القاهرة 23 يوليو 2014 الساعة 03:58 م
الكلمات حروف مركبة تحمل معاني متنوعة منها ما هو طيب ومنها غير ذلك ولكن أحلى الكلمات هي تلك التي تحمل البشري كما تحمل النذير، إنها تحمل الترهيب وتحمل الترغيب إنها كلمات الله سبحانه وتعالى في المنزلة على سيدنا محمد بن عبد الله (ص) والذي بدوره استوعبها حق الاستيعاب وعمل بها حق العمل ولذلك عندما سألت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله فقالت " كان خلقه القرآن" وأكد ذلك القرآن الكريم بقوله " لكم في رسول أسوة حسنة" وبقوله " فاعف عنهم واستغفر لهم " وقوله " وانك لعلى خلق عظيم" وقال النبي الكريم " أدبني ربي فأحسن تأديبي" هذه بعض عطور من كلمات الله ورسوله تحمل أجمل المعاني وارقها وأكثرها عطرا ربانيا ، ولقد عشت في رمضان المبارك ساعات تحمل روحانية خاصة كما قال الصوفية " ذق تعرف" وقولهم" من ذاق شرب القوم يدريه" وهو شراب رباني ينهل منه اولو العزم من البشر بعد الرسل عليهم صلوات الله وسلام. " عطر الكلمات" هو عنوان كتاب من تأليف الأستاذ محمود احمد شقير صدر قبل شهر رمضان بأيام قلائل ليقدم فيه المؤلف خلاصة تجاربه مع كتاب الله ومع أحاديث الرسول ومع شعائر الإسلام من عبارات وفي مقدمتها فرائض الصلاة والصوم والزكاة والحج، ويبدأ الكتاب بفصلين مهمين أولهما بعنوان " في محبة الله" والثاني " في محبة سيد الأولين والآخرين" وبعد ذلك يتناول المؤلف مفهوم الجهاد في الإسلام وينتقل إلى النكبة الفلسطينية وتشريد الفلسطينيين واسر المسجد الأقصى ثم يبحث في الفصل الخامس ما يسميه "الثقافة الإسلامية" من حيث قيم المروءة والرحمة والعمل والضمير والحرية وفي الفصل السادس يتحدث عن المشاكل العائلية وهمومها وحقوق كل طرف تجاه الآخر والفصل السابع بعنوان نحو مجتمع فاضل حيث يعرض لمفاهيم الحلال والحرام وأدب القران والسعادة والظلم والشراكة المجتمعية في حفظ الأمن والنظام والمواطنة والحوار.
أما الكتاب الثاني للمؤلف فهو بعنوان " رمضان يجمعنا " وهو اصغر حجما من الكتاب الأول حيث يرحب المؤلف بقدوم شهر رمضان ويوضح كيف تعامل النبي (ص) مع الشهر الفضيل وخاصة مع العشر الأواخر من شهر رمضان ويتناول آداب الصوم وزكاة الفطر.
ونسوق مجموعة صغيرة من الملاحظات على الكتابين:
الأولى: حسن إجادة الكاتب في اختياره لعنوان " عطر الكلمات " فهو لم يقل عطر الكلام فالكلام كثيرا ما يكون هراء آو غير ملائم ، أما الكلمات فتحمل في سياقها مفهوم الانتقاء والاختيار والكتاب الثاني بعنوان" رمضان يجمعنا: وهو بهذا يجعل رمضان شهر التعارف والتآلف والتخلي عن الخصام بين الناس عامة والمسلمين خاصة.
الثانية: إن كلا من الكتابين تناول بتحليل عميق المفاهيم والأفكار التي تناولها مستندا لكتاب الله وسنة رسوله، وفي نفس الوقت ربط بين موضوعات كل كتاب وبين قضية فلسطين التي ينتمي إليها الباحث والتي هي قضية محورية للعالمين العربي والإسلامي، كما يربط بين المفاهيم واهم قضيتين تشغلان بال كثير من المواطنين وهما الأولى : قضية الأمن الوطني والشراكة المجتمعية والثانية: قضية المواطنة والحوار وهاتان القضيتان متصلتان أيما اتصال بشهر رمضان وبعطر الكلمات التي تنزلت من لدن حكيم عليم وحملها الأمين جبريل للحبيب محمد لكي يعيش فيها وينقلها لخير امة أخرجت للناس وان كان حالنا اليوم ابعد ما يكون عن ذلك.
