القاهرة 08 اغسطس 2014 الساعة 06:25 م
أثار مسلسل (صديق العمر) الكثير من اللغط بينالسياسيين ، وبين أسرة عبد الناصر وأسرة عبد الحكيم عامر. البعض رأى أنّ المؤلفانحاز لعبد الناصر، والبعض رأى العكس أنه (ظلم) عبد الناصر، وهذا الرأى قاله أغلبالناصريين ومن بينهم أ. أحمد الجمّال(ناصرى / عروبى كبير) الذى قال أنّ المسلسل ((ظلم عبد الناصر والمُشاهد ولم يرصدالحقائق التاريخية. وقال هناك الكثير من النقط السلبية فى المسلسل منها إظهار عبدالناصر فى صورة الشخص الذى ينفرد بالقرار، ولا يستشير من حوله وذلك على خلاف منالحقيقة. وأغفل المسلسل الكثير من المُعطيات والأسباب حول الكثير من التصرفاتوالقرارات المهمة مثل الوحدة الثلاثية عام 1962وتفاصيل دور دول الحوض النفطى والشيوعيينوالإخوان ضد الوحدة.. وأنّ القائمين على المسلسل ظلموا أنفسهم ولم يبحثوا كثيرًافى الحقائق ، وتعجلوا فى عدم التدقيق حول عمق الحقيقة التاريخية فى العلاقة بينعبد الناصر والمشير عامر)) (أهرام 29/7/2014)
إنّهذا النص الذى أدلى به أ. أحمد الجمّال تضمّن مجموعة من المغالطات أولها قوله أنّالمسلسل أظهر عبد الناصر فى صورة الشخص الذى ينفرد بالقرار..الخ وتكمن المغالطة فىأنّ ضباط يوليو1952 الذين كتبوا مذكراتهم أجمعوا على تلك الحقيقة ، ومع ملاحظة أنّمن انتقدوا عبد الناصر من هؤلاء الضباط أشادوا به باعتباره (بطل العروبة) و(قائدالتحرر الوطنى) ومع ذلك أكــّدوا على انفراده بالسلطة ، من بينهم عبد اللطيفالبغدادى الذى كتب أنّ عبد الناصر قال لزملائه أعضاء (مجلس قيادة الثورة) ((كل ماأطلبه منكم أنْ تـُعطونى حق التصرف دون الرجوع إليكم)) وأنه نطقها باللغة الإنجليزية(مذكرات عبد اللطيف البغدادى – ج1- المكتب المصرى الحديث – عام 77- ص115) وكتب أنّعبد الناصر كان يتصرف فى ((مسائل تمس السياسة العامة دون الرجوع إلى المجلس ،والمجلس لا يعترض على هذه التصرفات. وقد أصبح المجلس بذلك هو عبد الناصر)) (ص169) وأنّ((عبد الناصر كان من طبعه أنه يحب أنْ يُبيّن أنه هو كل شىء لكل فرد فى المجلس أوخارجه. وهو يرغب فى أنْ يلجأ إليه أعضاء المجلس فى كل موضوع قبل البت فيه)) (ص178)وكتب ((كان واضحًا للبعض من أعضاء المجلس أنّ عبد الناصر يسعى ويهدف لمحاولة تركيزالسلطة بيديه. وقد اتضح هذا الاتجاه منه عندما اقترح تعيين عبد الحكيم عامر قائدًاعامًا للجيش وترقيته من رتبة الصاغ إلى رتبة اللواء بدلا من أنْ يتولى تلك القيادةضباط محترفون ومتفرغون لها وبعيدين عن ممارسة السياسة. وبهذا التعيين انتقلتْالسيطرة على الجيش من مجلس قيادة الثورة إلى عبد الحكيم وبالتالى إلى عبد الناصر))(217) وفى جلسة 19يونيو55 قال جمال سالم أنه ليس من المعقول ألاّ يكون رأيهم إلزاميًاويُصبح عبد الناصر حرًا فى إصدار ما يراه من قرارت دون التقيد برأى الأغلبية. وقالصلاح سالم ((إنْ كان عبد الناصر سيتحمل كل المسئولية وليس ملزمًا برأى الأغلبية ،فكيف نناقش النظام الذى سيُـتبع بعد انتهاء فترة الانتقال . وما دام سيتحملالمسئولية وحده ، فلنترك له حرية اختيار النظام الذى يراه وعلينا أنْ نـُخلىأنفسنا من هذه