لبست زهر السرورْ
***********
طفل الشمس
وغابات لنا تحكى حكايات من الجنِّ
بهمس، وهدوء،
فكثير من حكايات الخرافات
أكيد إنها تعرف مايو
فهو شهر فى الربيع كله بهجة
وفى الأيكة لليمون، أشجار قوىّ نبتها
ترمى حفيفًا كله رقة
تهادى ليهز الطفل فى مهد نبيل صنعه،
يغمره الحب
ولكن العصافير بلطفٍ فردت أجنحة،
ثم بعيدًا حلقت،
والريح فى مايو رقيق شدوها
أغنية النوم لهذا البرعم الغالى
فهيا انظر له
وهو يمد ضاحكًا لى يده الحلوة
فها قد جاوبته بالصدى
هذى الحقول وهى فى نشوة
****************
بشرى الربيع
أيتها الرياح
يا بشرى الربيع
فلتبدئى فى رحلتك
وحلقى فوق رءوسنا ببهجة فى ضحكتك
كما جموع من يمام فى العلا
كما يمام أبيض،
كل يمامة بغصن أخضر
أيتها الرياح
فلتبعثرى رائحة التراب،
هذه التى خنقتنا،
وانثرى فوق المقابر التى لا تنتهى الرمل الذهب
ولتجعلى إياه نورًا للذين هم هناك يرقدون
إنهم الشباب فى شجاعة قد وهبوا حياتهم
لذلك التراب
خلى طواحين الهواء
تلك التى تعانق السماء
لهم تلوّح مع الضياء
حيث تدور الأجنحة
أيتها الرياح
يا رائحة الحياة،
والسرور،
والسخاء
يا من تذكريننا بالفرح والربيع
تمتد هذه الحقول حيثما تغمرها أشعة من شمس أبريل،
ووسعها اللازوردىّ ينم عن خصوبة
أيتها الرياح
يا بشرى الربيع
إن رياحنا الرقيقة بأرضنا
شقيقات التحرر
************
فوق الدانوب
أنجم فضية طارت لأعماق الدانوب
وقلاع شاخ فى عزلتها عمر تولى
فى خيالات كئيبة
وتولى زمن فيها لأسياد رهيبة
من ترى سوف يرانى من؟
بهذا الكون وحيدًا
آه ياويلى،
يادانوبىَ الأسود
ها الساعات تمضى ومجراها انسياب دون عائق
ذاك خيط خادع يدخل فى نسج لأيام غبية
هذه الأيام لما كنت فيها طائرًا حر الجناح
هل ستستدعى أيا دانوبىَ الغالى، غدا ذاكرة،
حين عطاء الليل ألقى بظلام كالمداد
وأنا كنت هنا فى شطك المهجور ألتاع بأفكار غريبة
عذبت من الفؤاد
ولكى أبقى على حريتى، تلك التى بقيت لى،
مع خبز متعطن
ولكى أرتع ما بين ممر مظلم أو قمة قد هجروها
أو أعيش العمر فى أودية، فى مرح عيشًا بسيطًا
حيث ألقى ما أهوى سوى حريتى،
يا أيها الدانوب قل لى، وأجبنى
فأنا منتظر، فى قلق، لكنما ها أنت صامت
رغم هذا، ينطوى الموج، كرغبات جداد
إنه طول المسافات يعانى من كفاح
كالشباب
حيث يمضى دون جواب
أرضى
وطنى صغير، إنما هو مهجتى
وكأنه من كهرمان خرزة متوهجة
أنغام ماضيه تعاودنى فتوقظ بهجتى
وسعادتى فى فنه المنقوش فوق الأنسجة
خذها كذكرى، خرزة من كهرمان
ساقها لشواطئ البلطيق موج،
واسم ليتوانيا عليها يبرقُ
كالشمس ـ يومًا من يديك ـ ستشرقُ
صوت السعادة سوف يعلو
فى بلاد جمّعت أوصالها فى وحدة أخوية
ويدق فى كل الأماكنْ
لن يستفز صمودها سلبٌ
ولا نهبٌ
لأن جناحها العملاق
يُأوى كل شىء تحته
فالكل آمنْ
قبل الرحيل
إن ظلام البحر الغارق فى الليل
تلك الأضواء ستشعله وهجًا
وأغانى الفجر لسوف تبدد تلك الغيمات
وتبشر باليوم القادم مبتهجًا
أشرعة كالصلب تواجه عنف الريح
وسفينتنا يودعها طير النورس
ككرات الثلج المملوءة بالريح
هل سأراك قريبًا يا حبى
أم أيام غيابك ستطول لياليها
وعرائس ذاك البحر ستأخذ منك القلب بسحر أغانيها