الثالثة: إن الكتابين طبعا أولها على نفقة هيئة شؤون الإعلام والثاني على نفقة جامعة العلوم التطبيقية ولذلك كان حريا بالمؤلف إن يعبر عن الشكر لتلك الهيئة وللجامعة وفي نفس الوقت كان المؤلف يهديهما مجانا للناس وسجل ذلك على غلاف كل كتاب بأنه " يهدي ولا يباع" حتى يكون ذلك عرفانا بفضل الله الذي منحه العلم والقلم ومن ثم خط هذه الكلمات من ناحية ، وعرفانا بفضل الجهات التي تولت الطبع والنشر.
الرابعة: إن الأستاذ محمود شقير هو أستاذ اللغة العربية ومدقق في معانيها وهو خبير في مضامين الكلمات ودلالاتها ويبدو انه رغب بهذين الكتابين أن يقدم هدية لأبناء العروبة والإسلام حتى يجتذبهم إلي الروحانية من كثرة الانشغال بالمصالح الدنيوية ويعيدهم ولو لبعض الوقت لعطر الكلمات وأعذبها والتي هي رحمة للعالمين وفيه شفاء للناس وأي رحمة وأي شفاء ينتج عن كلام الله وكلام رسوله الذي ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى . وهذا الوحي عندما ينتقل للإنسان العادي الذي ليس نبيا ولا رسولا فيصبح إلهاما، وكان الأستاذ شقير ملهماً حفا فيما اختاره من معان وكلمات ، ولذلك كان حقيقا به أن يختار عنوان " عطر الكلمات".
الخامسة: إن الأستاذ شقير في هذين الكتابين يعلمنا الكثير من المفاهيم العملية عن الإسلام والوطن والقيم والمجتمع والحوار كأداة في التواصل بين الناس وهو بهذا اقرب إلى وصايا لقمان الحكيم لابنه ، وأنا اعرف أن الأستاذ شقير له أبناء وبنات وحفدة، وأتساءل هل كتب ذلك وفي ذهنه تعليم أبنائه وحفدته؟ أم كتبها وفي ذهنه تعليم الخلق أجمعين؟ واعتقد أن دافعه كان الأمرين معا ، ولهذا ينطبق عليه قول الرسول الكريم " خيركم من تعلم العلم وعلمه" فشكرا له على هذا الإهداء القيم وعلى المضمون في "عطر الكلمات" وفي "رمضان يجمعنا" ودعواتي بان يجزيه الله خير الجزاء، ويرشدنا للاستفادة بهذا الأفكار القيمة التي تنعش الذاكرة وتنشر القيم فضلا عن العبادات والشعائر الإسلامية من منظور صحيح وليس منظور التطرف والتشدد الذي أساء للإسلام أيما إساءة.
وأخيراً أقول للأستاذ شقير نفعك الله بالعلم ونفع بك المسلمين وبارك الله في قلمكم وخاصة الإشارة لفلسطين الحبيبة، والتأكيد على مفهوم المواطنة والأمن وهما شاغل كل عربي في هذه الأيام ، ودعواتي بان يجعل الله مملكة البحرين التي احتضنتك كما احتضنت كثيرين من أبناء العروبة والإسلام وجعلها آمنة مستقرة مزدهرة في ظل قياداتها الرشيدة ، وأسبغ نعمه وأمنه على سائر بلاد المسلمين ، والسلام على من اتبع الهدى ، وسلام من الله على سائر خلقه. وكمواطن مصري مسلم أقول جعل الله مصر دائما تعيش في رحاب قوله تعالى " ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" وأضيف وسائر بلاد المسلمين" بل سائر بلاد العالم.