المسئولية)) وفى نفس الجلسة قال عبد الناصر ((أنه لا يعقل أنْ أكونمسئولا وفى نفس الوقت أكون مقيدًا برأى الأغلبية)) وكان تعقيب البغدادى ((كانالمعنى الذى أشار إليه عبد الناصر أنْ نتخلى عن القيادة الجماعية وأنْ نـُسلم له(الثورة) وأنْ تنتقل البلاد من حكم الجماعة إلى حكم الفرد)) (234، 235) وكتب ((كانواضحًا أثناء المناقشات أنّ عبد الناصر يرغب فى أنْ تنتقل السلطة إليه دون باقىأعضاء المجلس . كما كان يهدف أيضًا بعد أنْ تنتقل السلطة إليه ألاّ يـُصبح ملتزمًاولو أدبيًا برأى الأغلبية من زملائه حتى فى المسائل الهامة التى لها مساس بالكيانالعام فى البلاد. وكانت أغلبية أعضاء المجلس تتفق معه فى هذا الاتجاه وتؤيده) (249)وفى أثناء أزمة مارس 54 التى كانت التمهيد (أو الفصل الأخير) للاطاحة بمحمد نجيب ،إذ عندما عاد محمد نجيب، ازداد تعلق الشعب به، وازدادتْ كراهية الشعب لعبد الناصر،((باعتقاد أنه السبب فيما حدث وأنه يسعى وراء السلطة والسلطان)) (113) وكتب أنّ جمال لا يريد للمجلس أنْ تكون له قوةوفعالية ((وكنت أظن – فى البداية - أنه جاد فى قيام قيادة جماعية. وقد أصبتُ بخيبةأمل عندما اتضح لى غير ذلك)) خاصة تمسكه بعبد الحكيم عامر كقائد عام للقواتالمسلحة رغم اعتراض أعضاء المجلس (ج2- ص 225) وكانت النتيجة أنّ (مجلس قيادةالثورة) مجرد ديكور(ص224، 226)
وإذا كان البعض يرى أنّ البغدادى كان مـُـتحاملا على عبد الناصر، فهلالناصرى الكبير (خالد محيى الدين) من المتحاملين عليه أيضًا ، خاصة وقد مدحه كثيرًافى مذكراته، ولكنه كان موضوعيًا وهو يكتب عن بعض المواقف مثل قوله ((للحقيقة فإنّعبد الناصر تغيّر سريعًا. وما أنْ وصلنا للحكم حتى بدأ يستشعر حساسية فائقة منأصدقاء الأمس)) (والآن أتكلم - مركز الأهرام للترجمة والنشر- عام 92- ص98) ولتحقيقانفراد الضباط بالسلطة دبّر عبد الناصر جريمة خروج العمال فى مظاهرات تهتف بسقوطالديمقراطية. فكتب خالد محيى الدين ((اعتقد عبد الناصر وكثير من ضباط مجلس(الثورة) أنه إما الثورة أو الديمقراطية. وأنه لا سبيل للالتقاء بينهما. وطوال هذهالمدة انهمك عبد الناصر فى تنفيذ خطته ، فحشد أكبر قدر من ضباط الجيش حوله.وبالتحديد حشدهم حوله على أساس رفض الديمقراطية. وبدأ عن طريق طعيمة والطحاوى فىترتيب اتصالات بقيادات عمال النقل العام لترتيب الاضراب الشهير. وسأورد هنا ماسمعته بنفسى من عبد الناصر. فبعد عودتى من (المنفى) التقيتُ مع عبد الناصر وبدأيحكى لى ما خفى عنى من أحداث مارس 54وقال بصراحة نادرة ((لما لقيتْ المسألة مشنافعه قررت أتحرك وقد كلفنى الأمر أربعة آلاف جنيه)) (من ص 289- 298) وطبعًا هذاالمبلغ من خزينة الدولة حتى يستقر عبد الناصر على كرسى السلطة ويكون منهج المرحلةكلها ((تسقط الديمقراطية..