القاهرة 20 اغسطس 2014 الساعة 11:44 ص
جرت العادة أن يبرر الفيلم وتثير محتوياته الجدل لمرة واحدة لكن المسلسل يختلف في أمور عدة أولها أن له حكايات أساسية وفرعية. وهذا في الدراما أما
في الواقع فتُفرض اليوم على المشاهد أحداث تشبه الدراما في تجلياتها وتشبه السينما في إثارتها الجدل الشديد، وتأخذنا جميعاً في رحلة على حلقات، كما يحدث في المسلسلات تماماً، مع فارق واحد هو انها مقسمة وفقاً لقرارات القاضي. والحديث هنا عن محاكمة الرئيس مبارك ونجليه والمسؤولين الأمنيين في نهاية عهده، والتي بدأت عام 2011، وكانت مقدمتها تلك الظهورات الأخيرة له على الشاشات كرئيس حتى جاء خطابه الأخير بالتنحي... وهذه هي المقدمة الضرورية للمسلسل الذي نراه على حلقات ستتواصل في الأيام المقبلة.
فمنذ هذه الصورة للرئيس، بدأت صورة أخرى تتكون عبر الشاشات أولها صورته على نقالة ذهاباً للعلاج من أزمة صحية مفاجئة، ثم صورته ذاهباً نائماً إلى شرم الشيخ للاستجمام، ثم تبدأ محاكمته ونتابع حلقات متتالية نقلتها أغلب الشاشات عن التلفزيون المصري لمبارك وهو نائم على سرير خلف قفص الاتهام. لأيام طويلة استطاع مشهد مبارك في هذه الحلقات التلفزيونية أن يجتذب تعاطف مشاهدين كثر وجدوا في رقدته خلف القضبان أمراً لا يليق برجل حكم بلد لمدة ثلاثين عاماً وكانوا يهتفون له حتى شهور قليلة... تباطأت حلقات المسلسل وتراجع الاهتمام به مع الصراع ضد الإخوان وانشغل المشاهدون بما هو أهم مثل إعداد الدستور وانتخاب رئيس جديد، وكانت الإثارة الى «محاكمة القرن» كما سميت من قبل كثيرين تعلو وتهبط من دون معايير واضحة الى أن بدأ الجزء الأخير منها منذ أسبوعين من خلال شاشة اخرى هي (صدى البلد) بعد أن تخلى التلفزيون المصري العام عن احتكارها لتتولى الشبكة الجديدة – وهذا هو المفاجئ – اعطاء البث الى 72 شبكة مصرية وعربية ودولية طلبت بث المحاكمات في حلقاتها الجديدة، اضافة الى قنوات أخرى نقلتها من دون استئذان كما أعلنت «صدى البلد».
فهل توقعت هذه القنوات جديداً مهماً أم أن تطور الأحداث فرض عليها ذلك؟ لكن هذا الإقبال لم يخيب آمال أصحابه، فبالفعل حدث الانقلاب الدرامي في المحاكمة كما يحدث عادة في المسلسلات، فبعدما كان مبارك نائماً يرد على القاضي بكلمة «أفندم»، وجدناه صاحياً، يقظاً، يتولى الدفاع عن نفسه بنفسه. وأبدى في حديثه ثقة بالنفس بلا حدود وكأنه لا يزال الرئيس، ويواجه المواطنين. فدافع بشدة عن نفسه كعضو في القوات المسلحة وأرسل بهدوء رسائل أخرى إلى الناس عن مواقفه الوطنية والسياسية والانسانية وبدا وكأنه رجل آخر. بدا كأنه يحاول استرداد ما فقده عبر هذه الدقائق السحرية التي أتيحت له لمواجهة الملايين. ولتصبح هذه الرسالة أو الدور حديث العالم.