ما عاد هنالك من أضواء فوق سواد جهنم
فلقد طقطقت النيران وماتت
وعواصف هبت وهى تحطم كل صوارينا
من كل مكان، وبأقصى قوتها جاءت
وكنورس صبح ذى لون أبيض كالثلج
فوق الموج
سأصيح وتعلو الصرخات
وسيحكى لى البحر حكايات
حتى يأتى ضوء الفجر
فضوء الفجر قريبًا آت
كيف تموت النسور
تحت نيرٍ ثقيل
فى سلاسل ذات رنين وطقطقة
ينهض الشعب
فى الحلم، شعبى، بأجنحة ذات قوة
وصباحاتنا مثل تنين
تنشر همًّا كبيرًا
أين أنتم، وأين شجاعتكم يا رموز البطولة
كى تنقذونا أخيرًا
إنهم فيك، فىّ، نيام، برغم جميع المحن
وضربات المنبه فى الليل توقظنا كى نحارب
رغم أن الحياة مضت فى المنام
إننا ، مع ذلك، مثل النسور التى لا تخاف
سنقدر عند المعارك نلقى المنون
بيتهوفن
ولماذا أنت تمشى بخطى واسعة فى العاصفة
شعرك الأشيب ها قد مزقته الزوبعة
تقف الآن لتلقى نظرة من بين تقطيب الحواجب
ثم تمضى قدمًا فى العاصفة
من تراه عاش فى الماضى
أعملاق غضوب؟
أم ترى قزم ضعيف
ما هما إلا سواء
بينما الوقت مضى دون انقطاع
أنت أيضًا باسمه الآتى مضيت
أين يا منفردًا بالعبقرية
كل أندادك أين؟
من هنا
أو كان فى الماضى البعيد
كلهم ينحنى إذ أنت تعلو
أنت كالبحر بلا أى حدود
ليس فى معرفة مثلك من ندٍ يجود
من خلال الدمع
من بين الدماء
والأسى ضد سلوكيات هذا الجيل أمضى فى كفاحى
ما بشمس تلك فى هذا الغروب الملتهب
والتى تتبع خطواتك يومًا بعد يوم
إن أقدامى تغطيها دماء تقتفى آثار أقدامك،
تخطو فى طريق بائس قد مزقت أشلاءه تلك الحروب
من بحار من دماء،
من حقول من مآسى
من دروب لبلاد كل ما فيها رماد ودخان
سوف يأتى رجل العصر الجديد
وسأهدى تحياتى له عند المجىء
وعلى الفور سيعلو علم أحمر قانٍ
فى اتجاه الشمس يعلو بكفوفى فى بسالة
وعلى الفور سأعطى قبلاتى
من يقودون نضالاً فى سبيل الحق
من هم كافحوا أجل العدالة
يا بحر
البحر فوق الموج يخفق قلبه
والنورس الصياح حلّق فى الفضاء
وبدونما حسدٍ لأشواقى
ولا إن ذاب حزنى فى الغناء
الريح تعطى الموج درسًا
كيف يشهق
كيف يألم
كيف يشدو
كيف يرقص
كيف ينعم بالسرور ويسعد
أيضًا تعلمه
يحلّق عاليًا
ويحطّ فوق الأرض طيرًا
تحت أقدامى
بحب يرقد
والموج يلمسنى برفق، مشفقًا
ومداعبًا
والموج منبثقًا بقطرات المياه
يرش بعض رذاذه
لكنه فى البحث عن حرية
للموت منكسرًا حبًا
كم مرة عانى فؤادى فى تألمه
ولكن كل ذلك صار فى الماضى البعيد
كل الذى تركوا لأجلى صفحة زرقاء فى وجه السماء
ريح، وماء
وجهى المشرب باحتراق الشمس يلعب فى أشعتها سعيد
وضفائرى والكهرمان يلفها
تنساب دائرة على كتفى فى حرية
ويلفنى هذا الفضاء اللازوردى السماء
ويذوب فى الآفاق نورسىَ النقى بياضه
وأصيح من هذا الذى يأتى؟
أأنت تراك يا حبى؟
وأعلو بالهتاف
يا بحر إن الحب قد لمس الشغاف
غن يا قلب
غنِ يا قلب غنِ،
ولا تتوقف
للحياة وللشمس غنِ
للسماء
وللمسة دفء، ممر من الرملِ
للسحب عالية فى الفضاء
غنِ واهجر، وغن بدون اهتمام
فكما تطلب النفس غنِ
وتعلم من الطير تضرب سابحة فى الهواء
من وريقات تلك الشجيرات وهى تصفق
بيديها تصفق
غن بالشعر مرثية للوطن
للأ رامل من وطأة الحرب تحتجبُ
بالدخان
برداء الصباح