تسقط الأحزاب)) وأنّ عبد الناصر(( ردّد كثيرًا فى حماسمثير للدهشة : إما الثورة أو الديمقراطية. وقد ساعد عبد الناصر على ذلك أنْ ((كانمعه روافد التفكير المُعادى للديمقراطية. ومعه الإذاعة والأمن والمخابرات وهيئةالتحرير)) (من ص 289- 313) وللتأكيد على صفة الدكتاتور التى كتبها البغدادى كثيرًافى مذكراته ذكر خالد محيى الدين أنه هو وزملاؤه تعوّدوا مخاطبة عبدالناصر باسمه(يا جمال) ولكن بعد أنْ عاد من أوروبا ((وجدتُ الجميع ينادونه (يا ريس) وعندماأقام عبد الناصر فى بيته حفل عشاء وقام ليذهب لدورة المياه وقف الجميع . وعندماعاد وقف الجميع حتى جلس)) (331) وللتدليل على أنّ شهادة خالد محيى الدين غيرمجروحة ، ولأنه جزء من الضباط الذين استولوا على الحكم وساهموا فى تخريب مصر، أشادبهم فكتب ((أهم ما أريد أنْ أسجله هو أنّ مصر كانت حسنة الحظ بهؤلاء الرجال ، فقدكانوا يمتلكون قدرًا كافيًا من إنكار الذات مكنهم من أنْ يتباعدوا عن أى تفكير فىالانقضاض على بعضهم البعض ومن ثم الانقضاض على (الثورة) بل وعلى مصر نفسها))(ص327) وزايد أكثر فى دفاعه عن عبد الناصر فكتب أنه ((كان لا يتخذ أى قرار إلاّبناءً على معلومات، لهذا كان شديد الاهتمام بجهاز المخابرات العامة كأحد أجهزة جمعالمعلومات)) (329) وهنا يتأكد الانحياز السافر لضباط يوليو ضد الحقيقة ، فإذا كانالأمر كما ذكر محيى الدين وأنه كان يعتمد على جهاز المخابرات ، فلماذا كانتالكوارث المتتالية مثل تدمير مدن القناة عام 56 وقتل جنودنا فى اليمن ثم كارثةيونيو67؟ فى حين أثبت الواقع أنّ المخابرات العامة كانت مشغولة بالتجسس علىالمواطنين المصريين ، وذلك بشهادة ضابط آخر هو ثروت عكاشة الذى كتب أنّ عبد الناصركان يتضايق من النكت التى أطلقها شعبنا ضد الضباط ، حتى النكتة التى تـُـقال بينشخصيْن فى جلسة ودية داخل جدران البيوت عن طريق استراق السمع بالأساليب البوليسية المختلفة))وذكر ما جاء على لسان شعراوى جمعة (وزير الداخلية) فى التحقيق معه فى شهر أغسطس71حول تسجيل مكالمات ثروت عكاشة. وعندما سأله المُحقق : هل أنت الذى وضعتَ تليفونهتحت المراقبة؟ قال ((أى مكالمات تليفونية لغاية 28ديسمبر70كانت بأمر الرئيس عبدالناصر وبيطلع عليها ونظام البوستة عندى من صورتين: صورة للمعلومات للرئيس وصورةلى بوزارة الداخلية)) (مذكراتى فى السياسة والثقافة- دار الهلال- عام 88- ج2- من ص461- 463) وأكد عكاشة ما ذكره آخرون عن انفراد عبد الناصر بالسلطة فكتب ((مضى عبدالناصر منفردًا بالسلطة. وهى مسئولية يستحيل أنْ يضطلع بها فرد واحد مهما أوتى منمواهب وقدرات)) وعكاشة مثله مثل كل ضباط يوليو الذين تسببوا فى كوارث شعبنا وعلىرأسهم عبد الناصر فكتب ((وما من شك فى أنّ عبد الناصر كان يتميّز بحس سياسى مرهف يُدركبه نبض الجماهير سياسيًا واجتماعيًا وسرعان ما يستجيب لها ، فإذا هو يصوغها قراراتتتفق وتلك النبضات والأحاسيس)) (ص129) ورغم ذلك كتب فى الصفحة التالية عن انفرادعبد الناصر بالسلطة بما فيها السياسية والأمنية ((وكان لهذا أثره فى نفسى وظلّ هذاالأثر حبيسًا فى أعماقى حتى صار مصدر عذاب لى)) وكتب أنه فى ((صحوة الضمير ومحاسبتىلذاتى عن سلبيات نظام الحكم الذى أنتمى إليه كان معها القهر والتنكيل ولم يؤخذ لىفيهل برأى.. وكم تمثلتُ أنى تحت سقف بيت متداع يكاد ينقض حجرًا بعد حجر)) (133،134) وذكر واقعة اعتقال إثنيْن من أعضاء مكتبه. وكانت حجة عبد الحكيم عامر أنهماكانا يمدان شقيقه د. أحمد عكاشة بنكت تمس عبد الناصر وأسلوب حكمه. وأنّ شقيقهينقلها لأحمد أبو الفتح المـُـقيم فى جنيف لتكون مادة للتشهير بالنظام فى كتابيعده لهذا الغرض . فى حين كان شقيقه فى لندن وأنّ المدير الفنى المُـتهم بنقل تلكالنكت كان فى يوغسلافيا ((ومعنى هذا أنه لم يكن ثمة لقاء بينهما ، فكيف فات هذاكله على جهازىْ المخابرات العامة والحربية اللذيْن حاكا تلك المكيدة ؟ ولقد حاولعبد الحكيم عامر أنْ يسترضينى ولكنه لم يُحرك ساكنًا. إنّ أحمد أبو الفتح زوجشقيقتى . وإنى أتساءل هل يؤخذ أى إنسان بجريرة قريب له ؟ وإنْ صح أنّ أحمد أبو الفتحله صلة بالموضوع فما ذنبى وما جريرتى؟ هل استطاعتْ أجهزة المخابرات بجبروتهاوقوتها أنْ تـُديننى أية إدانة ؟ ثم أين الكتاب الذى ادعوا أنّ أبو الفتح سيُصدرهوبه تلك النكت ؟ اللهم إنى أعلم علم اليقين أنّ شيئـًا من هذا لم يكن. والانصافيقتضينى أنْ أقول أنّ هذا الرجل الشريف (أبو الفتح) الذى لا شكّ فى نزاهته ووطنيتهقد لقى على يد قيادة (الثورة) جزاء سنمار لاختلافه معها حول تطبيق الديمقراطية ،فناله منها ظلم فادح جارح دون أنْ تشفع له مواقفه الشجاعة السابقة لنصرتها وتأييدرجالها . وقد كنتُ الشاهد الأول على ما كان . ومن هذا كله يتبيّن أنّ كل ما صدر عنأجهزة المخابرات كان هراءً فى هراء . وفى يوم 23سبتمبر62 طلب عبد الناصر مقابلتىفقال ((إنى لم أطلق سراح عضوىْ مكتبك إلاّ إكرامًا لك)) ثم سأله : هل لازلتَ علىصلة بأحمد أبو الفتح ؟ وأضاف عبد الناصر((إنى قبل أنْ أوافق على القبض عليهما جاءنىالمشير عامر وطلب إرجاء القبض عليهما حتى تعود إلى القاهرة ولكننى لم آخذ برأيهوأمضيتُ أمر القبض عليهما)) وعندما أعرب عكاشة عن استيائه من اعتقال الأبرياءوتقدم بالاستقالة قال عبدالناصر((إنّ نظامنا الرئاسى لا يعرف استقالة الوزير)) (من139- 145) وكانت النتيجة الحتمية ((فى نهاية الأمر ما تفشى فى صفوفنا من عبثواستهتار، ومرد هذا كله هو أنّ الحاكم المطلق – أى حاكم مطلق – لا يعنيه من التجاوزاتإلاّ ما يمس شخصه والولاء له. وعلى نمط الحاكم الفرد (مثل عبد الناصر) تكون غالبيةأعوانه)) (277، 278)
وذكر عكاشة واقعة فيها أحد مفاتيح فهم شخصية عبد الناصر، وملخصها أنه فىعام 54 اختار عبد الناصر سكرتيرًا له أحد الضباط الصغار (سامى شرف) وعلــّـل عبد الناصرسبب اختياره - مع أنه ليس من الضباط (الأحرار) – بأنه شديد الولاء (للثورة) فسألهعكاشة كيف تأكد من هذا الولاء ؟ قال عبد الناصر((لقد شهد ضد شقيقه فى أعمال مضادةللثورة . وأقسم لى أنه على استعداد لأنْ يذبح أبناءه إذا أمرته بذلك)) فكان تعليقعكاشة المُـفعم بروح المثقف المُـتمرد على الضابط الوزير((وكاد حلقى يغص بالطعام .