القاهرة 08 سبتمبر 2014 الساعة 02:41 م
ورد في الأثر إذا أحَبَّ اللهُ العَبدَ نادى جِبريلَ : «إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاناً فَأَحبِبهُ» ، فَيُحِبُّهُ جِبريلُ. فَيُنادي جِبريلُ في أهلِ السَّماءِ : «إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاناً فَأَحِبّوهُ» ، فَيُحِبُّهُ أهلُ السَّماءِ ، ثُمَّ يوضَعُ لَهُ القَبولُ فِي الأَرضِ. هذا القول المنسوب للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، يمكن أن ينطبق أشد الانطباق في هذه الأيام على حالة الرئيس عبد الفتاح السيسي. فقد قام بعمله وتحركه ضد النظام الإخواني الذي رفضه الشعب بعد أن اتضح له عيوبه ونواياه ولقيت هذه الحركة تجاوبا منقطع النظير من مختلف طوائف الشعب وتوجهاته طبعا باستثناء الذين أضيروا من هذا التحرك، كما لقيت قبولا من دول في الخارج باستثناء
أصحاب المخططات غير المشروعة لمصر ومستقبلها وشعبها وهذا لا يهم. إن المهم من وجهة نظري ثلاثة أمور:
الأول: مدى رضاء الله عن العبد وعلامة الرضي تيسير أمور العبد.
الثاني: رضاء الشعب وعلامة ذلك القبول به والتعاطف معه والتجاوب مع مواقفه وقراراته.
الثالث: مدى اقتناع الفرد بما يعمل اقتناعا إيمانيا صادقا منزها عن الغرض والهوى والمصلحة الشخصية.
هذه الأمور الثلاث تكاد تنطبق على عبد الفتاح السيسي، فرغم ما أشاعه المخالفون ضد القوات المسلحة لبث كراهية الشعب لها، فقد حدث العكس. بالنسبة للسيسي إذ أيدته القوى المختلفة من الاتجاهات المدنية اليمنية واليسارية، وكذلك الاتجاهات الدينية من المسلمين والأقباط والمرأة التي بنوا عليها أمالا عريضة، وسعوا لتغيير فكرها بهدف حبسها في المنزل حتى الموت. والشباب الذين كثيرا ما سعوا للتأثير على توجهاتهم ولكن الله على كل شيء قدير، إذ
حدث العكس وصدق قوله " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين". [سورة الأنفال: آية 30]
المهم ليس في تشخيص الماضي، او تحليل الحاضر، وإنما في تصور المستقبل. وهنا أقول للرئيس السيسي رسالة الفلاح الفصيح للفرعون في العصور القديمة التي تعرض فيها للإهمال والتجاهل من قبل كبار المسئولين، ولما عرف الفرعون بذلك عاقب أعوانه ،وأعاد حقوق الفلاح الفصيح إليه، والله غالب على أمره . اذكر بالمقولة المشهورة المنسوبة لأحد كبار العلماء المسلمين في العصور القديمة، ثم كررها الشيخ محمد متولي الشعراوي أمام الرئيس الأسبق حسني مبارك على مشهد في أثناء مشاركته في احتفال عام إذ قال بلا تردد أو خوف "إن كنت قدرنا أعاننا الله عليك و إن كنا قدرك أعانك الله علينا".
وهنا نحن نقول للرئيس عبد الفتاح السيسي وهو رجل تقي يخاف الله، وابن مصر ارض الفراعنة العظام ،وابن الجمالية مسقط رأس نجيب محفوظ، و إبن قاهرة المعز، أعانك الله على تفكيك الإرهاب والقضاء عليه، وعلى التطرف ومواجهته بالفكر المعتدل، ونقول إن شعب مصر اظهر حبا لك وتجاوبا معك فتطلع بلا تردد للاستجابة لدعوتكم للمشاركة في تمويل مشروعات النهضة في قناة السويس الثانية، باعتبارها تمثل مشروعا نهضويا عملاقا. ولذلك فان الأيام القليلة منذ فتحت البنوك أبوابها وبدأ بيع شهادات التنمية في القناة، سارع الكثيرون، لن أقول الجميع، بالذهاب للبنوك والاصطفاف أمام نوافذها المخصصة لبيع شهادات التنمية الجديدة. وهذا دليل قاطع على ثلاثة أمور:
أولها: إن الشعب المصري أكثر حبا لوطنه مما يتصوره أي شخص.
