القاهرة 10 اغسطس 2014 الساعة 03:35 م
في إسرائيل تعتبر أعمال عاموس عوز ، بنيامين تموز ودافيد جروسمان هي الأكثر انتشارا ومع ذلك يعتبرهم شباب اليهود من الطراز القديم فهم يقرأون أعمالا لأدباء قد تلقوا تعليمهم في أواخر السبعينيات و الثمانينيات ولم يشتهر هؤلاء الأدباء إلا في التسعينيات من القرن العشرين حيث اتسموا بالميل إلى تبني مذهب المتعة فهم يغضون النظر تماما عن تاريخ اليهود .
في إسرائيل يحتل الفرد الصدارة وما يشغل تفكيره هو همومه الشخصية ونادرا ما يتطرق في باله فكرة النزاع العربي الإسرائيلي .
وحينما قرأت كتاب القرن العشرين وجدت أسلوبهم تهكمي بالدرجة الأولي ولغتهم نثرية جافة تتجنب العناصر المثيرة كما في أعمال عاموس عوز وتتجنب العاطفة مثل أعمال يهو شواع وتبتعد عن التلميحات الأدبية المعقدة مثل أعمال جروسمان ووجدت أن أسلوبهم يميل إلى تبني مذهب المتعة ولا يهتمون بتاريخ اليهود .
ولكني تساءلت هل يبدي كتاب القرن العشرين نفورا من السياسة واهتموا فقط بالعلاقات بين الجنسين أكثر ما اهتموا بعلاقات الفلسطينين والإسرائيلين ؟!
هل هم منغمسون في مسلسلات التليفزيون والكوميديا الأمريكية أكثر من انغماسهم في نشرات الأخبار المسائية التي تغلب عليها قضايا الأمن والسياسة ؟!
فلم أجد لنفسي إلا إجابة واحدة أن هذا الجيل لا ينتقد الرواية الصهيونية ولا يبدي اهتماما في معارضتها برواية مضادة .
لقد ظل أدباء هذا الجيل بعيدين عن السياسة حتى جاء مقتل رابين في نوفمبر 1995 هذا الحادث حفزهم للتحرك السياسي حيث إنهم قد اكتشفوا أن هناك من يضحي بحياته من أجل مبدأ يؤمن به
دعوني في هذا المقال أسرد لكم ترجمة لعمل للأديب "عمنون دانكنر"
في قصة " يوم ولد الملك " يوضح لنا عمنون كيف يصبح الناس كالوحوش عندما يتقلص معني الأخلاقيات إلى الصفر هنا ينتزع الحاكم العسكري ونائبه الأرض من أصحابها العرب الشرعيين وذلك لكسب خاص فينضمون للمافيا في هجوم فعلي علي بيت فلاح عربي يطلقون النيران وهم يدخلون إرهابا لجمع أهل البيت ثم يخطف نائب القائد أحد أولاد الرجل ويأمر رئيس العصابة بصوت مرتفع بقتل الطفل بالرصاص كالكلب فيصرخ الرجل العربي : كلا باسم الله ثم تسمع دوي طلقات " .
الحلم الرابع
وفي رواية الحلم الرابع لدافيد ملامين يصور الأديب غزوا عربيا لإسرائيل يتبعه نفي جديد لليهود إلى ألمانيا وبولندا أما إسرائيل فتقع تحت الاحتلال العربي ويتم تدمير الحلم الثالث أي دولة إسرائيل بوصفها الهيكل الثالث
وفي نهاية الرواية نجد البطل وعدد قليل من اليهود المنفيين يتسللون خفية إلى إسرائيل وهذا يوحي ببداية الحلم الرابع ولا يشير ملاميد إلى أن هذه المحنة هي هالوكوست ثاني لهم لكنه استخدم مصطلح السقوط .
نلاحظ في الرواية سياسة قلب الأدوار التي تحدثنا عنها في المقالة السابقة فاليهودي الإسرائيلي أصبح هو اللاجئ المنفي والعربي صار هو المحتل وحاكم الأرض .
قارئي العزيز كلما زاد بحثي وقراءاتي وتراجمي في هذا الموضوع أجد أن الأدب فعلا قد ارتبط بالسياسة ارتباطا وثيقا منذ أقدم العصور . كيف لا ؟! وقد كانت ملحمة الألياذة للشاعر اليوناني هوميروس عملا سياسيا أدبيا إذ يسرد في ملحمته أمجاد الجيش اليوناني وانتصاره الكبير علي جيش طرواده .
وأتذكر في هذا المضمار مقولة الناقد الإنجليزي كولردج Coleridge " الأدب نقد للحياة " وانطلاقا من مقولة كولردج اعتبر الأدب بمثابة الفتيل الذي أشعل الثورة علي التقاليد الأدبية القديمة .