وعاجلنى إحساس غريب بالخشية والتشاؤم والذهول . ولم أتمالك نفسى أنْ قلتُ له : إنّهذه الشهادة من هذا الضابط تسلخه من إنسانيته. وأنّ هذا القسم منه شطط كله. وبعيدًاأنْ يصدر عن إنسان سوى . وإنى لأعجب كيف يغيب عنك هذا)) ويستمر عكاشة فكتب ((وقرّفى أعماقى لحظتها أنّ بقاء هذا الضابط إلى جوار الرئيس سيكون مصدر شر بغير حدود لاعليه وحده بل على الوطن كله. ولم يخب ظنى فقد أخذتْ السلطة تتركز فى يديه شيئـًافشيئـًا ولم تمض عدة سنوات حتى نصّبَ من نفسه قيصرًا يدين له الوزراء والسفراءوأصحاب المراكز العليا الحساسة بالولاء. وأصبح مُـفزع كل موظف صغر أم كبر. وسرعانما سارتْ على ألسنة الناس النكتة التى تقول : إذا كان لأحدكم حاجة عند سامى شرففليتوسط لها جمال عبدالناصر)) وذكر أيضًا ((كم أحسستُ وأحسّ غيرى من الوزراء بعقباتوعراقيل لا حصر لها فى تصريف شئون وزاراتنا كان وراءها سامى شرف مدير مكتب الرئيسللمعلومات . وكان الرئيس قد وثق به وترك له بعد هزيمة 67 الحبل على الغارب ليقوم بالتصرففى عديد من الأمور على هواه)) وفى المُـلحق الذى نشره عكاشة ، اعترف سامى شرف فىالتحقيق الذى أجرى معه عام 71 أنه قام بالوشاية ضد شقيقيه مما ألحق بهما أضرارًابالغة. وكان أحدهما ضابطـًا بالشرطة وينتمى لجماعة الإخوان المسلمين والثانى كانضابطـًا بالقوات المسلحة (نقلا عن المؤرخ العسكرى جمال حماد فى كتابه"الحكومة الخفية فى عهد عبد الناصر" ص111، 112) وقد أقام سامى شرف دعوىضد جمال حماد طلب فيها بتعويض مليون جنيه. وصدر حكم محكمة جنايات القاهرة ببراءةالمدعى عليه (جمال حماد) وإلزام المدعى (سامى شرف) بالمصروفات (من 435- 437، 450)
سامى شرف آحد الذين وثق فيهم عبد الناصر، لمجرد أنه وشى بشقيقيه وعلى أتمالاستعداد لذبح أولاده إذا طلب منه عبد الناصر ذلك ، وهكذا يمكن فهم شخصية عبد الناصر،فتلك العلاقة بينه وبين سامى شرف تـُقدّم المفتاح لأصغر محلل سياسى ولأصغر محللنفسى لمعرفة شخصية عبد الناصر الذى (تمتــّع بموهبة التآمر) فتخلــّص من رفقاءالسلاح (يوسف صديق، خالد محيى الدين) وغدر بالشخص الواجهة (محمد نجيب) واعتقلالشرفاء (المقدم حسنى الدمنهورى الذى كاد أنْ يموت من التعذيب وحكم عليه بالاعدامثم خفف الحكم للمؤبد) وتخلص من الخصوم السياسيين (وفديين وليبراليين وشيوعيين) وتخلــّصمن المنافسين (الإخوان المسلمين) والسؤال المسكوت عنه هل كان عبدالناصر يمتلك(عبقرية الأشرار) وعمره 34سنة فى عام 52 ليُخطط لكل تلك المؤامرات ، أم كانت وراءهأجهزة عالمية تـُخطط له ؟ خاصة وعلاقته بالسفارة الأمريكية- قبل وبعد يوليو52- اعترفبها كل ضباط يوليو الذين كتبوا مذكراتهم ، وتطابقه مع الأمريكان فى أنّ ((أخطر مايُهدّد مصر هو وباء الشيوعية)) وهو ما استغله الضباط الأشرار (وفق تعبير محمدنجيب) فانتهزوا إضراب عمال كفر الدوار وقاموا بتدبير المذبحة الشهيرة لهم فى شهرأغسطس 52 أى بعد استيلائهم على مصر بعشرين يومًا ، وإعدام العامليْن مصطفى خميسومحمد البقرى واتهامهما بالشيوعية. ورغم كل ذلك فإنّ أغلب الناصريين وأغلبالماركسيين المصريين وأغلب العروبيين (المصريين) يرون أنّ مسلسل (صديق العمر) ظلمعبد الناصر، رغم أنّ المؤلف تجنـّب الاقتراب من حقول الألغام التى أثبتتها الوقائعوتسبّبت فى العديد من الكوارث (على شعبنا المصرى وعلى الدول العربية وعلى الشعبالفلسطينى) وكانت حجة المؤلف أنه كتبالمسلسل فى ثلاثة شهور (أهرام 29/7/2014) علمًا بأنه يحتاج – لو توفرّتْ النيةلعمل إبداعى يجمع بين الصدق التاريخى والمتعة الفنية- لثلاث سنوات على أقل تقدير.
***