ثانيها: إن الشعب المصري لمس صدق كلام ونوايا رئيسه فتجاوب معه تجاوبا واضحا وملموسا ومتكررا سواء في تظاهرة ثورة 30 يونيه أو 3 يوليو أو 26 يوليو أو في الاستفتاء على الدستور او انتخاب الرئيس، وها هو يكرر نفس التجاوب بلا تردد استجابة لدعوة الرئيس.
ثالثها: إن الشعب المصري ومصر ليسوا فقراء وليسوا متسولين، كما يردد البعض، وإن لديه أموالا لا تخرج إلا عندما يثق في ورئيسه وقيادته وحكومته.
وإذاً فان على الرئيس أولا مسئولية مبادلته هذا الحب، وهذا التجاوب باختيار أصلح العناصر لتولي المسئولية في الوزارات والهيئات والمؤسسات وحسن اختبار معاونيه، وعلى الرئيس ثانيا إن الله وضع علي خزائن مصر مثل يوسف قوي أمين فعليك أن ، تحافظ على مبدأ الشفافية والمصداقية وحسن التصرف في أموال الشعب فهي أموال عامة لا ينبغي تبديدها أو تبذيرها أو وضعها من غير موضعها وثالثا على الرئيس أمانة الحفاظ على الوطن وترابه وهذا محور القسم الذي اقسم عليه عند توليه المنصب ورابعا على الرئيس أن يراعي مصالح الشعب فلا يرهقه بالأعباء بدعوى كثرة مشاكل مصر وعليه حسن اختيار المعاونين ذوي البصيرة الذين يستطيعون أن يقدموا رؤى مستقبلية مبتكرة، كما فعل مهاتير محمد في ماليزيا وما فعل لى كوان يو في سنغافورة ودنج سياوبنج في الصين، وكما فعل ديجول في فرنسا، وتشرشل في بريطانيا، وبوتين في ورسيا وغيرهم. فالفكر الإبداعي والابتكار فضلا عن الكفاءة والولاء هم الأسس الأربعة الضرورية في حسن اختيار المعاونين في شتى المواقع، وعلى الرئيس أن يكون أكثر انفتاحا على الشعب ولا ينعزل عنه، فالشعب اختاره هو ولم يختر معاونيه ولذلك فلا يخشى من تغير من لا يقوم بالمسئولية فقد يكون ذا كفاءة، ولكنه غير ذي ثقة، وقد يكون العكس، وقد يتمتع بالكفاءة والثقة ولكنه تقليدي التفكير لا يمكنه الإبداع والابتكار في الرؤية أو في حل المشاكل.وخامسا فان الرئيس مطالب بان يثيب ذوي الكفاءة ويعاقب بلا تردد المهملين والفاسدين. وسادسا فانه مطالب بان يكون رئيسا لكل المصريين بلا تمييز بينهم بسبب الاتجاهات والمواقف السياسية أو الدينية آو الجغرافية او الجنسية أو غيرها فهو أب للجميع ورئيس للجميع وقد قال المفكر الاستراتيجي الصيني المشهور "اهتم بأصدقائك ولكن اهتم بأعدائك أكثر" والقران الكريم يقول " وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ " (الآية 34 ، فصلت). إن الحاكم الحصيف هو من يستطيع تحويل العدو إلى صديق دون إهمال الصديق بالطبع.
إن رسالتي للرئيس عبد الفتاح السيسي هي رسالة مواطن مصري آمن بوطنه وقدم حياته وخبرته له، وتقاعد بعيدا عن الأضواء، ولكنه يتابع عن كثب أحوال هذا الوطن، ويرى الخير كل الخير على يد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مثله مثل الكثيرين من أفراد هذا الشعب الطيب، ويدعو الله له بالتوفيق. اللهم بلغت اللهم فاشهد. 7-9-2014