القاهرة 03 يوليو 2014 الساعة 01:59 م
لا مكان للشهداء
غسل الشهداء شوارع مصر وأهدوا للأرض هداياهم وانصرفوا
جاء الأفاقون – الكذابون – الدجالون – القتلة
حشدوا معهم كل الجهلة
أخفوا لمعان خناجرهم كي يخفوا ما كانوا اقترفوا
شحذوا بالمكر حناجرهم ثم اندفعوا لشوارع مصر
كي يختلسوا ثمرات النصر
وكأن شظايا الجمرة لم توقد ثورة
وكأن الجمرة أحرقت الأغصان ووارتها في أضلاع الصحراء
فتوارت أسماء الشهداء
وسقطنا في أعمق حفرة
* * *
صوت همجي يسخر من أرض تعشق موج الألوان
انبذْ جارك .. حرر من جيرته نفسك
ازرع قلبك شرا لتكافأ بالغفران
سَلِّمْ رأسك
كي أحميها من حد السيف إذا ما شئت
أو فلتترك لي هذا البيت
حتى تبعد عنا رجسك
بشراكم قد جاء الإخوان
وحش .. وحشان .. وحوش تلبس جلد أرانب أو غزلان
والويل لمن يتقدم حرا للميدان
* * *
ينسكب اليأس على الأرض فينزلق الناس
على جثث الأحلام المسحوقة
والرعب يدق على الأبواب
الرعب يطل فيبعدنا عن أنفسنا وعن الأحباب
من منا يجرؤ أن يبحث عما قد ضاع من الأفراح المسروقة ؟
* * *
يا من لم تمسَسْكَ النيران
وبيوت الناس تراها حولك تحترقُ
مددْ جسمك فوق سريرك .. نَمْ باطمئنان
لا تسمع كيف رصاص الإخوة ينطلقُ
لا تسمع أصوات الحرية
أبعد أفكارك عن درعا أو عن صنعاء
حررْ ذهنك من مصراتةَ .. من سيلِ دماء
أبعدْ عنك وجوه الشهداء
أو فاستيقظ للفرجة سرا حين تشاء
وتعلمْ دوما كيف يحجّ الشيطان
* * *
في زمنٍ ينذرنا بالويل
غسل الشهداء شوارع مصر وأهدوا للأرض هداياهم وانصرفوا
بات الجيرانُ الليلَ حيارى واقتتلوا لما اختلفوا
( رعب أكبر من هذا سوف ) يطل!
اعترافات متفرج
( مهداة للشاعر الكبير الصديق سميح القاسم )
لم أكن ألمح إلا ظلَّ إنسان وأوراقَ خريف تتبعثر
كانت الأرض خرابا وهو يمشي مغمضا حتى يرى ماليس يظهر
وعلى الرأس من الأشواك إكليلُ ُ مفخخ
وعلى جلبابه آثارُ تعذيبٍ ولفْحاتُ جحيمٍٍ من سياط
وعلى الركبة جرحُ ُ نازفٌ دون رباط
وهو يمشي مطمئنا وعلى الجفنين إشراقُ يقينٍ يترسخ
كانت الأرض خرابا وجنودا وحرابا
حين نادَى شاردَ الروح: لماذا قد تخليتَ عن الناس وعني
وتركتَ الحق يزداد اغترابا؟
ولماذا غبتَ عني تاركاً لي نبضَ حزني؟
ولماذا - يا حبيبي - قد نسيتَ التعساء
وتركت الخير مسلوباً وماءَ النهر مسموما على أيدي الجناة؟
ولماذا تُغرق الأرضَ بطوفان الطغاة؟
ولماذا تترك الغربان تحتل السماء؟
* * *
لم أكن ألمح إلا ظلَّ إنسان مصفَّد
أَهْوَ إخناتون يخطو في دهاليز الأزمنة
باحثا عن نهر حب كانَ يُحيي موطنه؟
أهي عشتار أطلت جنب اطلالٍ لمعبد؟
أهو بوذا عاد للأرض فأخفى دمعه عن كل عين مبصرة؟
أهو عيسى عاد يجتاز دروب المجزرة؟
أهو حزن يتمشى فى شرايين محمد؟
لستُ - في العتمة - أدري فأنا كنت مسَّهد
لم أكن ألمح إلا ظلَّ إنسانٍ يتدحرج
لست أدري.. كل ما أدريه أني كنت في الشرفة - ليلاً - أتفرج