وهى بالشط تنتحبُ
رب أغنية حين غنيتها أوقف صرخات السهول
حيث تسعر فيها الرياح
رب أغنية فى شفاه جنود مشاة
أسكنت من زئير السلاح
ربما بفيضان الدموع انطفا لهب
كان ملتهمًا للبيوت البريئة
مثلما فى عيونك تلك التى لادموع لها
يظهر الغضب
ودع المقطع العاطفى يطير كما طعنة سامة
تستقر بقلب عدو جبان
غنِ يا قلب غنِ
وتذكر أيا قلب أحلامكَ
كل حلم لكَ
فإذا ما توقفت يومًا تساقط تحت الثرى
كل حلم لكَ
نخب الربيع
هيا بنا نشرب نخب الشمس
نشهد الربيع وهو يقذف الزهور فى الهواءْ
لو أستطيع محو هذه الأخاديد التى بحاجبيك
ذاك العالم من هذا العناءْ
ابن دنيبر
أنا لك دومًا
من الآن حتى الأبد
وحتى النهاية سوف أحبك حبًّا شديدًا
دنيبر أيا ذا الضفاف العريضة
أيا أزرق العمق
يا ذا السهول
وغاباتك المستفيضة
ولكن بتلك العواصف
من تلك الحروب البغيضة
تشتت شمل لنا عائد بعد طول انتظار
عدو، وموت قهرنا
وها هى أرض نقدسها
مر فيها العدو
وهذى حياتى
تجسدها زرقة منك،
يا روح أرضى العزيزة
فكم أتمنى بمائك أدفن،
لو ما سقطت بأية حرب
فلا عودة للأجانب بعد
وقوة هذا العالم تنام بعمقك
دنيبر، دنيبر
وماؤك فيه الوجود
فأنت،
أنا،
يا دنيبر،
كلانا خلود
تلك القبلة
وقبلة منك، غريبة، سريعة، وفجأة
قد أسكرتنى مثلما الليل، ومثلما اللهيب
قد أضاءت لى الظلامْ
قد يفقد القديس قدسيته أمام إغراء كهذا
كاختلاس ومضة
حلّقت القبلة منك كالبريقْ
من هذه اللحظة لا يمكن أن أنسى شفاهك الحريقْ
هناك دائمًا سيبقى أثر منها على صدرى، وخاطرى
لما فى هذه القبلة من نار الهيامْ
ليل نهار، سوف يبقى لك عبدًا
لم يكن هناك من وخز لأفعى،إنما
شفاهك الحبيبة الحرّى لمستنى، فأنا
من هذه اللحظة فى حمّى، وما فارقت وعدًا
أننى، برغم ما فيها من اللهيب، لن أنسى، وأدرى أننا
سننتهى جرّاء هذه العواطف التى ترمى بنارها
سواء، فيك أنت، أو أنا
شمس الخريف
مرحبًا يا خريف
مرحبًا غابة صافية
فأنا سوف تمسكنى الريح أيضًا، وحالاً كما ورقة
لكى تحملنى للبعيد البعيد
وهنالك تعلو سحابة
مثلما اللص تزحف بالذل خائفة فى السماء
والرياح العفية فى عنفوان نشيط، مع الشمس قد دخلت فى تحدٍ شديد
فرياح الخريف، وقد نشطت بالأذى، وأشعة شمس، ضفائر تلمع كالكهرمان، ظلال لأجنحة الطير، مرت سريعًا بصمت، لقد جنحت كلها
فى السقوط بأرض فضاء
وأنا للأمام ركضت مع الريح، حتى تلاشت،
وقد أخذ الزهر يلمع مثل الدموع بحضن الخريف
ثم قالت الأرض : ها أنت سوف تظل هنا
إننا مرتبطون هنا، قدر، أن نكون هنا
فى النهار، وفى الليل، لنبكى معًا
وإلى أن يجىء الشتاء
صمت الأرض
لماذا الأرض صامتة أيا أمى
وليل نهار صامتةٌ
فلا للشمس شاكية مآسيها
وليست للنجوم تبث شكواها
من الأزلِ
تحافظ فى هدوء وهى صامتةٌ
على استكمال دورتها
بلا مللِ
وتحزن إن أريق دمٌ
وتفرح إن ترى الزهرَ
تراب للتراب مضى
وفى الغد هؤلاء الصامتون بموتهم أبدًا
بأعينهم وأكفانٍ تدثرها
تراهم حيث ينمو الكرْز فى الغاباتِ
فوق ثرى جميل حيث يرتفع السحاب
تراهمُ نهضوا
ولكن ليس فى الإمكان يا طفلى الصغير
بأن أقول أنا
لماذا الأرض صامتة
فكل درايتى
أن الحياة تظل دائرة بنا
ما دارت الأرضُ
ْ