القاهرة 12 اغسطس 2014 الساعة 04:03 م
أثارت برامج الكاميرا الخفية الرمضانية استيائي الشديد ، ليس فقط من ممارسة الاستغفال والاستغباء على المشاهد المسكين ولكن أيضا من الممارسات الفجة التى يقوم بها البشر ضد إخوانهم فى البشرية لا لشىء إلا استجداء لضحك البعض، والاسترزاق على قفا البعض الآخر ولكن ما آثارسخطى أكثر هو ما يقوم به الفنانيين مع بعضهم البعض من ممارسة نفس الشىء استنفاعا واستنطاعا على بعضهم البعض ،
وكدت أصرخ أن انقذوا الفنانين من بعضهم البعض فما يحدث لهم من استدراج لأماكن ثم وقوعهم فى موقف ما قد يدفعهم إلى الصراخ أو الخوف وقد يؤدى بهم إلى التلفظ ببعض السباب يفقدهم الكثير والكثير من حيثيتهم الفنية والشخصية ، ويقلل من تأثيرهم كقدوة أيضا إذا ماكان ذلك الفنان مؤثرا و محبوبا . هذا من جانب ،أما الجانب الآخر فهو إننى لدى قناعة خاصة ( قد أكون مخطئة) إن بعض البرامج غالبا ما تكون ذات أهداف خفية فعلى سبيل المثال البرنامج الذى لن أصفه إلا بالمقزز ولم أراه إلا مرة الذى يطلب من ضيوفه أن يعمل الضيف كجاسوس !!! أتساءل ما الغرض منه؟ ولماذا نضع مثل هذه الأمثال أمام المتفرجين ،ونطرح مثل هذه المواقف ،وكأنى أدعو كل مشاهد أن يفكر فى ذلك الموقف وأن يقرر ما سوف يقوم به إذا ما حدث، وكأنى أتعاون مع وزارة الدفاع اليهودية وأسهل عليها مهمة استدراج المواطن المصرى البسيط إلى الجاسوسية !!!
يجب علينا توخى الحذر مما نقدمه من مواد للمشاهد البسيط ،و أضع تحت كلمة بسيط هنا مئة خط وخط !!!
مازلت أذكر إصابتى بالذهول فى أول مرة شاهدت فيها فيلم ( يعقوبيان ) والذى مثل فيه الفنان خالد الصاوى دور الشاذ جنسيا اندهاشى وذهولى لا لرفضى تمثيل هذا الدورفى الإعلام ،ولكن طريقة التمثيل وإثارة التعاطف مع هذا النموذج هى ما جعلتنى أستاء ،وبصفة خاصة ذلك الحوار الذى دار بين الصحفى وهو فى هذه الحالة الفنان خالد الصاوى ،وبين المجند وهو باسم سمرة حينما أخذ الصحفى يشرح له أن عدد الشواذ كبير جدا أكثر مما تتخيل ،ومزايا الشذوذ ،وكيف أن الله رحيم ولا ينشغل بهذه الصغائر ،هذا الحوار بصفة خاصة هو ما أرفضه بالفيلم ، فللوهلة الأولى فكرت أن هناك فى نفس صالة العرض ، أو على نفس القناة يشاهد الفيلم حارس العقار الذى أقطن ،وكذلك ابنه أو بنته ،أو مجند من الجنود الأميين ،أو صبى الميكانيكى أو... أو.... وما أكثر فئات البشر التى نعرف ،ما فكرت فيه هو السؤال الآتى : ما صدى هذا الحوار على بعض الصبية ،ما صداه على بعض من لا يملك الحصانة الأخلاقية أو الدينية أو من لا يملك القيم بكل قوتها ؟؟؟
قد يرى البعض أن ما أقوله مبالغة ،ولكنى أعبر عن رأيي الحقيقى، إننى أتحدث عن المواطن البسيط ،العامل بمصنع ،جامع القمامة ،الفلاح الذى لا يعرف القراءة والكتابة ،هؤلاء هم من يصدقون الإعلام ،هؤلاء هم من تتوجه إليهم تلك البرامج ،ومن الذى سيحاول بعد. ذلك تصحيح الفكرة ؟ و إذا ما وجدنا من يريد تصحيحها ، فكيف سيصل إلى كل هؤلاء البشر ؟؟
إن تأثير التلفزيون والقنوات المتاحة أكثر من خطير على تلك الفئة من البشر ،مع العلم بأنها ليست بالقليلة بمصر ولا بالعالم
العربى !!
فالإنسان المثقف مفكر بطبعه وإذا ماتم عرض ورقة ثقافية عليه أيا كانت هذه الورقة : برنامج ، فيلم ،أغنية ،مسرحية، كتاب ،الخ فإنه سوف يفكر فى محتوى هذه الورقة ،ولكن الأمى أو غير القارئ ،أو غير المثقف سوف يتلقف المعلومة ويتشربها ويصدقها،وهذا هو مكمن الخطور
ة ف
ى كل تلك الأفلام ،وكل تلك الأغانى ،وكل تلك البرامج ،لإن هذا الفرد الأمى أو البسيط مثقل بالهموم الاقتصادية ، ومثقل بعمل يأن فيه ظهره ،لا وقت لديه للتفكير الدقيق،وعليه أن يجد المعلومة بسيطة مباشرة موجهة له ،والجميع يعلم أن الفنان محمد صبحى كان حريصا كل الحرص على تقديم معلوم
فإلى متى سنظل نتجاهل التأثير المقيت لوسائل الإعلام على فئة المهمشين والبسطاء والأميين ،هل نسينا إننا(على الأقل جيلى ) قد تربى على مشاهدة قنوات التلفزيون المصرى حين كانت الرقابة تمارس دورها حتى على أفلام التليفزيون ،تربينا على مسلسلات التلفزيون المصرى التى زرعت فينا إلى جانب تربية الأسرة معنى للأخلاق وللعيب ولأشياء أخرى كثيرة .ة مباشرة وصريحة إلى حد أن البعض اعتبره ناظر مدرسة الفن، وقد نجح فى جعل الدروس الأخلاقية عبر المسلسلات والمسرحيات مادة محببة إلى الأسرة كلها ، وهو ما أحبذه بشدة ...
نعم لفن "محمد صبحى" ، نعم للمباشرة والتوجيه ....